يزور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موسكو هذا الأسبوع لبحث النزاع في سوريا مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، حيث من المقرر أن يجمتع الإثنان يوم الثلاثاء وفق بيان من وزارة الخارجية الروسية. ويأتي هذا في خضم نشاط دبلوماسي مكثف يقول مراقبون إنه قد يعطي دفعة جديدة للجهود الرامية لوقف الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، وإن كانت لم تظهر لهذا الحراك أية نتائج حتى الآن. وقالت الخارجية الروسية السبت في بيان "سيبحث الوزيران إمكانية التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي يصب في صالح البلدين. ومن المقرر أن يتم بحث مقترح روسي بإنشاء "تحالف دولي موسع" لمحاربة تنظيم داعش في سوريا، وتشارك السعودية حاليًا في التحالف ضد داعش الذي تقوده الولاياتالمتحدة، والذي يوجه ضربات جوية للتنظيم في سوريا والعراق، والذي لم تنضم إليه روسيا، رغم أن موسكو أعلنت أنها تدعم الجهود الرامية لهزيمة التنظيم. وقبل الاجتماع المقرر الثلاثاء بين وزيري خارجية البلدين، كان وزير الدفاع السعودي الشاب، محمد بن سلمان التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة لتحسين العلاقات بين البلدين. وعلَق المراقبون آمالًا بأن يؤدي الاجتماع لتقارب في وجهات نظر البلدين، اللذين يقفان على طرفي نقيض في كثير من قضايا المنطقة وفي مقدمتها الأزمة في سوريا. ونقلت صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية عن فهد نذير، وهو محلل بشركة "جيه تسي جي" الاستشارية الأمريكية، والذي سبق وأن عمل في السفارة السعودية في واشنطن قوله، "على الرغم من أن البلدين مازالا ينظران إلى النزاع في سوريا من زوايا مختلفة - حيث مازالت روسيا ترى الأسد جزءًا من الحل بينما يراه السعوديون جزءا من المشكلة - إلا أنه يبدو أن السعوديين توصلوا إلى أن روسيا قد تحمل مفاتيح إنهاء حمام الدم في سوريا". وأوضح نذير إن "إصرار السعودية على هذا الجهد يوحي بأن التزام بوتين تجاه الأسد قد لا يكون صلبًا كما يفترض الكثيرون". وقالت الصحيفة الإماراتية، إنه على الرغم من أن جهود التوصل لحل دبلوماسي للنزاع السوري لم تنجح لسنوات، إلا أن زيارة الجبير إلى روسيا تحمل أهمية خاصة بسبب نفوذ السعودية وغيرها من دول الخليج لدى جماعات المعارضة التي تقاتل نظام الأسد. وتابعت "المناخ الإقليمي مختلف إلى حد بعيد عما كان عليه عندما أجريت محادثات في السابق، ففي 14 يوليو توصلت إيران، الداعم الرئيسي للأسد، إلى اتفاق مع القوى العالمية حول برنامجها النووي، وهذا الاتفاق الذي يتم الترويج له على أنه انتصار للدبلوماسية يمهد الطريق لإيران للعودة إلى المجتمع الدولي بعد رفع العقوبات في مقابل تقليص برنامجها النووي، وقد لعبت روسيا التي لديها علاقات وثيقة مع إيران دورًا مهمًا في التوصل لهذا الاتفاق. وبعد توقيع الاتفاق زار وزير الخارجية السوري وليد المعلم طهران الأسبوع الماضي للتباحث مع المسؤولين الإيرانيين والروس حول سبل إنهاء النزاع. ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني قوله: "لحسن الطالع أننا نرى تغييرًا في استراتيجية اللاعبين الإقليميين في الأزمة السورية، ولو كانوا قبل أربع سنوات يعتقدون بأن الحرب هي الخيار الوحيد، فهم الآن يفضلون التركيز على الدبلوماسية". وفي نفس الوقت تقريبًا، كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الدوحة يجتمع مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لطمأنتهم بشأن الاتفاق، وقد التقى الجبير في اجتماع منفصل حول الأزمة السورية. وبعد مباحثاته في طهران، سافر وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى عمان، البلد الخليجي الصغير الذي يفتح أبوابه للجميع، والذي ساعد المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين على بدء المحادثات التي أفضت في النهاية إلى الاتفاق النووي. وزيارة المعلم إلى مسقط هي الأول لأي بلد خليجي منذ بدأت الانتفاضة ضد الأسد في 2011، وتعد أوضح إشارة على جدية الجهود الجديدة لإنهاء النزاع. تحت المبادرة الروسية الأبواب واسعة أمام التواصل بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية، فقد علمت «الأخبار اللبنانية» أن لقاء أمنيًا سعوديًا سوريًا عُقد في اليومين الماضيين في موسكو. فيما تردّد أن رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك وصل الى الرياض أمس، برفقة ضابط روسي رفيع، لحضور لقاء أمني سعودي روسي سوري. والزيارة، إن صحّت، هي الثانية لمملوك بعد أولى في تموز الماضي التقى خلالها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. إلى جانب ذلك، كشفت مصادر إعلامية لبنانية مقربة النظام السوري عن زيارات سرية قام بها مسؤولون خليجيون إلى دمشق. وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير لها "إنه يبدو أن الروس والأمريكيين معنيون باستمرار التواصل بين اللاعبين المؤثرين في الأزمة، على قاعدة التزام كل الأطراف بأولوية الحل السياسي، لكن الخلافات العميقة بين الأطراف المعنية تجعل الحديث عن تسويات قريبة أمرًا مبكرًا جدًا. ونقلت عن مصادر متطابقة من دمشقومسقطوطهران قولها إن "المواقف لا تزال متباعدة الى حد كبير، وموازين القوى في الإقليم متكافئة ومتعادلة بما لا يسمح بوجود رابح وخاسر، ولا إرادة دولية لفرض حلّ من دون موافقة اللاعبين الإقليميين".