بعد تأخر دام عدة أشهر، أعلنت اللجنة الوطنية لتشريعات الصحافة والإعلام، اليوم الأحد، مشروع القانون الموحد لتشريعات الصحافة والإعلام، مؤكدة خلال مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين، إرسالها مسودة المشروع لمجلس الوزراء لدراستها ورفعها للرئيس لإقرارها. وقال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، إن اللجنة الوطنية للتشريعات تطلق الآن مشروع القانون باعتباره مترجمًا لدستور 2014 الذي أقر الحريات والمسؤوليات، مشددًا على أنه منحاز بنسبة 100% لمشروع القانون؛ باعتباره نقلة نوعية في تاريخ الصحافة والإعلام المصري. وأضاف قلاش، أن هذا المشروع يخص المجتمع بأكمله، وحرية الصحافة والإعلام ليست حكرًا على الصحفيين، ولكنها حرية كل مواطن في التعبير عن الرأي، موضحًا أن هناك مشروعين مقدمين هما إلغاء العقوبات السالبة للحرية، والقانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، وذكر أن اللجنة ضمت مجموعة من الأعضاء من مختلف الاتجاهات؛ لتضمن تمثيل كافة الأطياف الخاصة بالمجال الصحفي والإعلامي. وقال جلال عارف، رئيس اللجنة، إنه لولا أن قضية الصحافة في قلب الشعب، ولولا تبنيه لمعارك الصحافة من أجل الحرية، ولولا ثورتين أعادتا مصر إلى المصريين وأعادت الوطن لأصحابه، لما امتلك الشعب هذا الدستور الذي وضع حرية الصحافة وحرية التعبير في مواد لم يسبق لها مثيل في الدساتير السابقة، وفي منزلة أصبحت تطالب الجميع، شعبًا وحكومة، السير نحو وطن ترفرف عليه أعلام الحرية والرفاهية. وأضاف عارف، أن هذه المواد التي جاء بها الدستور هي موضوع هذا القانون الذي جاء كترجمة ل"دستور الثورة"، من حريات للصحافة وحريات للتعبير، مشيرًا إلى أن الأمر الآخر هو أن اللجنة قد تكون تأخرت بعض الشيء عما قدرت من الوقت للانتهاء من المشروع. وتابع: "هناك سببان، الأول اتخاذ الطريق الأصعب وعدم الاستسهال"، مضيفاً: "رغبنا في أن يكون القانون جامع شامل لكل ما يتعلق بالصحافة والإعلام في مصر". وبيّن أن الأمر الثاني هو حرص اللجنة على أن تؤدي دورها بشكل وطني خالص، فأعضاء اللجنة لم يضعوا مذكرة بمطالب الصحفيين والإعلاميين، ولكنهم وضعوا تشريعًا يعكس مطالب وروح الصحافة والإعلام، حيث كان مطلوبًا أن تضع اللجنة تشريعًا يوازي حرية الصحافة والإعلام وحق القارئ في أن يعلم وحق المواطن في أن يشارك، ولهذا كان العمل صعبًا وكان الجهد كبيرًا. وأكد أنهم يقدمون مشروع قانون يليق بالصحافة والإعلام في مصر، وبالنضال من أجل الحريات، وبشعب قام بثورتين لكي يرفع أعلام الحرية ويثبت أركان الكرامة واستقلال الوطن. وتلا عارف البيان الخاص بنتائج لجنة الخمسين: "نتقدم بمشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام الذي نرجو أن يكون ترجمة أمينة للمواد الدستورية التي تضمن حرية واستقلال الصحافة والإعلام، ونؤكد المسؤولية الوطنية والتنظيم والمحاسبة الذاتية، فبعدما يقارب العام انتهت اللجنة الوطنية للتشريعات التي ضمت نحو 50 عضوًا يمثلون نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والإعلاميين بماسبيرو والإعلام الخاص والعاملين بالطباعة والصحافة وبعض أساتذة الإعلام ورجال القانون من إعداد هذا المشروع الذي نطلقه اليوم من أجل إعلام مصري جديد يكون المواطن هو هدفه الرئيسي في ظل إعلام حر ومسؤول". وأضاف: "خلال هذا العام عقدت اللجنة أكثر من 150 جلسة واستمرت في العمل الدؤوب، لمراجعة عقوبات قضايا النشر والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والزملاء