شبح توظيف الأموال يطل من جديد فى السوق المصرية لكن بشكل مختلف وهو تجارة العملات أو «الفوركس»، وهو ما تعنى باختصار سوق العملات الأجنبية أو البورصة العالمية للنقود الأجنبية، ويتم التعامل بالعملات فى سوق العملات (forex) على أساس أزواج من العملات، وعلى ذلك يقوم المضاربون بشراء أو بيع عملة واحدة مقابل الأخرى على أمل تحقيق الربح عندما تتغير قيمة العملات. الخبير المالى وائل النحاس قال ل«التحرير»: إن شركات الفوركس هى نفسها شركات المضاربة على العملات، وهى غير شرعية وفقا للقوانين المصرية، لكنها تمارس أعمالها تحت مسميات أخرى، مثل شركات الاستشارات أو الخدمات المالية.. والشركات الموجودة فى مصر ما هى إلا وكلات للشركات الأم فى الخارج، ويقوم الوكلاء العاملون بمصر بإنشاء حساب (Ib) للعميل، يتم بموجبه إيداع المبالغ التى سيتم تداول العمالات بها لدى الشركة الأم التى تقوم بالشراء والبيع لوكلائها.. وتقتصر مهمة الوكيل فى مصر على التوصية لدى العميل بالبيع أو الشراء لعملة معينة وإبلاغ الشركة الأم. النحاس أكد أن شركات الفوركس تقوم بكل الانتهاكات المالية من خلال عمليات البيع على المكشوف، وإقراض العملاء لمزيد من المضاربات دون أى غطاء رقابى يذكر، نظرا لأنها غير مرخصة من الأساس، وهو ما يعرض المتعاملين بسوق العملات لمخاطر عالية، مطالبا بتقنين تلك الشركات غير المرخصة ووضعها تحت إشراف هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى، وهو الأمر الذى يرى النحاس أنه يحقق مكاسب للدولة من الضرائب المحصلة من خلال هذه الشركات. الأسباب التى أسهمت فى انتشار الفوركس بسوق المال المصرية بعد الثورة، يكشفها رئيس جمعية الاستثمار العربى المباشر هانى توفيق، الذى انضم إلى المحذرين من تلك الظاهرة، قائلا «هذه الظاهرة (المضاربة بالعملات) تتواكب مع الأزمات الاقتصادية بأى دولة، إذ ينشأ عن تلك الأزمات معدلات بطالة عالية تستوجب تحركا فوريا نحو الكسب السريع دون النظر إلى معدلات المخاطرة الناتجة عن هذه التحركات، بالإضافة إلى تدنى قيم الأوراق المالية بسوق المال الشرعية (البورصة)، وهو الأمر الذى يؤدى إلى انسحاب المستثمرين من البورصة إلى سوق مواز أكثر ربحية، وفقا لمعتقداتهم»، لافتا إلى أن شركات الفوركس تمنح المتعاملين معدل فائدة على الاستثمارات يتراوح من «6: 10»% شهريا، وهو ما وصفه توفيق بالوهم، وعلل ذلك ب«عدم تحرك العملات بهذه النسب صعودا». لافتا إلى أن زيادة أعداد المتعاملين فى الفوركس يؤدى إلى تدمير الاقتصاد، «لأنها بمثابة سحب السيولة من السوق بالعملات المختلفة وتحويلها إلى جيوب الوكلاء والشركات الأم، وبالتالى انخفاض معدلات الادخار والودائع بالبنوك، وهو ما يفسد أى اقتصاد». المحلل فى شركة «بايونيرز للأوراق المالية» إسلام عبد العاطى اعتبر أن التعامل فى سوق تداول العملات من أخطر أنواع الاستثمارات المالية، خصوصا أنها ترتبط بتسهيلات مالية توفر للمتعاملين فى السوق خطوط ائتمان مرتفعة تصل إلى ما نسبته 400 بالمئة من رأس المال؛ «فمن يمتلك 20 ألف دولار يمكنه المضاربة بما يقارب 100 ألف دولار».