«يعيشون في مساحة 3 أمتار، منازلهم من الأكياس البلاستيك، غطاؤهم بطاطين متهالكة، يقضون حاجتهم في ترعة الإبراهيمية، يهاجمهم البلطجية يوميًا، طعامهم من القمامة، وشرابهم من مياه الترع، اللصوص ومتعاطو المخدرات في كل ناحية، يحوطهم الأبراج السكنية العالية»، هذا ليس مشهدًا سينمائيًا، ولكنه حال أكثر من 20 أسرة من أبناء عشش «الري» في محافظة المنيا، والمطلة على ترعة الإبراهيمية. «التحرير» انتقلت إلى العشش، لرصد المأساة والتقت بالأهالي:
محمد سيد، أحد السكان، يقول «جئت إلى المنطقة وأقمت عشتي الخاصة، بعد أن انهار المنزل الذين كنت أقيم به بنظام الإيجار، وأقيم في العشة مع أسرتي المكونة من والديّ و5 أشقاء، نقضي حاجتنا بترعة الإبراهيمية في ساعات متأخرة من الليل، مما يعرضنا للمخاطر».
ويذكر السيد: «طلب مني موظف الوحدة المحلية لمركز ومدينة المنيا تقديم قسيمة زواج، حتى يتمكن من إدارج اسمي ضمن الحاصلين على وحدات سكنية بعد انهيار منازلهم، فأجبته: أجوز أزاي وأنا مش لاقي أكل عيش حاف». «مش عارف اشتغل وعلى طول قاعد جنب أمي وأخواتي البنات خايف عليهم من البلطجية»، بهذه الكلمات بدأ علي محمد حديثه، مضيفًا: «كنت أقيم مع والديّ وشقيقتيّ، وعقب وفاة والدي منذ 6 أعوام، طردنا صاحب المنزل، فجئت هنا، وأنشئت عشة من البطاطين القديمة للإقامة بها، ونتعرض لمخاطر عدة منها انتشار ثعابين وعقارب، ومهاجمة بعض البلطجية لنا».
ويذكر محمد: «مصدر رزقي هو إحضار الملابس القديمة، وبيعها للمواطنين، باشتغل طول النهار وسهران طول الليل علشان أحافظ على بضاعتي وإخواتي البنات، وكل اللى عاوزه شقة».
«شمس الصيف بتحرقنا وبرد ومطر الشتا بيموتنا» هكذا لخص عكاشة حسين سيد، 66 عامًا، المعاناة التي يواجهها، هو أسرته المكونة من 6 أفراد. ويذكر عكاشة: «أقيم أنا وأسرتي في هذه العشة منذ 12 عامًا، بعد أن انهار المنزل الذي كنا نقيم به في حي شاهين». ولا يكتفي البلطجية بما يعانيه هؤلاء من فقر وذل، فإذا كنتِ امراة وسط هذه العشوائية لا بد أن تتعرضي للتحرش، وهذا هو حال أم محمد وبنتها. تقول أم محمد «لدي 3 أبناء بينهم فتاة، واتعرض دائمًا أنا وابنتي للتحرش، خاصة وأن الجميع يعلنم أنني أعيش بمفردي بجد وفاة زوجي، وأطالب الحكومة المصرية، واللواء صلاح الدين زيادة، محافظ المنيا، بتوفير مسكن لنا، خاصة وأن أبنائي الثلاثة في مراحل تعليمية مختلفة».