تحقيق: محمد علاء ومحمود عاطف وعادل نصار يعملون دون ملل، على الرغم من صعوبة المهن التى اختارها القدر لهم، تجدهم طوال الوقت فى خدمة الآخرين، لا ينتظرون مقابلا لها، هكذا هى حياة البعض، ممن يعيشون بجوارنا، ولا نعلم كم هى المعاناة التى يعانونها، بعيدا عن منازلهم وأسرهم وأصدقائهم، هم محرومون حتى من قضاء العيد مع أقرب الناس إليهم، بينما يساعدون الآخرين على قضاء عيدهم فى سهولة ويسر. العاملون بالمترو والنقل العام: نحن فى خدمة المواطنين توفر هيئة النقل العام خلال عيد الفطر أوتوبيساتها بالمناطق التاريخية والترفيهية والمتنزهات العامة والمزارات السياحية بالقاهرة الكبرى بمحافظاتها الثلاث لخدمة المواطنين، مع توفير الأعداد اللازمة من السيارات لكل خط والتى تتناسب مع أعداد المواطنين المتوقع خروجهم للترفيه، وتجهيزها لخدمات عيد الفطر المبارك، وذلك من حيث المظهر العام والنظافة. المهندس رزق على مصطفى، رئيس هيئة النقل العام، قال ل«التحرير»، إنه سيتم تشغيل 34 خط أوتوبيس جديد تعمل كخدمة خاصة خلال إجازة العيد فقط، وذلك لخدمة المناطق السياحية والترفيهية بمحافظاتالقاهرة الكبرى ب130 سيارة جديدة وقع اختيارها بين السيارات الجديدة التى وردت حديثا إلى الهيئة لتقديم خدمة مميزة لجماهير الركاب خلال العيد، بالإضافة إلى 5 وحدات نهرية سياحية وعدد من الوحدات العادية لخدمة مدينة القناطر الخيرية وحديقة الحيوان، بالإضافة إلى تشغيل خطوط هيئة النقل العام التى تغطى خدماتها كل مناطق القاهرة الكبرى، بما فيها المناطق السياحية والترفيهية، مما يجعل جيشا من العاملين يستعدون لقضاء العيد فى العمل وعدم التفكير فى الحصول على إجازات لإسعاد وراحة المواطنين. أشرف معين، مفتش محطة أوتوبيس بولاق الدكرور، يقول ل«التحرير» إن العمل فى الأعياد مختلف كثيرا عن الأيام العادية بسبب زيادة الإقبال على الأوتوبيسات، مما يطلب درجة أعلى من التفتيش والرقابة على السائقين والمواطنين الاثنين معا، للالتزام بقواعد الركوب والسلامة الأمنية التى وضعتها إدارة الرقابة والحركة الميدانية بهيئة النقل، مثل عدم اصطحاب حيوانات أليفة فى الأوتوبيس، أو بوتاجازات، أو أى مواد قابلة للاشتعال، أو ممارسة البيع والشراء داخل المركبة، أو تخريب الأوتوبيس بأى شكل من الأشكال، مضيفا أنه فى حالة وقوع أى حالة من الحالات السابقة سيتم الاتصال بأقرب فرد أمنى لعمل المحضر اللازم، لإثبات واقعة المخالفة، راجيا من المواطنين الذين سيركبون الأوتوبيسات الحفاظ على عرباتهم والالتزام بقواعد الركوب والسلامة، متمنيا عيدا سعيدا لكل المصريين. أما محمد سعد، سائق أوتوبيس نقل عام على خط «أثر النبى»، فيقول إنه يعمل منذ 6 سنوات، يمر عليه العيد كل عام فى العمل، حيث يقوم بصلاة العيد فى مسجد بجوار المحطة التى ينطلق من خلالها فى ربوع مصر لخدمة المواطنين لمدة يومين، وبعد ذلك يتنزه هو وأسرته فى المتنزهات المختلفة، مضيفا أن هناك بدلات إضافية للسائقين لتشجيعهم على العمل وسط الإقبال. أما سائقو الميكروباص والتاكسيات فيقولون إنهم مضطرون إلى العمل فى الأعياد، لأنهم إذا توقفوا سيتوقف دخلهم الذى يكسبونه بشكل يومى، يقول رضا عبد الله، سائق على ميكروباص خط «مؤسسة- أكتوبر»، إن