أصبح العنف داخل مدارس المنيا وعدوان بعض التلاميذ علي معلميهم ظاهرة تستحق التوقف عندها. خاصة أن البعض يراه محلاً للفخر في ظل الانفلات الأمني والأخلاقي الذي شهدته البلاد وتقتضي موقفاً من وزارة التربية والتعليم لرد الاعتبار للمعلم وكذلك أيضاً من المعلمين لرد الاعتبار لأنفسهم والابتعاد عما يحط من كرامتهم. في واحدة من حالات تعدي الطلاب علي المدرسين في المنيا خلال العام الدراسي المنقضي لقي مدرس مصرعه علي يد طالب وشقيقه. بينما يرقد مدرس آخر في العناية المركزة نتيجة تعرضه لاعتداء ولي أمر. وفي واقعة ثالثة قتل طالب آخر علي يد زميله داخل فناء المدرسة. والغريب أن البعض يري في قرار منع ضرب التلاميذ الفصول سبباً لتلك الظاهرة. يري عصام أحمد بخيت "ولي أمر" أن إلغاء حصص التربية الرياضية يلعب دوراً مهماً في تأجيج العنف. إضافة لوجود خلل في المنزل. ويرجع حسن محمود أحمد "موظف" ظاهرة الاعتداء علي المدرسين إلي ضعف رقابة الأسرة ودورها في التنشئة الاجتماعية وغياب القدوة والمثل الأعلي. يقول محمد كامل "عضو نقابة المعلمين" إن الانفلات الأمني والأخلاقي بعد ثورة 25 يناير أثر بشكل واضح داخل المدارس وأدي إلي إهدار كرامة المعلم وعدم معاقبة الطالب وولي الأمر عند حدوث خطأ في حق المدرس. مطالباً بمعاقبة الطالب المتجاوز لتصل العقوبة إلي الفصل أو تحويله للنيابة إذا لزم الأمر. أكد توفيق محفوظ "مدير عام" بالتربية والتعليم سابقاً بالمعاش حالياً. قرار الوزير السابق بعدم ضرب الطالب والتقارير الطبية "الفشنك" التي يستخرجها ولي الأمر والطالب من المستشفيات لمعاقبة المدرس جعلت الطالب وولي أمره في وضع أقوي من المدرس. يقول خيري فؤاد "نقيب المعلمين بسمالوط": إن هناك ضعفاً في الإدارة بالمدارس ولابد من مراعاة اختيار قيادات المدارس علي أساس القدرة علي التعامل مع الطالب تربوياً. كما أن هناك انقساماً داخل المكان الواحد تبعاً للانتماءات الحزبية وللأسف هذا الانقسام داخل المدارس يؤدي إلي انهيار العملية التعليمية ولابد من التصدي بشدة للطلاب المشاغبين واستبعادهم أو فصلهم ولا ننسي أنه عند خطأ المعلم أو خروجه عن التقاليد التربوية لابد أيضاً أن يعاقب أو يحول لوظيفة أخري. يطالب ياسر التركي مدير مركز "الحياة لحقوق الإنسان" بضرورة اتخاذ الإجراءات الحاسمة ضد كل مقصر سواء طالب أو مدرس. مشيراً إلي أن المركز رصد العديد من حالات العنف داخل المدارس بالمنيا وهذا دليل قاطع علي وجود تقصير تربوي وغياب أمني. يؤكد د.جمال الطحاوي أستاذ الاجتماع بجامعة المنيا رفضه التام لما يحدث من أولياء الأمور والطلاب داخل المؤسسات التعليمية مشيراً إلي أن هناك أكثر من خمس حالات تعدي وقتل بسبب العنف داخل المدارس. أضاف أن المنظومة التعليمية في المدارس تدهورت في السنوات الأخيرة وخصوصاً التعليم الفني حيث هناك مقولة "خمسة نوم وآخرها دبلوم" كما أن المدرس الذي يسعي للراحة ينقل نفسه للتعليم الفني رغم أن التعليم الفني من المفروض أن يكون بوابة تأهيل الخريجين لسوق العمل. لكن العكس هو الذي يحدث كما أن هناك إهمالاً بالتعليم العام بسبب الاعتماد علي الدروس الخصوصية مما جعل الطالب لا يهتم بالمدرس داخل الفصل وكذلك غياب المتابعة الميدانية من مديرية التربية والتعليم داخل المدارس والغياب التام والواضح لدور الإخصائي الاجتماعي الذي له أهمية كبيرة في حل مشاكل العنف داخل المدارس وأكد أن هناك انعدام صلة بين أولياء الأمور والمدرسة وذلك لغياب دور مجلس الأمناء الذي يجب تفعيل دوره داخل المدارس. طالب "الطحاوي" بضرورة المتابعة شبه الدورية من الموجهين واقترح أن تكون مكاتبهم داخل المدارس وأن تعد وزارة التربية والتعليم إجراءات ولوائح للوقوف أمام ظاهرة العنف داخل المؤسسة التعليمية سواء كان من المدرس و الطالب قبل فوات الأوان.