يوم غضب جديد يوم يستعيد 28 يناير 2011 جمعة الغضب.. يوم خرج الناس فيه جميعا على قلب واحد تهتف ضد النظام واستبداده وفساده.. «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية». إلى ميادين مصر كلها.. خرجت من المساجد بعد صلاة الجمعة لم يخفها جحافل الأمن المركزى.. وقنابل داخلية العادلى.. ورصاصهم الخرطوش والحى.. ودهس السيارات المدرعة. فكانت الحناجر تهتف بإسقاط النظام الذى نشر الاستبداد والفساد. لم يهمهم قطع الاتصالات والإنترنت.. فقد تواصل الجميع فى الشوارع والميادين تحت شعار واحد «الشعب يريد إسقاط النظام» الهتاف الذى هز كيان الأمة كلها. فعل الأمن النظام كل ما يملكه لمنع الناس من الخروج من المساجد ومن المنازل.. استخدم جميع أنواع الأسلحة وانتهك كل المحرمات.. وذلك بعد أن انتهك النظام إرادة المصريين بتزوير الانتخابات.. وإجراء ترقيعات دستورية للمتهمين للتوريث.. والتعذيب الممنهج فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز.. والإسراف فى زواج السلطة بالمال.. وسيطرة مجموعة من رجال أعمال على القرار السياسى. رأيت فى هذا اليوم كيف يدخل عناصر الأمن إلى جامعة القاهرة لينتهكها ويطلق القنابل المسيلة للدموع من داخل الحرم الجامعى على المتظاهرين الذين استطاعوا أن يفلتوا من مياه وقنابل الأمن أمام مسجد الاستقامة. وفى هذا اليوم قلت لأحد ضباط الأمن فى وسط القنابل المسيلة للدموع: إنك وأصحابك لن تفلتوا من العقاب. وأصر الناس على الثورة.. وسقوط النظام.. وسقوط مبارك.. ويسقط مبارك. ويبدأ توزيع المغانم.. ويظهر التنظيم السرى لجماعة الإخوان.. ليسرق الثورة.. ويتحالف مع جنرالات المجلس العسكرى لإجهاض الثورة والانحياز إلى قوى لم تكن أبدا مع الثورة ضد نظام مستبد فاسد.. بل كانت على استعداد للتعامل مع ذلك النظام وتأييد عملية التوريث فى مقابل الاعتراف بها. ولتبدأ «الإخوان» فى السيطرة. وبدؤوا فى الكذب والتضليل من أجل التمكين. واستحلوا الكذب، طالما كان فى مصلحتهم. ولم يقدموا شيئا جديدا عن النظام الساقط. لكنهم استنسخوا نظام مبارك.. وبشخصيات عديمة الموهبة وفاشلة. فحافَظوا على زواج السلطة بالمال.. وانظر إلى رجال أعمالهم الجدد ودورهم فى الحكم برعاية مكتبة الإرشاد.. واستنسخوا أحمد عز جديدا!! عاندوا الشعب فى تحقيق مطالب الثورة من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وقفوا ضد مطالب الثورة فى دستور جديد يليق بشعب مصر ويتوافق عليه الجميع.. وفصلوه على مقاسهم. استعادوا تزوير إرادة المواطنين فى استخدامهم التزوير الممنهج وبشكل أسوأ مما كان عليه نظام مبارك وترزية قوانينه. يتعدون على القضاء.. وأتوا بنائب عام خصوصى ودجنوا المحكمة الدستورية فى دستورهم المشبوه، لأنها وقفت ضد رغبتهم فى الإبقاء على مجلس الشعب «المنحل».. خوفا من حل الشورى «الباطل». يتخذون الغرور منهجهم فى التعامل مع الناس.. ويتعاملون كأنهم الثوار.. وأن الآخرين فلول. ما زالوا يتعاملون وكأنهم فى تنظيم سرى.. فوضعوا موالاتهم، بدون كفاءة، على رأس المؤسسات للوصول فى النهاية إلى دولة الفشل. فقد أظهر حكمهم خلال الفترة التى سيطروا فيها على البلاد فشلهم العظيم فى إدارة الدولة.. ومع هذا يصرون على الاستمرار ولا يعترفون بفشلهم ويكذبون ويستحلون هذا الكذب. فهل تغير شىء عما كان عليه نظام مبارك؟ للأسف لم يتغير شىء، اللهم إلا مزيدا من الفشل.. وسيطرة واستبداد نظام جديد أقل كفاءة. من أجل ذلك.. ما زال الغضب فى الصدور. ويخرج الناس فى غضب ضد نظام مستبد جديد. فقط سقط الخوف. وليسقط النظام المستبد. وإلى جمعة الغضب.