فاتنة السينما مارلين مونرو قالت مخاطبة أشهر أزواجها على الإطلاق، الكاتب الأمريكى آرثر ميلر، الذى كان أيامها فى أوج انتشاره، بينما هما يتعشيان على ضوء الشموع فى واحد من أفخر مطاعم هوليوود: بصراحة يا عزيزى، دون أن تغضب، كتاباتك أنا لست من المعجبين بها، هل تعرف لماذا؟ ولم يجب. ملحوظة أولى: الكاتب الأمريكى أرثر ميلر -1915-2005- الذى سجل تجربته المريرة مع فاتنة السينما العالمية مارلين مونرو ضمن مسرحية له، بعنوان: ما بعد السقوط، يبقى من وجهة نظر الكثيرين هو أشهر رجل فى حياة فاتنة السينما العالمية مارلين مونرو، غير أنه ليس كذلك بالتأكيد، خاصة إذا ما قورن بطابور عشاقها الذى يمتد من سائر أفراد عائلة كيندى إلى كل من مارسوا الجنس معها فى الخيال، لا سيما فى بعض بقاع الشرق المسماة بمهد الحضارات، انتهت الملحوظة الأولى، استطردت قائلة: كتاباتك، كفتارين الأجزخانات الفقيرة فى أحياء المهاجرين قاتمة، مقبضة، بلا تحابيش. هكذا حكى صديقهما المشترك، المحرر الفنى بصحيفة النيويورك تايمز، إدوارد بولانسكى. كوميديا الديمقراطية بالقلقاس، على طريقة تحابيش الإخوان، ما زالوا يمثلونها على مسرح الخبل، بالرغم من إلحاح الشعب على تذكير المرشد وجماعته ومرسيه بها بشتى الوسائل: المظاهرات أو الإضرابات أو الاعتصامات أو حتى العصيان المدنى الذى بدأت شمعته تضاء من بورسعيد. وعلى سطح ذاكرتى، طفت صورة الأطفال حين يتنادون فى الشوارع، كالكلاب الضالة حين تحاول الهروب من كل هذه الكآبة: تيجى نلعب كيكا على الواطى؟ يعنى: تيجى نلعب ديمقراطية بالقلقاس على طريقة تحابيش الجماعة. وقد قلت مرارًا إن هناك فى هذه البلاد من لا يفهمون الكلام إلا إذا جاء بالإنجليزى من أصغر موظف بالخارجية الأمريكية، وعلى الناطقين بالعربية أن يسارعوا بترجمة أوجاعهم، أو فليس أمامهم غير الصبر والسلوان والحسبنة، أنا لا أفكر إذن أنا مواطن صالح، العكس معناه بكل بساطة أنه من القلة المندسة أو الكفرة العلمانيين وبتوع الأجندات الأجنبية، أى أن على المواطن أن يختار: إما أن يردد كالبغبغان كل ما يصدر عن كهنة الجماعة، أو فإنه بالضرورة سيكون من القلة المندسة أو الكفرة العلمانيين وبتوع الأجندات الأجنبية أو اللى عايزين يولعوا فى البلد. وعلى صفحات هذه الجريدة منذ العدد الأول حتى الآن، ظللت أرتكب صباح الخميس من كل أسبوع المقال تلو الآخر، ضد الديمقراطية بالتحابيش، طبقا لنظرية مارلين مونرو، التحابيش عند حاخامات الإخوان معناها: التخويف من الله، إذا انتخب الواحد شخصا غير الذى أوصى عليه صاحب العظمة السلطانية ملك قبيلة الإخوان، أو إذا سأل أحدًا من الجماعة: ما هو مصدر كل هذه الأموال المتلتلة؟ هذا هو الكفر بعينه، أعدقاؤنا الإخوان يحلمون باليوم الذى نذهب فيه إلى سلخانات الأمن المركزى بالجبل الأحمر. ملحوظة ثانية: إن كان على أعدائى أو أصدقائى، على حد سواء فأنا كفيل بهم، إما حبًّا، أو تجاهلًا، أو كنسًا، أو بالمواجهة أو التدليت، المشكلة الحقيقية تكمن فى أعدقائى، ولم يقتصر الأمر، فيما أظن، على مجرد اشتقاق لُغوى، ابتدعه المصريون على طريقة: القافية تحكم أو من باب طق الحنك، بل ليصفوا تكوينات بشرية محددة، كالرخويات الثنائية الجنس أو أنثى العقرب أو الحرباء أو الديك الكاذب الذى نكتشف بعد فوات الأوان أنه ليس سوى فرخة مستديكة، خطورة هؤلاء تكمن فى التظاهر بالمسكنة، دائمًا يلعبون دور الضحية، بينما هم يخفون وراء هذه الملامح الذليلة التسوُّلية ذئبا، يتحين الفرصة لينقضّ، خطورة هؤلاء تكمن فى النزوع المرضى إلى تعويض الجبن بالخديعة، أو التدهور الحاد فى هرمونات الذكورة بادعاء التسامى أو التمسك بالقيم، تكمن فى التمويه الغريزى على انطفاء الروح بالشكوى من فساد المجتمع، أو الانتهازية ببعد النظر، أو حقارة النفس بالتشكيك الهيستيرى فى نبالة الغير، إنها باختصار تكوينات أخرى، تقع خارج نطاق الأعداء أو الأصدقاء أو اللا مبالين، انتهت الملحوظة الثانية. المهم أن أعدقاءنا من الإخوان يتحرقون شوقا إلى اللعب معنا كيكا على الواطى، باعتبار أن هذه هى الديمقراطية بالتحابيش، بالضبط كما اعتاد أن يفعل كهنة فرعون، عندما راحوا يهددون البشر بأن من يخرج عن طاعة الملك الإله، ينتظره انتقام غامض على البر الغربى الذى اعتقدوا أنه العالم الآخر، كانوا على ثقة من أنهم يكذبون، ليس الإيمان ما كان يدفعهم إلى خداع الفلاحين البسطاء، بل أكل العيش الذى أصبح فى عهد الجماعة بالملايين فى الفضائيات التى تحرض على الفتنة الطائفية أو إهدار دم المخالفين، أنا لا أنكر أن لى رأيًا خاصًّا فى التركيبة النفسوجنسية لجماعة الإخوان، لى رأى خاص ينطلق من أن جميع الألعاب التى يمارسونها لخداع الناس أبعد ما تكون عن الحد الأدنى من الإجادة، وأنها بالكامل من أعراض الضمور فى خلايا مراكز الإدراك بالمخ. بدليل ما حدث نهار الجمعة الماضى، أمام تمثال نهضة مصر الذى غطوه خوفا من الفتنة، عندما أقامت الجماعات المتوضئة بالدم ألفية تحت شعار: معا ضد العنف. الذين احتكروا الإرهاب على مدى العقود الأربعة الماضية يطالبون الثوار المسالمين بالابتعاد عن العنف بالقرب من قصور مرسى، وقد قاموا بتكريم القتلة على رؤوس الأشهاد، إن لم تكن هذه هى الشيزوفرينيا الدموية، فما عساها تكون؟ كهنة المقطم، لا يتوقفون عن التأكيد أننا جميعا مصريون: الجناة والمجنى عليهم، وأننا فى مركب واحدة، خطأ شائع أو أكذوبة لا يملون من تكرارها، طبعا كلنا مصريون: القاتل مصرى والضحية مصرى، اللص مصرى والمنهوب مصرى، الدكتاتور مصرى والمهدرة كرامته مصرى، لكننا لسنا فى مركب واحدة، إحنا فى مركب تانية، مش ممن نركب مع القاتل واللص والسفاح والكاذب والمزور والمستبد ومصاص الدماء ومن يعذب الأطفال حتى الموت نفس المركب، ولا حنسمح ليهم يركبوا معانا، ثورة 25 يناير عملت مركبها الخاص، لا حنركب معاهم، ولا حنسيبهم يركبوا معانا، إحنا سكّتنا مش واحدة، مركب 25 يناير رايحة المستقبل، ومركبهم مالهاش إلا طريق واحد: إلى المقابر التى هربوا منها. العبوا وحدكم كيكا على الواطى.