العمل فى العيد اضطرارى ولا بديل عن ذلك، متسائلا «مين هيصرف على عيالى ويديهم العيدية لو خدت راحة»، وأكد كلامه حنفى إبراهيم، سائق تاكسى، الذى قال إن العمل فى العيد موسم بالنسبة إليه لا يستطيع تفويت فرصة المقابل المادى الزائد فيه، حيث إنه فى أى عيد من الأعياد السابقة لم يسر دون زبائن لمدة ثانية واحدة. لم تختلف الأوضاع كثيرا على مستوى رسمى، حيث أعلن المهندس على فضالى، رئيس شركة المترو، استمرار زيادة ساعات تشغيل قطارات الخطوط الثلاثة خلال أيام عيد الفطر، بحيث يبدأ تشغيل أول رحلة بكل خط الساعة 5.30 صباحا، وتنتهى آخر رحلة فى الثانية من صباح اليوم التالى، وأضاف فضالى أنه تم اتخاذ أقصى درجات الاستعداد وجاهزية المعدات وفرق الطوارئ لمواجهة أى طوارئ قد تحدث فى أثناء العيد، وتم إعداد جداول تشغيل القطارات بالخطوط الثلاثة لتواكب أعداد الركاب المتوقعة بعدد 1290 رحلة، بعدد 392 رحلة بالخط الأول ما بين «حلوان- المرج»، و468 رحلة بالخط الثانى ما بين محطتى شبرا الخيمة والمنيب، والخط الثالث ما بين محطتى العتبة والأهرام بمصر الجديدة 430 رحلة، كما أكد رئيس شركة المترو أنه سيتم استمرار زيادة عدد ساعات تشغيل القطارات طوال أيام العيد. رجال الشرطة.. يعملون فى جميع الأوقات رفع درجة التأهب والاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك هو عنوان وزارة الداخلية دون راحة أو الحصول على إجازات لتأمين المواطنين والمنشآت والهيئات والوزارات، وتنشر الوزارة قواتها بشكل مكثف لعناصر الشرطة النسائية فى الشوارع الرئيسية هذا العيد، لرصد المتحرشين وردعهم والحد من المضايقات. وتكثف إدارة مكافحة العنف ضد المرأة من جهودها للسيطرة على الحالة الأمنية فى جميع الحدائق والمتنزهات وكورنيش النيل ودور السينما، لتأمين الاحتفالات بعيد الفطر المقبل، كما تستعد الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات إلى شن حملات أمنية موسعة فى محطات مترو الأنفاق والقطارات والأرصفة وورش السكك الحديدية، لفرض السيطرة الأمنية وضبط كل الظواهر الإجرامية. وأعلن الجهاز الإعلامى بوزارة الداخلية عن استعداد جميع المناطق والمتاحف الأثرية لاستقبال زوارها من المصريين والأجانب خلال أيام العيد، وتوفير الخدمات اللازمة لاستمتاع الزوار، وسائر الاحتياطات لمواجهة أى طوارئ. المستشفيات و«الإسعاف» والصيدليات دون راحة يقول الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة، ل«التحرير»، إن استعداد وزارة الصحة لتأمين الاحتفال بعيد الفطر المبارك شمل خطة الاستعدادات لتحديد مستشفيات الإخلاء ورفع كفاءتها، وتجهيز فرق الانتشار السريع سواء المركزية أو الإقليمية، والتنسيق مع هيئة الإسعاف المصرية، وتأمين وتدعيم الأدوية والمستلزمات، وتوفير كميات من أكياس الدم ومشتقاته، ورفع درجة الاستعداد بغرفة عمليات الإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة ومركز الخدمات الطارئة. وأضاف المتحدث الرسمى أنه قد تم رفع درجة الاستعداد القصوى على مستوى الجمهورية بجميع المستشفيات وأقسام الطوارئ، وزيادة عدد الأطباء المناوبين بأقسام الاستقبال والأقسام الحرجة وتنظيم الإجازات والراحات طبقا للقوى البشرية