«ما هي مصر؟».. في مقال تحت هذا العنوان بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، قال ستيفن كوك، خبير دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إنه بينما يصل وزير خارجية أمريكا الجديد إلى القاهرة، لم يتضح بعد ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تعرف ما الذي تتعامل معه. أضاف كوك أنه عندما يجلس كيري مع المسؤولين المصريين أثناء زيارة هل القاهرة، سيتبع مما لا شك فيه موضوع نقاش قديم - يولع القادة من البلدين بالحديث عنه: هو أن الولاياتالمتحدة ومصر تتمتعان ب«علاقة استراتيجية». كوك قال إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عمل جاهدا من أجلإبقاء العلاقات ما بين القاهرةوواشنطن على مسارها الصحيح، في الوقت الذي كانت تترنح فيه مصر من أزمة سياسية إلى أخر طيلة العامين الماضيين.وتسائل: «إلى أين من المفترض أن يقود هذا المسار؟ مجيبا أنه لا يتضح على الإطلاق ما إذا كان الرئيس أوباما يعرف». وأضاف متسائلا مرة أخرى،إذا كانت مصر ليست حليفا وليستعدوا، إذن فما هي؟ «لاأحديعرف»، وفقا له. سخر كوك خلال مقاله من وصف أحد كبار المسؤولين الأمريكيين في مؤتمر صحفي أواخر 2004، لطبيعة العلاقة الأمريكية المصرية وما تريده الولاياتالمتحدة في مصر، حيث قال هذا المسؤول: «نحن نريد ما يريدوه المصريون». كوك وصف هذا الرد ب«الماكر»، مضيفا أن الحكومة المصرية في ذلك الوقت لم تكن ترغب بوضوح في الجهود الأمريكية لتعزيز الديمقراطية، حتى إذا رحب بها بعض المواطنين. متسائلا ماذا إذا أراد المصريون إنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل؟ أو أرادوا تعزيز العلاقات مع إيران؟ كما تطرق إلى أن الأمريكيين في 2013 لا زالوا يتحسسون الطريق عندما يتعلق الأمر بمصر. مشيرا إلى ما قاله السناتورماركوروبيو من فلوريدافيلقاءبمعهدواشنطنلسياسةالشرقالأدنىبعد رحلته إلى الشرق الأوسط التي لم تتضمن مصر، من أن واشنطن لن تكون هي محدد مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية، وأن قوة العلاقات بين البلدين «أمر يعود إلى المصريين». وعلق كوك أن هذا التشوش الذهني لم يصف دائما العلاقات المصرية الأمريكية. وأضاف كوك أن واشنطن كانت تخبر نفسها دائما أن مستبد مسن كان ميزة لأنه أبقى قناة السويس مفتوحة، والتزم باتفاقية السلام مع إسرائيل، وكبح الإسلاميين. مستطردا أنه بعد الفوضى السياسية خلال العامين الماضيين وصعود الإخوان المسلمين للحكم، أصبح هذا المنطق الخاطئ أكثر وضوحا، فالرئيس مرسي لم يتحرك نحو قلب النظام السياسي الإقليمي أو يعترض معاهدة السلام مع إسرائيل. كوك يرى أن صناع القرار الأمريكيون مضوا وقتا عصيبا في توضيح الأساس المنطقي لعلاقة عفا عليها الزمن على نحو متزايد. مضيفا أنه في نهاية عصر مبارك، بدت العلاقة الاستراتيجية هي مجرد شئ يتحدث عنه المسؤولون الأمريكيون والمصريون علانية، بينما يتساومون حول المال. مضيفا أن المعونة العسكرية تذهب إلى أنظمة اسلحة لا يستخدمها المصريون أبدا أو يصعب عليهم تشغيلها، وأن المعونة الاقتصادية كانت قليلة جدا لتساعد في الصراعات الاقتصادية المصرية. متابعا أن التشوش لن يصب في صالح أي من البلدين، وأن الأمر كله يتعلق بالمعونة والوصول إلى المجال الجوي لمصر وقناة السويس. وتابع كوك أن المشكلة في تحديد استراتيجية هي أن واشنطن ليست مهتمة بالقدر الكافي بالقاهرة، فصناع القرار والمحللين يناقشون أهمية تعزيز الديمقراطية في مصر، لكن السياسة الأمريكية في المنطقة موجهة نحو أهداف أكبر. أو في عبارة أخرى وفقا لكوك، مصر سواء كانت ديمقراطية أم لا، هي وسيلة لبعض الغايات الأخرى. موضحا: «واشنطن مهتمة بالاستقرار المصري لأنها مهتمة بالأمن السعودي، أو بالتحدي الإيراني، أو بالصالح الإسرائيلي». الباحث الأمريكي أضاف أنه بزيارة وزير خارجية جديد لمصر ما بعد مبارك، يوجد أمل في تجديد العلاقات. متابعا أن اقتراحات تحويل العلاقة إلى «تجارة لا معونة» لم تحظ أبدا على الكثير من الانتباه، وهي بالكاد أسس لعلاقات استراتيجية. وكذلك كان تأثير التهديدات الصريحة بقطع المعونة مقابل الإصلاح، ضئيلا على مسار السياسة المصرية، بحسب كوك. وقال إنه ربما يكون وضوح هدف السياسة الأمريكية مستحيلا حاليا بسبب عدم استقرار السياسة المصرية. مضيفا أن أفضل شئ للولايات المتحدة الآن هو عدم محاولة إصلاح العلاقات الاستراتيجية القديمة، لكن البدء في أخرى جديدة. وتابع أنه من غير المحتمل أن تتحالف القاهرة مع أعداء واشنطن، وأن مغازلة مرسي لإيران كانت ليظهر للمصريين أن عصره مختلف عن عصر مبارك. اختتم كوك مقاله بأنه من غير المحتمل أن تحدث زيارة كيري تغيير دراماتيكي في نهج واشنطن نحو القاهرة. مضيفا أن مصر تتصارع مع شياطينها الداخليين وفي حاجة ماسة إلى مساعدة اقتصادية، وأن كيري وأوباما سيحققا ما هو أكبر إذا أخرجوا العلاقات الأمريكية المصرية من قيود العلاقات الاستراتيجية التي عفا عليها الزمن، وغيروها إلى علاقات طبيعية أكثر، تناسب التغييرات في مصر والمنطقة حولها.وأخيرا قال إن الأمر يتطلب من صناع القرار نظرة عميقة لفهم أن الابتعاد قليلا عن القاهرة ربما يكون أمرا جيدا.