تعيد "التحرير" نشر حوارًا صحفيًا أجرته مع اللواء الدكتور المهندس سعد الجيوشي، وزير النقل بحكومة شريف إسماعيل، حال توليه منصب رئيس الهيئة العامة للطرق والكباري، وذلك في عددها الصادر يوم 5 نوفمبر 2014. وجاء حوار "التحرير" عقب مرور 5 أشهر على على توليه المنصب؛ لمعرفة المزيد عن خطط الهيئة ومشكلات قطاع الطرق فى مصر. ■ توليت رئاسة الهيئة فى ظروف صعبة، لماذا قبلت ذلك؟ - أنا بطبعى أحب التحدى، «ومابحبش أشتغل فى حاجة سهلة»، وهناك أناس تحب أكل «الإزاز» وأنا كده باحب الحاجة الصعبة، وحجم التحدى بالنسبة إلى أن تساوى «الطرق والكبارى» منظمة الطرق الفيدراليةالأمريكية، ويجب أن تعود إليها هيبتها ومكانتها. ■ هل تذكر أول قرار اتخذته بعد تولى المسؤولية؟ - أول قرار هو قيامى بتحديث المواصفات القياسية للطرق والكبارى، التى لم تحدث منذ أكثر من 25 سنة، حيث قمتُ بتشكيل لجنتين من أساتذة الجامعات، والحمد لله انتهينا من الطرق، وعلى وشك الانتهاء من الكبارى، وهو ما يجعلنا نعمل ل10 سنوات على الأقل، وقد أتيت لأهتم بصناعة الطرق والكبارى والنقل البرى، وليس لنقل موظف من مكان إلى آخر، وقد توسعنا فى سفر العاملين بالهيئة إلى الخارج للاستفادة من الخبرات العالمية ونقلها إلى مصر. ولك أن تتخيل أن هناك تكنولوجيا فى ألمانياوأمريكا يعملون بها منذ 40 و50 سنة، ونحن نفكر فى نقلها وتطبيقها فى مصر، فقد كنا «نايمين فى العسل»، فطرق أمريكا وممراتها خرسانية، ونحن خائفون من تطبيق ذلك، وقد نفذنا ذلك فى مطار شرم الشيخ ومطار سوهاج العسكرى، ووضعنا 250 ألف متر خرسانة، و«ناجحة وعايشة». ■ هل أنت راضٍ عن حالة الطرق فى مصر؟ - بالطبع لا، هذه ليست طرقا، «دا مهرجان عك وافتكاس»، وليست له علاقة بالطرق، والدولة كلها كانت متأخرة وليس الطرق والكبارى فقط، فكل القطاعات كانت متخلفة، حيث تخلفنا فى الصناعة والصحة والتعليم وكل شىء. والهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى تمتلك على مستوى الجمهورية أكثر من 24000 كيلومتر طولى، وهى الطرق الرئيسية المسؤولة عن ربطالمحافظات والمدن بعضها ببعض فقط، كما تملك الهيئة أيضا 1704 كبارٍ ما بين كبارٍ تربط شرق النيل بغربه، وكبارٍ علوية، وكبارٍ فوق السكك الحديدية، إضافة إلى كبارٍ متحركة، ويعد كوبرى السلام فوق قناة السويس من أكبرها. وفى ما عدا ذلك من الطرق والكبارى لا يخضع لإشراف أو إدارة الهيئة العامة للطرق والكبارى، إنما يخضع لإشراف المحافظات والمحليات، وهى شبكة الطرق الداخلية والكبارى الداخلية فى الأحياء وداخل المدن، وهذا المفهوم لا بد أن يعيه كل مواطن مصرى ليتعرف على حقوقه، وتوزيع المسؤوليات لمحاسبة المقصر، ونحن نحمد الله أن القوات المسلحة حافظت على المنظومة حتى يومنا هذا، وعندها بحوث وخطط تطوير ضخمة للغاية. ■ ما المشروعات التى تنفذها القوات المسلحة بالطرق والكبارى خلال الفترة الأخيرة؟ - تُسأل فيها القوات المسلحة، فنحن دولة واحدة، ولا بد أن نعلى من مفهوم الدولة، ولا بد للقوات المسلحة من أن تقوم ببعض المشروعات، ومصر حاليا «واقعة على ظهرها ومحتاجة حد عفى يشدها، والعفى دا هو القوات المسلحة، وإحنا محتاجينها»، وهو ما يحدث فى أمريكا وأوروبا وكل دول العالم، فمصر وقعت بها كارثة وواجب القوات المسلحة انتشالها. ■ هل خدمت مع الفريق أحمد شفيق خلال فترة توليه وزارة الطيران فى عهد مبارك؟ - طبعا، وحصل لى 1000 شرف، لأنه صنع منظومة الطيران ودخل بها إلى العالمية، و«اللى عاجبه عاجبه واللى مش عاجبه مايعجبوش»، فشفيق خدم مصر. ■ وكيف تفعل ذلك فى الطرق والكبارى؟ - خلال الفترة القادمة سوف نطور حجم الإزالة على الطرق، وسنكون أعنف بالقانون، وسوف نستولى على «الجبالونات» المخالفة ونبيعها لصالح الهيئة، وتم استصدار فتوى قانونية فى هذا الإطار لاسترداد حقوق الدولة على الطرق، وهو ما يمثل دخلا جديدا للدولة، كما سنرفع قضايا على المعتدين على الطرق لاسترداد أموال الدولة، والنتيجة أننا بمجرد تنفيذ حملة استعادة هيبة الدائرى، التى بدأناها منذ أسابيع دخل خزينة الهيئة 20 مليون جنيه من التصالح، وهناك شركات كبرى طلبت تسوية موقفها ودفع كل الديون المستحقة عليها. ■ ذكرت مرارا أنك تخاف من المرور أسفل بعض الكبارى.. لماذا؟ - وما زلت أخاف، لأننا «طول ما إحنا مش عارفين نضبط الأحمال الزائدة لعربات النقل الثقيل، وأنا عندى كوبرى مصمم على 14 طنا وأنت تدوس عليه ب40 طنا فهذا شىء مرعب، وكونه لم يقع فهذا لأن ربنا ساترها معانا»، وقد أغلقنا 3 كبارٍ حتى الآن، وهى كوبرى بنى سويف والمعتمدية والتوفيقية، وجار ترميمها والبقية فى الطريق، ولا شك أن حجم المخاطر على الكبارى عال جدا، وأحمال النقل متجاوزة، وهذا وضع استثنائى نقبل به مضطرين، والهيئة تنفق 3 مليارات جنيه صيانة إضافية للكبارى، وللأسف أصحاب الشاحنات الثقيلة لا يعلمون أننا «قاعدين تحت الكبارى ساندينها بدماغنا وإيدينا علشان بتاع النقل يسترزق وماتقعش»، وللأسف هناك 50% من كبارى الجمهورية غير صالحة وتحتاج إلى صيانة عاجلة. ■ متى تنتهى أزمة شاحنات النقل الثقيل؟ - ستنضبط الشاحنات والميكروباصات وكل ما يسير على الأرض فى مصر حينما تكون اللوحة المعدنية المعلقة على السيارات باسم السائق نفسه. ■ ماذا عن حوادث الطرق خلال الفترة الأخيرة؟ - ليست حوادث طرق بل هى حوادث المرور، الطرق «مابتعضش حد ولا بتوقع حد ولا بتقلبه، عمرك شوفت طريق بيطلع لفوق ويقلب حد، واحد بيمشى عليه خطأ وهو ضارب مخدرات، وماشى بسرعة كبيرة، ومزود السرعة، وماعندوش أمن ومتانة»، هذه هى أسباب الحوادث الحقيقية، وهناك 18 ألف قتيل جراء حوادث الطرق فى مصر سنويا، وضعف هذا الرقم مصابون. ■ معنى ذلك أنه لا توجد أى عيوب فى الطرق؟ - لا يوجد طريق فيه حفرة بمصر، و«هات لى واقعة واحدة من الحوادث كان سببها الطرق»، فالعنصر البشرى هو السبب، وقد تم إلقاء القبض على 220 سائقا كانوا «ضاربين مخدرات»، و«أنا أتحدى! هات لى أى طريق فى مصر مش عاجبك ونظبط فيه المرور فى أوله وآخره ونطبق قانون المرور وفحص مخدرات ونحدد السرعة، ونشوف كام حادثة هتوقع عليه». ■ أين المشكلة إذن؟ - طبقا للإحصاءات فإن 5% من الحوادث سببها الطرق، وترجع أسبابها إلى نقص وسائل التحكم على الطريق «العلامات، التخطيط السطحى، العواكس الأرضية، الحواجز». ■ هل توجد حلول جذرية للحوادث خلال الفترة الأخيرة؟ - بالفعل، فقد تم وضع رفع مستويات الأمن والسلامة للطرق على رأس أولويات المشروعات بالهيئة لعام 2014/2015، ونتجت عن ذلك زيادة المخصصات المالية المقررة لتكثيف وسائل التحكم المرورى على طرق الهيئة، إضافة إلى مبادرة الهيئة لرفع مستويات الأمن والسلامة على الطرق بتحديد 54 طريقا من أكثر الطرق تكرارا للحوادث «بواقع 2 طريق بكل محافظة» لتدعيمها بكل وسائل التحكم المرورى، وإزالة المطبات العشوائية، وينتهى العمل بها فى نهاية العام الحالى، إضافة إلى البدء فى إنشاء طرق خاصة بالشاحنات على محاور الحركة من الموانى والمحاجر بالمناطق الصناعية. ■ حدثنا عن المشروع القومى للطرق. - المشروع القومى للطرق يختلف عن أى مشروع تم قبل ذلك، فهو عبارة عن تنفيذ 4400 كيلو فى سنتين، أى ما يزيد على 15% من حجم شبكة الطرق الحالية فى مصر، وهو مشروع تم بناؤه على دراسات تنموية ومرورية، كما أنه يخلق فرص عمل جديدة. وفى ما يخص الهيئة العامة للطرق والكبارى، فهناك 17 طريقا، والمتوقع الانتهاء منها فى أغسطس 2015. ■ كم تبلغ ميزانية هيئة الطرق والكبارى؟ - نحن لا نريد ميزانية من الدولة، ونتمنى من وزير النقل المهندس هانى ضاحى أن يصدِّق لنا على الشركات الجديدة، وأعد الناس أنه بعد التصديق على تلك الشركات لن نأخذ من الدولة مليمًا واحدًا. ■ هل هناك ما يمنع الوزير من التصديق على تلك الشركات؟ - لا أعلم، والوزير له رؤية ونحن نحترم جميعا قراره، ولو وافق سوف ننطلق، وإذا لم يوافق فسوف ننتظر من الدولة أموالا، و«إحنا بنجيب عوائد للهيئة نصف مليون جنيه حاليا، وإحنا محتاجين 5 أو 6 مليارات جنيه، ولا توجد أى إمكانات لتدعيم ميزانية الهيئة، كما أن للهيئة مستحقات 149 مليون جنيه، لدى وكالات الإعلانات». ■ وماذا عن خطة الهيئة لصيانة شبكة الطرق والكبارى؟ - حينما نتحدث عن صيانة شبكة الطرق والكبارى التابعة للهيئة، فإننا نتحدث عن تحدٍّ كبير، يتمثل فى التمويل وسلوك التعامل على هذه الشبكة من قبل سائقى الشاحنات، إضافة إلى نقص منتج البيتومين فى بعض الأحيان، وبالنسبة إلى التمويل فإن الهيئة العامة للطرق تعتمد على مواردها الذاتية فى الصيانة، ولا يوجد مخصص مالى لهذا البند، فالمخصصات الماليةتُعتَمَد للإنشاءات الجديدة فقط، وأعمال الصيانة تتم من عوائد الكارتة والموازين والإعلانات والإيجارات والامتيازات، التى تقدر فى عام 2013/2014 ب500 مليون جنيه فقط، وهى لا تكفى عُشر تكلفة الصيانة التى تقدر ب5 مليارات جنيه. ■ لكن هناك انهيار واضح فى شبكة الطرق والكبارى؟ - هذا صحيح، لكن انهيار الشبكة هو بسبب الانفلات الأمنى خلال السنوات الثلاث السابقة، من وجود بلطجة مقنعة وعدم الالتزام بسداد رسوم التحصيل ورسوم الموازين عن الحمولات الزائدة، إضافة إلى عدم التزام الوكالات الإعلانية القومية بسداد مستحقات الهيئة، التى تقدر ب150 مليون جنيه، وكذلك الحمولات الزائدة التى تدمر الطرق والكبارى، فعمر الطرق مصمم من 10 سنوات حتى 15 سنة، والحمولات الزائدة تدخل الطرق إلى مرحلة الكهولة. ■ الهيئة لا تهتم بصيانة شبكة الطرق والكبارى على مستوى الجمهورية، ما تعليقك؟ - غير صحيح، فالهيئة تهتم اهتماما بالغا بشبكة الطرق والكبارى التابعة للهيئة فقط، التى تقدر بأكثر من 70 مليار جنيه، والتى تعتبر أصلا من أصول الدولة، وتقدر مشروعات الصيانة التى تقوم بها الهيئة سنويا على شبكة الطرق ب2400 كيلومتر سنويا أى عُشر شبكة الطرق، باعتبار عمر الطرق كحد أدنى 10 سنوات، كما تقوم الهيئة حاليا بصيانة 79 طريقا وصيانة 400 كوبرٍ خلال العام المالى 2014/2015 بتكلفة إجمالية تفوق 6 مليارات جنيه، ففى الوجه البحرى تقوم بصيانة 43 مشروعا بطول 1018.5 كم بإجمالى تكلفة 2.7 مليار جنيه، وبالوجه القبلى تقوم بصيانة 25 مشروعًا بطول 899.5 كم بإجمالى تكلفة 1.2 مليار جنيه، وفى سيناء تقوم بصيانة 11 مشروعًا بطول 292 كم بإجمالى 666.375 مليون جنيه. ■ كم عدد الكبارى التابعة للهيئة العامة للطرق والكبارى؟ - يقع على شبكة الطرق التابعة للهيئة 1704 كبارٍ، وتقدر القيمة الحالية لها ب50 مليار جنيه، وهى الكبارى الملجمة، وعددها 2، وكبارٍ على النيل وعددها 31، وكبارٍ علوية وعددها 475، والكبارى السطحية وعددها 1106، والكبارى المتحركة وعددها 90، وكبارٍ على النيل جار تنفيذها وعددها 6.