في مقال بعنوان «تائه في الصحراء»، نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكي، تساءل جيمس تراوب، الباحث بمركز التعاون الدولي: «ما الذي استفادته إدارة أوباما من محمد مرسي مصر؟» مجيبا: «لم تستفد كثيرا، لكن لا يزال في إمكانها تحديد كيفية العمل معه». تراوب أشار إلى حديثه في الأيام الأخيرة مع بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية بشأن «ما يعتقدون أنهم يفعلونه في مصر». مضيفا أن منتقدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتهمونه ب«تدليل ديكتاتور في القاهرة»، وأن إدارته كافأت مرسي لالتزامه بأهداف الأمن القومي الأمريكية، تماما كما فعل السابقون له مع حسني مبارك. تساءل الباحث الأمريكي مرة أخرى: «هل هذا عدل؟». لافتا إلى أوباما يستحق التقدير لقبوله باختيار الشعب المصري لرئيس إسلامي بعد سنوات طويلة كانت تنظر فيها واشنطن إلى أي شراكة مع إسلاميين كأمر غير مقبول. واستطرد أنه في الحقيقة تصرفت الإدارة بشكل غير كافي عندما حصن مرسي نفسه من المراقبة القضائية، ودفع بالقوة دستورا غير ليبراليا، وأظهر الاحتقار لمعارضيه. تابع تراوب أن مرسي ربما شعر بأن هذا الصمت الاستراتيجي منحه «كارت بلانش» أو تفويضا مطلقا بالاستمرار في طريقه إلى استبداد الأغلبية، مع استحالة إثبات ذلك، وفقا للباحث، الذي رأى أن أوباما لم يكن يرغب في «هز قارب مرسي الهش جدا». وقال: «دعونا نتعهد بأن أوباما أخطأ في نهجه الحذر مع مصر. هذه طبيعته، ولكن بصرف النظر عن أي شئ، أنها أفضل كثيرا من نقيضتها، التي جربناها مع بوش». موضحا أن الأسلوب الشامل الذي يتبعه أوباما فيما يتعلق بالربيع العربي كان يقوم بالشئ الصحيح، لكن متأخرا بعض الشئ. وأردف تراوب قائلا إن مسؤولي الإدارة يعتقدون أن مرسي ودائرته ورطوا أنفسهم، وأن هؤلاء المسؤولون ينتابهم القلق حيال عدم كفائتهم أكثر كثيرا من تعصبهم. أحد المسؤولين الأمريكيين قال لتراوب: «أنها مجموعة من الصبية الذين مكثوا في السجن 40 عاما. لا يعرفون ما الذي يقومون به، أنهم مرضى بجنون الارتياب، ويقترفون عدد هائل من الأخطاء. لكن لا يوجد بديل آخر لدفعهم نحو الطريق الديمقراطي». ويضيف المسؤول ذاته: «باختصار مرسي الرجل غير المناسب في الوقت الحالي، لكنه أيضا الرجل الوحيد. يجب دفعه؛ ويمكن دفعه». الباحث الأمريكي أضاف أن وجهة نظر الإدارة للمعارضة مشابهة تقريبا لوجهة نظر الجميع، وهي أنها ضعيفة وكسولة وغير منظمة وتكون أسعد بالاستياء في القاهرة بدلا من الترويج لأنفسهم في الريف. وأشار إلى أن شعبية مرسي المتراجعة ينبغي أن تسمح لمعارضيه بإحراز مكاسب هائلة، موضحا أن الكثير من هذه المكاسب قد يذهب إلى السلفيين بدلا من العلمانيين. مضيفا أن الخبر السار الوحيد هو أن الانتخابات ربما تتأجل لمدة 3 أو 4 شهور، وهو ما قد يمنح المعارضة وقت لإعادة النظر في قرار سئ جدا، في إشارة منه إلى قرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية. تراوب مضى قائلا إنه على ما يبدو تشعر إدارة أوباما براحة أكثر مع الجيش المصري مقارنة بأي مؤسسة حالية أخرى. مشيرا إلى أن الإدارة ليس لديها مصلحة في السعي وراء قطع المعونة العسكرية أو إعادة برمجتها بشكل جدي، كما يتوقع كثير من المنتقدين، والتي لم يتحدث عنها كيري في القاهرة. وأضاف الباحث أن أوباما باختصار ينتابه القلق حيال القمع الاستبدادي عنه حيال انهيار مصر. الخوف في واشنطن الآن من أن ترسل قيادة مصر البائسة البلد إلى الهاوية، بحسب الباحث الأمريكي. مضيفا أن السيناريو المروع قد يتجلى في مصر عاجزة عن سداد ديونها، وهو ما قد يحشد نصف القاهرة في ميدان التحرير، وأن الجيش ربما يشعر بأنه ينبغي عليه السيطرة مجددا. تساءل تراوب ما إذا كانت الحوافز المالية المتواضعة والنصائح الخاصة والتشجيع العام، مع عدم وجود إجراءات عقابية، هي الاستجابة الكافية لأزمة تضرب القلب التاريخي للعالم العربي؟ وأخيرا قال الباحث الأمريكي إن الإدارة الأمريكية ليس لديها الكثير لتقوم به لجعل المعارضة المصرية تشارك في السياسة الديمقراطية، ولجعل مرسي يدرك أن الفوز بالأغلبية البرلمانية لا يمنحه رخصة التعامل بوحشية مع معارضيه. ووصف هؤلاء الذين يقولون إن الولاياتالمتحدة أضعف من ما كانت عليه، بأنهم محقون.