لكل مستشفى، وذلك بهدف توفير العدد اللازم من الطواقم الصحية لأقسام الاستقبال والطوارئ والأقسام الحرجة، مع وجود مديرى الطوارئ بغرف العمليات بمديرية الشؤون الصحية، وإرسال التقارير الخاصة بأعداد المصابين والتشخيصات والمستشفيات التى تم الإخلاء عليها، ورفع درجة الاستعداد القصوى على جميع مرافق الإسعاف بجميع محافظات الجمهورية بإجمالى عدد 2831 سيارة إسعاف، و10 لنشات إسعافية، و2 طائرة إسعافية. تقول الدكتورة شاهيناز بدراوى، مدير أحد المستشفيات فى الجيزة، إن العمل فى عيد الفطر المبارك يختلف عن باقى الأوقات، حيث يتم وضع خطة طوارئ وخطة عمل محكمة، مضيفة أنه تتم زيادة عدد الأطباء بل ومضاعفاتها وزيادة المناوبات، وزيادة المستلزمات الطبية والأدوية التى يستخدمها المستشفى من أجل الاستعداد الكامل لاستقبال جميع الحالات الحرجة والعادية فى أيام العيد المبارك. بدراوى تؤكد أن واجبها كطبيبة بشرية أن تكون فى خدمة المواطنين فى أى مكان أو زمان، وكانت تعرف ذلك جيدا قبل أن تدخل كلية الطب وتطبقه خلال عملها، مضيفة أن الإجازات الرسمية لا تعنى لها شيئا، حتى إن سافرت فى شهور مختلفة فى السنة، حيث تحكى بدراوى أنها قامت بالكشف على أشخاص كثيرين فى الساحل الشمالى فى أثناء قضاء يومين فى منتصف السنة الماضية قائلة «الأطباء هم ملائكة الرحمن، ورحمة الله فى الأرض، فلا أستطيع أنا أو غيرى منع إرادة الله من الوجود». حاتم محمد، يعمل ك«مسعف» فى أحد مستشفيات مدينة نصر منذ 8 سنوات، يقول إن العمل خلال أيام العيد دائما ما يكون هو الأصعب، نظرا لارتفاع حالة الطوارئ خلال هذه الفترة من العام، حيث تكون كل الأطقم جاهزة لاستقبال أى بلاغ. ويحكى محمد أنه على الرغم من حصوله على بكالوريوس تجارة فإنه يجد فى هذا العمل متعة خاصة، ولم يفكر فى التخلى عن مهنة المسعف والانتقال للعمل كمحاسب مثلا قائلا «إنه لشعور رائع عندما تكون سببا فى إنقاذ حياة الآخرين، وهو إعمالا لنص آية من القرآن الكريم تقول (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)»، ويضيف محمد أن مهنة المسعف مهنة شاقة، قائلا «نحن نعمل 12 ساعة فى اليوم تقريبا، قابلة للزيادة أوقات الأعياد، ومع ذلك لا نلقى التقدير المناسب سواء ماديا أو معنويا». الصحافة لا تعرف الإجازات
التغطية الصحفية والواجب الإعلامى لنقل الأخبار والمعلومات إلى المواطنين فى كل الأيام والأوقات وكل المناسبات دون التفكير فى الراحة أو الإجازات تفرض على الصحفيين بجميع فئاتهم تأدية عملهم فى كل الأوقات. يقول أحمد رؤوف، سكرتير تحرير بإحدى الصحف الحزبية، إنه لم يأخذ إجازات فى الأعياد والمناسبات طيلة فترة عمله بالصحافة التى تُقدر بعشر سنوات، مضحيا بالتنزه مع أسرته وقضاء الأوقات السعيدة التى تأتى مع نسمات عيد الفطر فى سبيل إعلام القارئ بالحقيقة وإمداده بالمعلومات. أما عماد خليل، محرر بإحدى الصحف الخاصة، فيقول إنه يعمل منذ 10 سنوات ولم يأخذ إجازات فى المناسبات، ويقضى معظم أوقات الأعياد بعيدا عن الأهل والأسرة فى سبيل حق القارئ فى المعرفة، مضيفا أنه لم يشعر بأى حزن أو ضيق من ذلك، لأن طبيعة المهنة تتطلب هذا الأمر مثلها كمثل الطبيب الذى لا يستطيع أن يغلق عيادته، أو المستشفى