لا شريعة ولا شرع، القصة كلها خديعة وزيف. فها هو ذا التيار المتمسح بالإسلام المدَّعِى كذبا وزورا أنه يريد تطبيق الشريعة، ويعمل لنا فيها السبع الثائر، ويدعو إلى جمعة تهديد وجمعة ترويع وجمعة تكفير وجمعة شريعة من أجل الخديعة، جلس بعضهم مبتسما فرحا مدهوشا مبهورا بأنه يزور مرسى فى قصر الرئاسة مواليا له، وهو يخالف الشريعة حين يقترض بالربا، وحين يعذب المعتقلين، وحين يظلم المواطنين، وحين يقول ما لا يفعل طول الوقت، ويحنث باليمين ويخالف العهد، كما أنه طبعا لم يطبق الحدود! كلهم يشاركون فى خداع الفقراء والجهلة بأكذوبة سعيهم لتطبيق الشريعة. أولًا هؤلاء لا يفهمون فى الشريعة إلا كما يفهم ضيقو العقول قاصرو التفكير غليظو الروح والوجدان. ثانيًا هؤلاء لا مشروع لديهم إلا التكفير والانفصام عن الواقع وإقفال باب الاجتهاد وتقديس الشخص لا النص. ثالثًا هم يتاجرون بتشددهم من أجل الفوز بالمكاسب والغنائم بعد طول إرهاب فاشل السعى وقتل خائب المسعى، وليس فيهم من يَصْدُق فى عزيمته إلا حين يهدد بالقتل ويروع المخالفين لأفكاره (إن كان ما يملكه أفكارا أصلا!)، لكن لا مشروعات حقيقية ولا خطط واقعية ولا حلول يومية ولا إدارة ولا كفاءة ولا فكر ولا رأى... لم يقدم أى حزب إسلامى أو حركة سلفية تسانده قائمة تضم حصرا بالقوانين المخالفة للشريعة الإسلامية أو المواد المخالفة داخل قانون هنا أو هناك فى شبكة التشريعات المصرية، لا حزب ولا جماعة ولا حركة ولا دعوة فعلتها أبدا، هى تكتفى فقط بشعار المطالبة بتطبيق الشريعة، لكنها لا تتحدث إطلاقا فى تفاصيل، لأن التفاصيل سوف تكشف أن مصر تطبق الشريعة فى جوانب تشريعاتها كافة، فيما عدا اللَّمَم، حتى مسألة فوائد البنوك فيها اختلافات، لكن مندوب الإخوان فى قصر الرئاسة تَجرَّأ على الادعاء حين خطب فى 6 أكتوبر الماضى حالفا أنه لا يمكن أن يرضى أن يأكل المصريون بالربا، بينما هو يتعامل -منذ جاء- بالربا (من وجهة نظره) بلا ذرة من تردد، فيحلل لنفسه ما حرمه الله (قال مرسى وإخوانه مئة مرة إن الفوائد ربا وحرام)، لكن هؤلاء هم الإخوان الذين يتغاضون عن عقيدتهم بمنتهى الخفة، وهؤلاء هم المتمسحون بالدين الذين يرضون بمخالفة الشريعة ما داموا هم الذين يخالفونها وما دامت مصلحتهم تتحقق بمخالفتها. إنهم لا يريدون تطبيق شريعة ولا يحزنون، بل تهييج جمهورهم من الأميين تعليميا ودينيا! هل هناك كذب أشد من هذا فجورا؟!