ألقى رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، اليوم الثلاثاء، كلمة في الجلسة الختامية لمؤتمر الفتوى العالمي، الذي انطلق بعنوان "الفتوى .. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"، برعاية دار الإفتاء المصرية. واستهل محلب الكلمة بالترحيب بالعلماء الوافدين للمشاركة في المؤتمر قائلًا: "أرحب بكم جميعًا باسم الشعب المصري العظيم في بلدكم مصر بلد الأمن والأمان، بلد الحضارة والعمران، بلد الأزهر الشريف قلعة العلم الشرعي في العالم الإسلامي كله، تحية امتنان وتقدير إلى هذه الكوكبة الكبيرة من كبار المفتين والعلماء الذين اجتمعوا في بلد الأزهر للتباحث في سبل الارتقاء بالإفتاء من أزمة الفوضى والجمود، إلى الإفتاء الوسطي الصحيح بمنهجه العملي الفعال الأصيل، لأن الفتوى قد أصابها بعض الخلل والانحراف عن مسارها فأصبحت سلاحًا مشروعًا لدى الجماعات الإرهابية في تبرير العنف وإراقة الدماء وزعزعة استقرار المجتمعات". وتابع: "ويأتي عقد مؤتمر دار الإفتاء في هذا التوقيت أيضًا ليسهم في مسيرة التقدم والرقي التي بدأتها مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والتي كان آخرها افتتاح قناة السويس الجديدة التي فتحت باب أمل للمصريين جميعًا، فافتتاح قناة السويس الجديدة أكد على ريادة مصر، ومؤتمر دار الإفتاء هذا يواصل مسيرة الريادة المصرية من الناحية الدينية والفكرية". واستطرد "دار الإفتاء المصرية تعتبر بحق من طليعة المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، التي استطاعت أن تقدم الفتاوى العصرية التي تعبر عن منهج ثابت على مدار تاريخها يستقي أهدافه من المصالح العليا للدين والوطن". وأكمل: "فتاوى دار الإفتاء المصرية، تعبر عن المجتمع المصري والحراك الذي يحدث فيه على جميع المستويات ليس من داخل مصر فقط ولكن من مختلف بلدان العالم وبلغات مختلفة وهو ما يؤكد مكانة الدار وثقة الناس فيها في مصر والعالم أجمع، وانطلاقًا من قاعدة أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر فقد قامت دار الإفتاء برصد الشبهات التي يطلقها المرجفون والإرهابيون بهدف النيل من الإسلام، والزج بالدين في عمليات مشبوهه، لا علاقة لها بالإسلام ومقاصد الشريعة وردت على هؤلاء بالحجج الدامغة وبلغات متعددة من خلال مرصدها التكفيري". وذكر أنه "من ثم جاء دعم الدولة المصرية لهذا المؤتمر الذي يمثل خطوة جديدة في مسيرة الدولة المصرية من خلال دار الإفتاء المصرية نحو نشر الوجه الصحيح للإسلام، ومساعدة العقل المسلم بل والعقل العالمي للوقوف صفًا واحدًا في مواجهة الأفكار المتطرفة الساعية إلى تهديد السلم والأمن الإنساني، واعتقد أن دار الإفتاء المصرية كانت حريصة على دعوة أكبر عدد من كبار العلماء والمفتين من مختلف بلدان العالم للوصول لبلورة استراتيجية تسهم في تنقية ساحة الإفتاء من بعض الظواهر السلبية مثل فوضى الفتاوى والتشدد في الفتوى". وأكد أنه "يرجو أن يثمر هذا المؤتمر عن صياغة جامعة لكلمة الإفتاء في العالم تعمل على الحفاظ على وظيفة الدين باعتباره أداة تنوير وتنمية". ونوه بأن "العالم كله يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطرابِ نتيجة ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهابَ أداة لتنفيذِ مآربها، فقد تعرض مواطنون آمنون إلى الاعتداءِ على كراماتهم الإنسانية، وعلى حقوقِهم الوطنية، وعلى مقدساتِهم الدينية، وجرت هذه الاعتداءات باسمِ الدينِ، والدين منها بَراءٌ". وشدد على "أنه ما من دين سماوي إلا ويعتبر قدسية النفس البشرية واحدة من أسمى قيمه ، بما في ذلك الدين الإسلامي وقد جعل الله تعالى ذلك أمرًا واضحًا بنص القرآن الكريم، حيث شدد على حرمة قتل النفس وجعلها دستورًا إلاهيًا، كما ورد في قوله تعالى "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، مردفًا: "فلا يمكن أن يكون القتل والإرهاب نتاج للفهم السوي في أي دين، إنما هما مظهر من مظاهر الانحراف لدى أصحاب القلوب القاسية والنفوس المتغطرسة والفكر المشوه". ولفت إلى أن "مصر في هذا الصدد اتخذت قرارها الحاسم الذي لا رجعة فيه بعدم مهادنة الأفكار المدمرة المتطرفة ، وخطت خطوات واسعة في محاصرة الفكر التكفيري بفضل جهود علمائها في الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية". واختتم: "في النهاية، فإني آمل أن يكون انطلاق هذا المؤتمر العلمي من أرض الكنانة بأهدافه وما يتمخض عنه من زخم علمي وتوصيات ومبادرات يصب في صالح إعادة المرجعية الوسطية في الفتوى ولدار الإفتاء المصرية كمؤسسة إفتائية عريقة لها ثقل علمي وتاريخي كبير". * * * * * * * *