مسلسل "الاعتداء على المعلمين في المدارس" عرض مستمر لم ينتهِ بعد، حيثى بدأت أولى حلقاته منذ بدء العام الدراسي الحالي رغم أنَّ لائحة الانضباط المدرسي التي أقرَّتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني هذا العام تنص على حماية المعلم من أي اعتداءات. اللائحة التي تنص على عقوبات واضحة في حال الاعتداء على المعلم من قبل الطلاب لم تكن كافيةً لحماية المعلم، فمع اعتداءات الطلاب على المعلمين جاءت حلقة جديدة تتمثل في الاعتداء بالضرب المبرح على المعلمين من قِبل أولياء أمور على مرأى الطلاب. سحل معلمة وتمزيق ملابسها في الفصل أبرز وقائع الاعتداءات هذا العام تمثَّلت في اعتداء ولي أمر إحدى طالبات مدرسة أبو اليسر للتعليم الأساسي التابعة لإدارة جنوبالجيزة وآخرين بالضرب المبرح على إحدى المعلمات بالمدرسة بل وسحل وتمزيق ملابس المعلمة داخل الفصل أثناء شرحها بعد اعتراض المعلمة دخول ولي أمر الطالبة للفصل، وعلى إثر هذه الواقعة تمَّ تحرير محضر وإلقاء القبض على المعتدين وإحالة الأمر للنيابة. اعتداء على مديرة مدرسة.. والسبب: "تطبيق القانون" أيضًا شهدت مدرسة رفاعة الطهطاوي بإدارة شمال الجيزة التعليمية حادث اعتداء على مديرة المدرسة من جانب ولي أمر طالبة، حيث أصرَّت على الدخول إلى الفصل مع ابنتها التي تدرس بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة، وحاولت المديرة إقناعها بأنَّ هذا الأمر غير قانوني، ما أغضب السيدة لدرجةٍ جعلتها تعتدي على مديرة المدرسة، وعلى الفور تمَّ إبلاغ الشرطة، التي ألقت القبض على السيدة، وقررت مديرية التربية والتعليم بالجيزة استبعاد ابنتها من المدرسة ونقلها إلى مدرسة أخرى خارج مربعها السكني. سلاح أبيض في المدرسة مجهولون اقتحموا مدرسة بني الهلال بالقوصية بمحافظة أسيوط، واعتدوا على المعلمين بالضرب بالشوم والسلاح الأبيض، مما اسفر عن اصابة معلمى المدرسة . الطلاب.. مَجنٍ عليهم أيضًا لم يقتصر مسلسل الاعتداء على المعلمين فقط بل أيضًا وقائع تعدٍ على الطلاب، فمنذ بدء الدراسة وتلقي وقائع الاعتداء الجنسي بظلالها على طلاب المدارس أيضًا. اغتصاب مجهول في أحد الفصول تعرَّضت إحدى التلميذات بالصف الرابع الابتدائي لمحاولة للاعتداء عليها من مجهول بإحدى المدارس الخاصة التابعة لإدارة الخصوص التعليمية بمحافظة القليوبية، فقرر الوزير الدكتور الهلالي الشربيني إحالة الأمر للتحقيق، وأكد الوزير أنَّه لا تهاون مع المقصرين في هذه الواقعة، ومعاقبة ومحاسبة كل من تسبب فيما حدث. حدث فعلاً.. طالب يقتل زميله في مدرسة ألقت قوات الأمن بالغربية ألقت القبض على طالبٍ بمدرسة سنباط الثانوية بزفتى متهم بقتل زميله بالمدرسة، على خلفية مشادة كلامية بسبب الجدول الدراسي واللهو في حصة الألعاب. خرطوم الأستاذ يعذِّب تلميذة الوزير قرر بفتح تحقيق في بلاغ ولي أمر إحدى طالبات مدرسة ذكي مبارك بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية حول تعدي إحدى معلمات المدرسة على ابنته بالضرب مستخدمة الخرطوم. تلميذ.. يخسر عينه ب"شجرة زميله" الشربيني أيضًا أمر بسرعة التحقيق في واقعة إصابة التلميذ علي سعيد محمد سلام بمدرسة الشهيد عمرو دهشان للتعليم الأساسي التابعة لإدارة إطسا التعليمية بمحافظة الفيوم بعد أن تبيَّن أنَّه كان يلعب مع زملائه أثناء الفسحة، وأصابه زميله بفرع شجرة صغير في إحدى عينيه. العنف في المدارس.. الأزمة والحل وإزاء ظاهرة العنف المتبادل سواء بين الطالب والمعلم أو المعلمين وأولياء الأمور أو العنف المتبادل بين الطلاب أنفسهم، فتحت "التحرير" ملف أسباب ظاهرة العنف المتبادل التي ألقت بظلالها على المنظومة التعليمية منذ بدء العام الدراسي. الضغوط تنتج عنفًا بدايةً، قال عبد الناصر إسماعيل رئيس اتحاد المعلمين: "ظاهرة العنف المتبادل داخل المدرسة أصبحت جزءًا