جاءت قضية «ضبط وإحضار النشطاء» فى مصر لكى تثير اهتمام أهل واشنطن من صناع القرار ورجال الإعلام على السواء. ولم يخفت بعد الاهتمام بما حدث فى مدينة الإنتاج الإعلامى، وما يتم التلويح به لإسكات حرية التعبير ومطاردة المنتقدين والمعارضين لأصحاب السلطة فى مصر والرئيس مرسى تحديدا. وعلى الرغم من أن الخارجية الأمريكية قالت فى رد فعلها الأول فى ما يخص النشطاء السياسيين وأمر اعتقالهم «إننا رأينا التقارير ونحن نسعى للحصول على معلومات أكثر» فإنها أكدت من جديد أن «أى سحق للحرية يسبب قلقا بالغا للولايات المتحدة» وطالبت الحكومة أن تتعامل بشكل عام مع التحقيقات الخاصة بأحداث العنف والقائمين به بدقة ومصداقية واستقلالية ووفق المعايير الدولية وسيادة القانون. وردا على سؤال طرحته «التحرير» من جديد أول من أمس الثلاثاء، عما جرى فى مدينة الإنتاج الإعلامى قال باتريك فنتريل المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: «حسب ما فهمنا فإن السلطات العامة لم تتدخل بطريقة فعالة من أجل ضمان المرور الحر للصحفيين والضيوف، وحسب علمنا لم يحدث أى اعتقالات على الرغم من وقوع حالات للعنف هناك. فهذه واحدة من مخاوفنا وأمر نرفعه إلى الحكومة أيضا، إضافة إلى معلومات أكثر حول إنذارات الاعتقال (الضبط والإحضار)». وكانت «التحرير» قد أثارت الأمر يوم الإثنين الماضى فكان رد الخارجية أنها تتابع الأمر وتسعى للحصول على المزيد من المعلومات. كما أن فنتريل فى رد على سؤال طرحه صحفى آخر حول الأمر نفسه قال: «وقد سمعتنى أقولها بوضوح الأمس بأننا ندعم حرية التعبير وحرية الصحفيين فى أداء مهامهم بحرية. وقد أوضحت ذلك بالأمس بأن هذا الأمر لهو حيوى وهام بالنسبة إلينا، وهو ما نثيره مباشرة مع الحكومة فى مصر عندما تكون هناك حالة محددة، ولدينا مخاوف تجاه حالة خاصة». وفى الإيجاز الصحفى اليومى للخارجية الأمريكية أول من أمس الثلاثاء، أثارت «التحرير» قضية «ضبط وإحضار النشطاء السياسيين» وطرحت عدة أسئلة حول القضية المثارة. فقال فنتريل: «إننا نتابع عن كثب التقارير الخاصة بإنذارات الاعتقال لنشطاء سياسيين مصريين. ولا نعرف تفاصيل الاتهام وأدلته...» وقال أيضا: «رأينا التقارير ونحن نسعى للحصول على معلومات أكثر.. ليس لدينا التفاصيل الدقيقة. وعندما تكون لدينا معلومات أكثر سيكون فى إمكاننا أن يكون لنا موقف» مضيفا فى ما بعد «أى سحق للحرية يسبب قلقا بالغا للولايات المتحدة». وحول التعبير السياسى وأحداث العنف المتصاعدة وردا على «التحرير» قال فنتريل «...إن كل المتظاهرين لديهم الحق وكل المشاركين السياسيين لديهم الحق فى أن يكون صوتهم مسموعا فى مصر، وأن يقوموا بذلك بحرية، ولكن عليهم أن يقوموا بذلك بطريقة سلمية. وإذا كان هناك عنف فنحن نحث الحكومة أن تقوم بالتحقيقات الخاصة بحالات العنف بدقة ومصداقية واستقلالية، وأن تقدم المتهمين بها للعدالة بطريقة تتوافق مع المعايير الدولية وسيادة القانون» وأضاف: «لدينا بعض المخاوف تجاه الجانبين، نحن نريد أن نضمن أن الناس يستطيعون التعبير عن أنفسهم، ولكن أن يفعلوا ذلك سلميا وإذا لم يفعلوا ذلك يكون رد الحكومة وفقا للقانون». وعندما أشارت «التحرير» إلى أن الحديث بالعموميات غالبا هو ما نسمعه فى الأسبوعين الماضيين حول أحداث مصر، وهل هذا مرتبط بنقص المعلومات التى تأتى من القاهرة أم ماذا؟ هل يمكن شرح هذا؟ «أعتقد أنك تحاول أن تسألنى حول حالة بعينها حدثت بالأمس، مثلما هو الأمر فى إنذارات الضبط والإحضار، وبالتالى التوقع بأننا هنا وبعد عدة ساعات قليلة سيكون لدينا تقرير شامل حول الحالة، ولست أعتقد أن هذا واقعى» مضيفا: «لست متأكدا أننا يمكن أن نعلق على كل حالة بمفردها بشكل أو بآخر. إلا أننا نتابع الوضع عن كثب. وسفارتنا فى القاهرة تتابع الوضع عن كثب، ونحن سنواصل جعل مخاوفنا معلومة مباشرة للحكومة فى مصر. وسنستمر فى جعل مخاوفنا علنا للمتظاهرين عندما لا يكون أداؤهم سلميا». وبالطبع لم يكن بالأمر الغريب أن تثير قضية ضبط وإحضار النشطاء اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية. صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت أول من أمس الثلاثاء، تقريرا مطولا من القاهرة حول هذه القضية. ولم يتردد المراسل فى الإشارة إلى «ما يراه المصريون من احتمال أن أول رئيس لهم منتخب بحرية قد يسعى لأن يكون مستبدا جديدا وأن البعض منهم قال إنه يتخوف أن إنذارات الاعتقال (الضبط والإحضار) قد تكون أول مثال واضح على أن حكومة مرسى تستخدم تطبيق القانون كأداة سياسية لمعاقبة منتقديه». وحرصت «نيويورك تايمز» على أن يتضمن تقريرها من القاهرة وجهة نظر باكينام الشرقاوى المستشار السياسى للرئيس مرسى، التى أبدت شكواها من أن منتقدى الرئيس طبقوا «ازدواجية المعايير» وأن الرئيس لم يصدر حكما مسبقا فى هذا الأمر، وأنه يتوقع محاكمة عادلة (حسبما قالت) وأضافت: إلا أن القانون فى الوقت نفسه يجب أن يفرق ما بين التعبير السياسى والعنف الإجرامى». «هنا يجب أن يكون للقانون السيف العادل القادر على حماية الحقوق والحريات والسلام الاجتماعى»، كما قالت الشرقاوى.