كتب - أحمد مطاوع الثورة العرابية أو "هوجة عرابى" كما سميت وقتها، تعد أول ثورة تسمى باسم قائدها أحمد عرابى، وكانت ضد الخديوي توفيق والنفوذ الأوروبى فى الشؤون المصرية، فى ظل التمييز الذى واجهة الشعب المصري لصالح الأتراك والجراكسة الذين تولوا المناصب القيادية داخل الجيش وكافة المؤسسات الرسمية بالمملكة، حتى أنه تم طرد الضباط المصريين من الجيش، فى ظل مطالب بعزل عثمان رفقى باشا وزير الحربية، وتعيين محمود سامى البارودى بدلًا منه. وفى 9 سبتمبر 1881 قاد عرابى حراكًا كبيرًا بدأ عسكريًا ولحقته مساندة مدنية ضمت طوائف الشعب، بعدما ساءت الأحوال الاقتصادية وعظم التدخل الأجنبى فى شؤون مصر الداخلية، بالإضافة إلى المعاملة القاسية من جانب رئيس الوزراء رياض باشا للشعب المصرى. وكانت أبرز لقطات هذا اليوم فى المشهد الأسطورى الشهير الذى جسدته صفحات التاريخ، حينما قاد عرابى هذا الحراك متجهًا إلى قصر عابدين وسط جماهير واسعة ومتحمسة من الشعب، استعدادًا للقاء الخديوى توفيق لعرض المطالب الشعبية والمتمثلة في زيادة عدد الجيش المصري إلى 18,000 جندي، وتشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبي، وعزل وزارة رياض باشا، حيث وقف عرابى عبر حصانه بشموخ الأبطال وجهًا لوجه في حوار الند مع الخديوي لعرض المطالب والتى استجاب لمطلب العزل فيما بعد هذا الحوار.. - الخديوي: كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا. - عرابي: لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم. ولكننا نقف هنا اليوم وفى الذكر ال 134 لهذا المشهد الجلل الأشهر فى التاريخ المصرى، وجدوى حدوثه، وهل إذا كان صورة أسطورية رسمتها صفحات التاريخ، أم أنها واقع جسدته شخصية عرابى التى سجلت كبطل عظيمًا تدارسه الأجيال فى كتب التاريخ المدرسية. وفى هذا الصدد فجر الإعلامى إبراهيم عيسى خلال أحد حلقاته فى برنامج "25/30" الذى يقدمه على فضائية "أون تى فى" أواخر العام الماضى، مفاجأة من العيار الثقيل نسفت هذه الصورة الأسطورية التى ظلت ترسم لنا منذ أن لمست أناملنا صفحات الكتب، وطرقت مسامعنا أساطير التاريخ، لتضعنا فى حالة من التشكك فى الكثير من الروايات والأحداث. قال عيسى: “إن الزعيم أحمد عرابى لم يقف أمام الخديوى توفيق ولم يذهب إلى قصر عابدين وهذا المشهد الذى ندرسه فى الكتب، لم يحدث على الإطلاق، لا حرفًا ولا لفظًا ولا مشهدًا ولا حوارًا، ولم يقابل الخديوى توفيق من الأساس"، مستندُا فى ذلك على كافة التحقيقات التى أجريت مع عرابى بعد فشل الثورة العرابية، وكذلك مذكرات الشيخ محمد عبده عن هذه الثورة. وأوضح أن "عبد الله النديم صوت ولسان الثورة العرابية، فى التحقيقات التى تمت معه، لم يحدث على الإطلاق أنه أتى على هذه الواقعة من قريب أو بعيد". وكشف عيسى أن "الزعيم أحمد عرابى بعد العودة من المنفى هوجم بطريقة رهيبة وأهين واتهم بأنه جلب الاحتلال الإنجليزى لمصر لدرجة أن أحمد شوقى كتب عنه (صغار فى الذهاب وفى الإياب هذا كل شأنك يا عرابى)، هجاءً وتحقيرا فى عرابى". وفجر الإعلامى إبراهيم عيسى خلال تناوله للواقعة مفاجأة أخرى أكثر صدمة حول حقيقة هذه الأسطورة "عرابى وهو يجلس على المقهى بميدان الأوبرا، كان الناس تبصق فى وجهه، وعندما رأى أن هذا الهجوم حكى هذا الموضوع، واختلق هذه الواقعة أمام هذا الهجوم الشنيع الذى تعرض له".