من العنف المجتمعي نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية الموجودة في مصر حاليا لكن خصوصية التعليم في ظاهرة العنف تأتي نتيجة لإهدار مجموعة من القيم الأساسية أولهم لإهدار قيمة المعلم وهذا بسبب المناهج التي حولته إلى ملقن، فضلاً عن تدني الأجور فأصبح يتعامل مع الطالب بصفته زبونًا أو تاجرًا وهذا أدَّى إلى إهدار قيمة المعلم داخل المنظومة التعليمية، ثانيًا إهدار قيمة المدرسة، وثالثًا إهدار قيمة التعليم والتعلم وهذه تمَّ إهدارها نتيجة لارتفاع نسب البطالة خاصة بين خريجي الجامعات والمؤهلات المتوسطة، وعدم إتاحة بدائل جديدة للتعليم أمام الطالب تؤهله لسوق العمل، وبالتالي فإنَّ إهدار هذة القيم الثلاثة في التعليم لابد أن تحل محلها قيم أخرى جديدة مرتبطة بظاهرة العنف". لماذا العنف؟ أرجع أيمن البيلي منسِّق جبهة تحرير نقابة المعلمين أسباب ظاهرة العنف المتزايد والمتبادل بين الطالب والمعلم وولي الأمر وأحيانا بين الإدارة المدرسية وولي الأمر إلى غياب ديمقراطية التعليم والتعلم وانتشار الدروس الخصوصية، والتعليم الخاص الذي يلقى اهتمامًا من الدولة، وكذا اختلاف المناهج وطرق التدريس والتخلف المهني والإداري في ظل ثورة التكنولوجيا والمعلومات، فضلاً عن ضياع هيبة المعلم نتيجة تدني أوضاعه الاجتماعية واللجوء إلى الدروس الخصوصية، وانحسار الأنشطة المدرسية داخل الفصول، وعدم توافر الأدوات اللازمة لممارسة الأنشطة بشكل فعال وحقيقي، وارتفاع كثافة الفصول، وانعدام دور المدرسة كمؤسسة تربوية وتحول دور المعلم إلى جليس أطفال حتى انتهاء مواعيد العمل، وعدم مشاركة الأطفال في التعبير عن ظاهرة العنف. ولفت البيلي إلى أنَّه من أسباب العنف أيضًا غياب الوعى بخطورة انتشار العنف داخل المدارس بكل أشكاله وصوره، ونقص الاهتمام بتنمية المهارات الحياتية ورعاية الأطفال وخاصة الأطفال المشكلين داخل المدارس، وضعف المشاركة المجتمعية في التصدى لظاهرة العنف، وعدم القدرة على الحد من التسرب داخل المدارس. وأوضح أنَّ علاج الظاهرة تتمثل في بدء تنفيذ مشروع "تعلم بلا عنف" وتجربته على عددٍ من المدارس، وتدريب كل أطراف العملية التعليمية على الديمقراطية وإعادة تأهيل الأخصائيين الاجتماعيين لتمكينهم من القدرة على التعامل مع المتغيرات السلوكية الجديدة المكتسبة نتيجة التغيرات التي حدثت في المجتمع اقتصاديًّا وفكريًّا، إضافةً إلى عقد دورات تاْهلية لأولياء الأمور في كيفية التوجيه والإرشاد لأبنائهم للحد من سلوكياتهم العنيفة، وتفعيل البروتوكولات الموقعة بين وزارة التربية والتعليم والوزارات المختلفة لتحويل المدارس إلى بؤر تنويرية للبيئة المحيطة، وتبني الدولة لمشروع "المدرسة الشعبية" أي تبرع أفراد الشعب لبناء المدارس للوصول لمعدلات الكثافة التي يمكن معها الوصول إلى معدلات الجودة العالمية في التعليم ومن ثمَّ تنخفض نسبة العنف. عنف من بعد فقر من جهته، قال طارق نور الدين الخبير التعليمي، معاون وزير التعليم الأسبق، إنَّ من أهم أسباب هذه الظاهرة الجهل والفقر وانعكاس الانحدار الأخلاقي في المجتمع على العلاقة بين الطالب والمعلم، فضلاً عن دور الدراما في تشويه صورة المعلم، إضافةً إلى تفشي ظاهرة "العصابات الشبابية في للمرحلة الثانوية. وعن كيفية علاج الظاهرة، أوضح أنَّ علاج الظاهرة تتمثل في مشاركة منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإعلام في حملة تثقيفية للطلاب بخطورة الظاهرة والاهتمام بآرائهم في العمل بها، ومشاركتهم في وضع اللوائح مثل لائحة الانضباط، وتنظيم حملات إعلانية على رأس الساعة في التلفزيون لتوعية الشباب والمجتمع ضرورة الاحترام المتبادل، وتغيير نظرة الدراما للتعليم، وإنتاج أعمال فنية تدعو لاحترام العلاقة بين المعلم والتلميذ، وتجريم ما يحدث من اعتداءات على الطرفين وتغليظ العقوبة.