الذى يعمل به، فى وجه المواطنين. أما عماد الجبالى، مصور فى «التحرير»، فيقول إن فترة عمل العيد تبدأ بالليلة التى تسبقها «الوقفة»، حيث نذهب لتصوير مظاهر هذا اليوم، ورصد حالات التحرش، وتصوير ما نراه ما يخرج عن المألوف، أما فى أول أيام العيد فنذهب من الفجر لتصوير صلاة العيد فى أشهر الساحات فى مختلف محافظات جمهورية مصر العربية، وبعد ذلك نذهب إى المتنزهات، حيث يعمل جميع المصورين دون إجازات أو راحة طوال أيام العيد. المطاعم والديليفرى ودور السينما والفنادق.. «سيزون شغل» «بنعيد بعد العيد، والعيد الأضحى بالنسبة إلينا موسم العمل الشاق ونجد زحاما كبيرا بالمطعم، وننام فى اليوم ما لا يزيد على 4 ساعات تقريبا»، بهذه الكلمات القليلة بدأ الشاب العشرينى محمد حديثة ل«التحرير»، يعمل بأحد مطاعم منطقة وسط البلد، يقول إن أيام العيد تعتبر بالنسبة إليهم «موسم» العمل، حيث تجد المحل مليئا بصخب وزحام شديد من المواطنين الذين يأتون من كل حدب وصوب من مختلف المناطق بجمهورية مصر العربية، للاحتفال بالعيد والخروج فى نزهة جميلة، وتجد الأب مع أبنائه وزوجته، قائلا «كل هؤلاء المحتفلين من المواطنين بالعيد يمثلون لنا عائقا فى عدم قضاء أيام العيد وسط الأسرة والاستمتاع بأيامه التى تمتد لأسبوع، خصوصا أن العمل يشتد فى موسم عيد الفطر المبارك، وأن خدمة الزبائن وأكل العيش تتطلب التضحية». ويضيف محمد، مع حلول موسم العيد يتم رفع حالة الطوارئ بالعمل، حيث لا بد أن يكون عدد العمال كبيرا، وأكثر مما نحتاج فى الأيام العادية، ونكون على درجة كبيرة من اليقظة والتركيز وعلى أهبة الاستعداد دائما لطلبات الزبائن من حولنا، حيث يمكن أن نعمل أكثر من 20 ساعة متواصلة لخدمة المواطنين، ونحصل على مقابل مادى مضاعف بخلاف «العدية» والتى نحصل عليها من صاحب المطعم، وبعد انتهاء أسبوع العيد نأخذ إجازة العيد التى يمكن أن تكون يوما أو يومين على حسب قرار مالك المطعم. من جانبه يقول محمد عبد القوى، مالك ورئيس مجموعة مطاعم شهيرة، إن ليلة الوقفة وأيام العيد تمثل لنا فرصة قوية لكى نربح أموالا من عملنا، حيث تجد كل المواطنين يخرجون إلى دور عرض السينما ويجلسون على المقاهى، وبعد ذلك يتناولون الطعام، لذلك كلنا نكون موجودين بكامل طاقتنا، وتغير لنا مفهوم العيد من أيام للراحة والفرحة إلى أيام للعمل و«الشقا» فى سبيل لقمة العيش، وبصفتى مالك مجموعة مطاعم معروفة فأنا موجود طيلة أيام موسم الفطر فى المطاعم الخاصة بى بجوار العمال، حتى أرفع من روحهم المعنوية وأحثهم على العمل بجد. محمد رجب، يعمل فى خدمة توصيل الطلبات للمنازل «ديليفرى» فى أحد مطاعم الوجبات السريعة الشهيرة، منذ 3 سنوات، يقول إن العمل فى أثناء الأعياد يكون مضغوطا للغاية، خصوصا العيد الصغير، قائلا لا يكون لدينا وقت للراحة، أو التمتع بإجازة العيد مثل الآخرين، طبيعة العمل قائمة على خدمة المواطن. ويحكى رجب، أنه يعمل 9 ساعات فى الأيام العادية، لكنها تزيد إلى 10 ساعات فى الأعياد، وذلك يكون مرهقا للغاية، رجب قال إنه عندما حصل على دبلوم الصنايع كان يأمل أن يعمل فى مخبز خبز، ولكنه لم يوفق، لذلك اتجه إلى العمل فى خدمة الديلفيرى، بناء على نصيحة أصدقاء له يعملون فى نفس المجال.