الذين عقدوا جلسات استماع بالمؤسسات الصحفية والإعلامية، فضلاً عن عقد العديد من الجلسات النوعية مع المتخصصين في علوم الإدارة للاستماع إلى خبراتهم." وأردف أن اللجنة تلقت عددًا من الملاحظات واستفادت بالكثير منها، ومشروع القانون يتضمن 7 أبواب، الأول عن حرية الصحافة والإعلام وواجبات الإعلاميين، والثاني عن ملكيات الصحف، والثالث عن إنشاء وسائل الإعلام وملكيتها، والرابع عن المؤسسات الصحفية القومية، والخامس عن شروط اختيار رؤساء التحرير والمسؤولين والسادس عن الهيئات التنظيمية الجديدة. وذكر أن مشروع القانون الجديد تضمن النص على إلغاء عقوبات جرائم النشر والتعبير عن كافة المواطنين، ولأول مرة ستكون مجالس الإدارات والجمعيات العمومية للمنتخبين، وعدم تعيين أي عضو لأكثر من دورتين متتاليتين، كما تضمن مشروع القانون النص على عقوبات تأديبية لمن يخالف القانون. وقال، "إننا نهدف من هذا المشروع أن يأخذ مساره الدستوري والقانوني لترجمة المكاسب المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام وأن تكون على مستوى المسؤولية لما قدمه الشعب لحقه في إعلام مسؤول يعبر عن حقوق الشعب ويتبنى قضايا الوطن ويصد عنه الأخطار المحيطة به. وأشار إلى أن انتهاء اللجنة من هذا المشروع يؤكد أن مهمة قد انتهت ومهمة أهم قد بدأت تتضمن تكاتف أصحاب المصلحة حتى نقدم للشعب المصري قانوناً يحقق رسالته ويستحقه الشعب، موضحاً أن المشروع سيتم تقديمه على الفور للحكومة للحوار معها وتحقيق الفائدة منه". وذكر الدكتور حسن عماد مكاوي، وكيل المجلس الأعلى للصحافة وعضو اللجنة، أن هذا المشروع يدور حول 3 أمور، الأول الحفاظ على الدولة وأمنها القومي، والثاني حق وسائل الإعلام في الحصول على المعلومات لتوفيرها للمواطن، والثالث حق المواطن في حماية سمعة المواطنين من التشهير والحق في حماية الآداب العامة. وأضاف: "اهتم مشروع القانون الجديد بالتوازن بين هذه الحقوق الثلاثة من خلال مجموعة من المبادئ، أولها: أن حق المواطن في المعرفة هو جوهر العمل الإعلامي وهو ما يستوجب من كافة الصحف التداول الحر للمعلومات وعدم حجبها دون قيود، في إطار القانون، والأمر الثاني أن هذا القانون جاء تفسيرا لنصوص الدستور الجديد على أسس من الحرية والاستقلالية والتعدد والتنوع وتنفيذ آليات الشفافية والمسؤولية، وثالثا التأكيد على حق المواطن في الممارسات المهنية وتعزيز الأداء المهني للصحفيين والإعلاميين". واستطرد: "ورابعاً تفعيل آليات وقواعد الحكم الرشيد فيما يتعلق بالإدارة والتنظيم والتمويل والمشاركة والعدالة واللياقة والفاعلية، وخامساً تمكين وسائل الإعلام من أداء رسالتها ودعم قدرتها على أداء دورها، وسادساً تعزيز الشخصية المصرية ودوره في احترام الحياة الخاصة ، وسابعا: عدم التمييز بين المواطنين وعدم إثارة النعرات العنصرية أو الدعوة لإهانتها ، وثامناً: التزام الصحفي والإعلامي بالتعامل بشفافية مع الأخبار ومصادرها مهما كانت النتائج والحرص على التفاصيل، وتاسعاً احترام قواعد المهنة المتعلقة بتصويب الأخطاء واحترام حقوق الملكية، وعاشراً: التحقق من المعلومة وتجنب الاحتكار الإعلامي وتوسيع المجال الإعلامي لتشكيل رأي عام حر يشترك في صياغته مواطنين أحرار". وقال الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي، إننا استطعنا أن نضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بمسائل هامة جداً، معتبراً أن من مكاسب هذه اللجنة هي الإصرار على تأسيس