الأهالي يعتمدون على زراعة 800 فدان بمياه الصرف دون معالجة أهالي النصارية: بعدما كنا الأوائل في زراعة العنب والخوخ والتين الشوكي أصبحنا مرضى بالفشل الكلوي "إيه اللي رماك على المر".. بهذه العبارة يصّبر أهالي قرية النصارية في الفيوم أنفسهم حول واقعهم الأليم بعد معاناتهم من انعدام مياه الشرب؛ ولكن الحيلة لا تجف فلجأوا اضطرارا إلى شرب مياه الصرف، أما قلوبهم فقدموها قربانا إلى الله ليحفظ أبناءهم بعد وفاة بعض من ملاك البراءة دون ذنب جراء تلوث المياه بعدما واجهوا الموت جفافا. وترصد "التحرير" معاناة أهالي 36 عزبة تابعة لقرية النصارية بمركز أبشواي في محافظة الفيوم من غياب مياه الشرب والري، ما اضطرهم إلى الاعتماد على مياه الصرف الصحي التي يتم صرفها في المصارف دون أي معالجة لها. ويستخدم الأهالي مواتير المياه لرفع مياه الصرف، وري الأراضي بها، كما أنهم أنشأوا أحواضًا يقومون بتجميع المياه فيها، ووضع "شبه" في المياه لتنقيتها وشربها. فمياه الصرف الصحي هي أملهم الوحيد في الهروب من الموت عطشًا، ومن جفاف أراضيهم. يقول محمد محمود خفير نظامي من أهالي النصارية، إنهم يواجهون مشكلة كبرى بسبب أزمة المياه، فاعتمادهم الكلي على مياه الصرف الصحي، ما يصيبهم بأمراض الفشل الكلوي وفيروس سي نتيجة شرب مياه الصرف دون معالجة، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي مياه ري على مستوى القرى. وتابع: "بنزرع بمية الصرف لأن مفيش مية خالص، وخيار بناكل وملوخية بناكل، يعني بناكل ونشرب من الصرف، ومحدش من المسؤولين بيسأل فينا". وأضاف حمادة سعودي، أن قرى النصارية كانت تشتهر بزراعة أربعة أنواع من العنب الفيومي، والذي كان يعد من أفضل أنواع العنب، بالإضافة إلى الخوخ والتين الشوكي، والمانجو والجوافة، وكانوا يقومون بتصديرهم لشدة جودتها بالإضافة أيضًا إلى الملوخية والخيار. وأكد سعودي أنه بسبب عدم وجود مياه ري جفت الأراضي ولم يعد هناك وجود لزراعة هذه الفواكة والخضروات في النصارية بالكامل، موضحًا أنهم يعتمدون على مياه الصرف والتي تأتي بكميات قليلة، فيقومون بتأجير "موتور لرفع المياه" مقابل 25 جنيها في الساعة الواحدة. وأكمل: "كل ده كمان وميه صرف مش ميه نضيفة"، لافتا إلى أن مياه الصرف تأتي إليهم من محطتي صرف العجميين، وتلات، وتصب عندهم لأنهم نهاية مركز أبشواي، وبداية بحيرة قارون وينتهي الحال بها في البحيرة ما يؤدي أيضًا إلى تلوث البحيرة ووفاة الأسماك بها. وأشار أبو عربي صلاح إلى أن أهالي القرية على هذا الحال منذ أربعة سنوات، مؤكدا أنهم اشتكوا للمسؤولين كثيرًا وقدموا لهم وعودًا كثيرة بحل المشكلة ولكن دون جدوى، أو تنفيذ أي حلول. وتابع شعبان محمد أحد الأهالي: "حتى مياه الشرب التي تنزل من الصنابير عبارة عن مياه صرف"، منوها أنه عندما يدخل منزله تكون هناك رائحة صرف تملأ المكان، ويقوم بتشغيل المراوح ورش المعطرات للقضاء على هذه الريحة. وأبدى شعبان خوفه على أطفاله من الإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة شرب هذه المياه، قائلًا "بالفعل مات أطفال من هنا من البلد جالهم فشل كلوي بسبب المية الملوثة دي، إحنا بنشرب المية وبنزرع بيها وهي نازلة من محطة الصرف من غير أي معالجة زي ما بتنزل من البيوت بالظبط"، موضحًا أنه بالنسبة لمياه الري فهي تزرع حوالي 800 فدان على مستوى القرية والقرى المجاورة. على جانب آخر، حاولنا الاتصال بوكيل وزارة الري المهندس أمان الله فريد، والمهندس مشرف خليفة رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي دون أي رد منهما. * * * * * * * * * * *