أول من أمس نشر العبد لله فى هذا المكان 14 سببا ربما يكفى واحد منها فقط لكى يتفجر غضب المصريين ويعودوا للثورة مجددا حتى يستعيدوا ثورتهم الأصلية من براثن «جماعة الشر» التى اغتصبتها بالتآمر والكذب والخداع ثم راحت تسحق أهدافها النبيلة بسرعة مدهشة وجلافة مرعبة، بعدما حوَّلت شعاراتها الراقية إلى أغانٍ وزجليات هابطة، واتخذت من أرواح الشهداء الأبرار ودماء ونور عيون أجمل شبابنا، مجرد «طفاشة» لفتح باب «التمكين» من دولة المصريين ومجتمعهم، بينما أوهام الجنان الرسمى تستبدّ بعقول قادتها الهابطين علينا من كهوف الجاهلية القديمة (هناك من ينعتها خطأ بأنها «جاهلية جديدة») وتزين لهم القدرة على تفكيك أوصال هذا البلد وإعادة هندستها وتركيبها على مقاس أطماع شريرة وضلالات غبية تهيم وتسرح متشردة فى ظلام عقولهم الفارغة وقلوبهم المتحجرة. وفى مساء يوم الخميس الذى كتبت فيه هذه الأسباب الأربعة عشر، خرج فضيلة الشيخ الدكتور محمد مرسى المكلف بمهمة «الذراع الرئاسية» للجماعة المذكورة على الناس بخطبة جمعة جديدة قيل إنها ستجمع بين دفّتيها الحديث عن مناسبتين اثنتين، أولاهما ذكرى المولد النبوى الشريف والثانية مرور عامين على ثورة 25 يناير المختطَفة، وقد أطلق بعض الناس الطيبين العنان لحسن الظن وتوقعوا أن يبادر فضيلة الدكتور بقول أى حاجة تخفِّف من دواعى الغضب والاحتقان الشديد الممسك بتلابيب المجتمع نتيجة للعربدات الخرقاء والسياسات الفاشية المعجونة بالفشل والعشوائية التى اتبعها هو وجماعته وتوابعهما على مدى شهور الجمر السبعة التى مرّت علينا منذ وصول فضيلته إلى كرسى الرئاسة مما جعل حياة المصريين تلامس الجحيم شخصيا، أما المستقبل فيبدو بلون سواد الوثيقة الدستورية المسمومة التى طُبخت ومُرِّرت بالبطلان والتزوير.. فماذا قال فضيلة «ذراع» الجماعة فى خطبته العصماء؟! كالعادة، ولا حاجة أبدا خالص البتة، فقط حدّثنا الرجل مشكورا وبحماس فائض وانفعال زائد، عما يعانيه المسلمون فى دولة «ميانمار» التى لا يكاد المسلمون المصريون يعرفون موقعها على خارطة الدنيا ولا فى أى قارة تقع وربما لم يسمع أغلبهم باسمها أصلا (!!) كما عرّج فضيلته بسرعة على ما يحدث فى سوريا الشقيقة قبل أن يتوقف مَليًّا وبالحُرقة والانفعال «الميانمارى» نفسه، أمام ما يجرى فى دولة «مالى» الإفريقية بعدما تعرض إقليمها الشمالى مؤخرا لغزو عصابات إرهابية مسلحة من النوع نفسه الذى تشجعه جماعة فضيلته وتدلّعه حكومة «ذراع» سيادته تدليعا شديدا، على النحو الذى نراه متجسدا ومتجليا ومزدهرا جدا هذه الأيام فى شبه جزيرة سيناء المصرية!! طيب، ماذا كان نصيب الإخوة مسلمى مصر (دعك من مواطنيها المسيحيين) فى خطبة فضيلة دكتور «الجماعة» الرئاسى؟! لا شىء سوى كلام إنشائى فارغ فى مدح الثورة التى كانت سلّمًا صعد عليه سيادته إلى منبر الخطابة بمناسبة أحيانا ودون أى مناسبة غالبا، فضلا عن أزجال وغنائيات مكررة تتغزل فى محاسن ومفاتن شعارات وأهداف ثورية يمشى عليها نظام حكم جنابه حاليا ب«أستيكة» على أمل أن تنمحى تماما ونهائيا من الواقع المادى، ومن الضمائر أيضا.. لو أمكن!! لكن ضمائر ملايين المصريين كانت حية ووعيهم ظل متقدا وعميقا، لهذا نزلوا بعد ساعات من خطبة «ميانمار» إلى الشوارع والساحات وميادين الحرية فى طول البلاد وعرضها يهتفون للثورة «المنشولة» وقد قرروا استعادتها من «ناشليها» الأشرار مهما كان الثمن، ولم يفتّ فى عضدهم ولم ينل من عزمهم عودة محارق الإجرام والقتل الجماعى ومن ثمّ استئناف قوافل الشهداء مسيرة الصعود إلى المجد والخلود (أحد عشر شهيدا حتى لحظة كتابة هذه السطور) كما لم يخوّفهم أن شلالات الدم الطاهر استعادت تدفقها وباتت تلوّن وجه الوطن من جديد، بالعكس يبدو والله أعلم أن كل هذه الدماء والأرواح ستزيد الناس صلابة وإصرارا على المضى قدما حتى النهاية.. نهاية مشروع «جماعة» الأشرار الفاشيين الخائبين الفاشلين.