نقابة للإعلاميين، حيث طالب عدد من الزملاء خلال اجتماعات اللجنة مع رئيس الوزراء بإنشاء نقابة الإعلاميين باعتبارها عصب رئيسي في منظومة الإعلام المصري. ولفت الكنيسي، إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة تقوم على تنظيم الإعلام المسوع والمرئي المملوك للدولة وتؤول إليها الهيئات الحكومية مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون وتتشكل من 13 عضواً، من بينهم 3 يختارهم مجلس نقابة الإعلاميين من غير أعضاء النقابة، ومدتها ثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة. وقال الإعلامي الكبير جمال الشاعر، عضو اللجنة، إن اللجنة ضمت كل الأجيال من الرود لجيل الوسط للشباب، موضحاً أننا أنجزنا تحدٍ كبير في عام واحد، وهو ما حدث بالفعل في التشريعات الصحفية والإعلامية الجديدة، مؤكدًا أن المشاهد والمستمع والقارئ هو المستفيد الأول من هذه التشريعات. وأضاف: "على مستوى آخر، نحن أمام صناعة تحتاج لتضافر الجهود، ومن المنطلقات التي عمل عليها أعضاء اللجنة هي السيادة الوطنية للإعلام، وضماناتها لا تتعارض مع الحرية والمسؤولية الوطنية للإعلاميين المصريين." وأكد أن الأمر الأهم هو أن اللجنة نجحت في وضع قوانين منضبطة إلى حد كبير في الالتزام، حيث أنجزت رؤية علمية منهجية في مسائل شائكة أولها الإدارة والهياكل والعمالة مع كل الضمانات للزملاء في ماسبيرو، معتبراً أن التشريعات متعلقة نحو المستقبل. وأوضح أن التشريعات ستساهم في رفع كاهل الديون عن هذه المؤسسات تحديداً، وكذلك التحدي المتعلق بهندسة الإعلام وهو ما نجحنا فيه، مشيراً إلى أن اللجنة في حالة انعقاد دائم لاستكمال دورها. وأشار الإعلامي علي عبد الرحمن عضو اللجنة، إلى إن "قانوننا شمل أول تنظيم للإعلام الإلكتروني في مصر والشرق الأوسط، حيث نظم عمل الإعلام الإلكتروني، مطالباً الحكومة بإصدار قانون لإنشاء نقابة للإعلاميين". وأفاد الكاتب الصحفي حسين عبد الرازق عضو اللجنة، أن مشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر من أهم القوانين التي نأمل إصدارها في الفترة القادمة، فمادته الأولى تلغي العقوبات السالبة للحرية التي ترتكب في جرائم النشر وتكتفي بعقوبة الغرامة بحد أدنى 1000 جنيه، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على التمييز بين المواطنين يحدد عقوبتها القانون. وأوضح أن المادة الثانية تتعلق بإلغاء المادة 102 و102 مكرر و179 و181 و182 و184 من قانون العقوبات والمادة 10 الخاصة بإنشاء الجهاز المركزي للمحاسبات، وهي المواد تعاقب على الإهانة والتحريض بمجموعة عقوبات تتعلق بالكراهية والازدراء طبقا لما نص عليه الدستور. وذكر ضياء رشوان الأمين العام للجنة، أن هناك أمرين لم يتحققا في تاريخ مصر السياسي منذ إنشاء النقابة، الأول هي الأخذ بكل النصوص التي نص عليها الدستور، أما الأمر الثاني خاص بلجنة الخمسين، فمنذ المرة الأولى لإنشاء اتحاد الإذاعة والتليفزيون ونقابة الصحفيين، تختص الجماعة الصحفية والإعلامية بوضع تشريعاتهم. وأوضح أن اللجنة شكلت بعيداً عن كل السلطات، معتبراً أنها المرة الأولى التي يشترك فيها الصحفيون والإعلاميون في عمل واحد للخروج بمشروع موحد ينظم كافة شؤون الصحافة والإعلام، مؤكدًا أنه لأول مرة يتم التوافق على 200 مادة وحسم كافة الخلافات بالتوافق. وواصل: "قطعنا مالايزيد عن 30% من مشروع القانون، فنحن جهة إعداد تشريعات ولسنا جهة قوانين، ولو لم تتوحد الجماعة الصحفية والإعلامية، سنواجه خطراً كبيراً".