السؤال فعلًا هو: متى يتحرك عمال وصناع مصر؟ الإخوان فى منتهى البلادة السياسية، والرئيس فى منتهى الفشل الاقتصادى، يتبع خطى النظام السابق دون أن يكون لديه لا خبرة ولا حرفة ولا قدرة النظام السابق، فضلًا عن أن مرسى لا يملك من أمره فى السياسة شيئًا، فولاء الرجل وطاعته للجماعة يسلبان منه سيادته الرئاسية لصالح مكتب إرشاد من المسنين والعجائز الذين يعانون من آثار السجن والتنظيمات السرية النفسية والفكرية! هل يرى أى عامل أو صانع من مالكى وأصحاب المصانع فى مصر أىَّ بصيص أمل فى هذا الرئيس وسياسته وجماعته؟ مرسى وسط زحمة الرغبة المحمومة فى تمكين الإخوان فى البلد والهوس بنظريات المؤامرة والشبق للاستحواذ على مصر وتركيع مواطنيها ومعارضيها للأخ المرشد وشاطره ومشطوره، هل ينتبه إلى الكارثة التى فعلتها يداه منذ جاء إلى الحكم؟ حيث غفل عن مأساة مصانع مصر المعطَّلة وأصحاب المصانع الذين أفلسوا أو أوشكوا على الإفلاس، وعمال مصر الذين فقدوا وظائفهم، وبدا مرسى عاجزًا وفخورًا بعجزه عن إنجاز أى خطوة لإنقاذهم من هذه المحنة، اللهم إلا بتمكين وزير إخوانى متواضع القدرات مغتر بإخوانيته ومعتز بأنه جلب قريبه ليضعه مديرًا لمكتبه فى الوزارة، ولا يسعى إلا إلى وضع الإخوان والسلفيين على مقاعد إدارات العمال. كى تعرف ماذا يجرى لمصانع مصر، تعالَ نتأمل تقريرًا أعدَّه مؤتمر عمال مصر الديمقراطى موثَّقًا بالأرقام والبيانات المجلوبة من أرض الواقع من ألم رجال الصناعة وشحم المكن وعرق جباه العمال، ولنبدأ بمدينة السادات. ■ 50% من المصانع تعانى، و75 مصنعًا توقفت كليًّا من إجمالى 525 مصنعًا بالمدينة التى تضم 60 ألف عامل. ■ قُدر حجم العمالة التى فقدت وظائفها نتيجة غلق المصانع وتخفيض العمالة ب15 ألف عامل، حتى أمس، «الأرقام كلها مرشحة للزيادة مع بداية العام الجديد!». أما المحلة الكبرى، حيث يصل عدد المصانع بها إلى 1200 مصنع، فيعمل بها نحو 300 ألف عامل، وغالبية هذه المصانع تعمل حاليًا ب50% من طاقتها الإنتاجية.. ففقد أكثر من 20 ألف عامل وظائفهم! ■ وتتجه أكبر خَمس شركات تعمل فى قطاع الغزل والنسيج والوبريات بالمحلة إلى تصفية أعمالها، بسبب المديونية الكبيرة وتخلِّى الحكومة عن مساندة تلك المصانع وإقالتها من عثرتها.. مما يفقد معه أكثر من 5000 عامل وظائفهم. ثم نأتى إلى «العاشر من رمضان».. عدد مصانع المدينة 2200 مصنع، ويعمل بالمدينة نحو 400 ألف عامل، وتمثل المدينة ثلث صادرات مصر، وتم إغلاق 159 مصنعًا.. وعدد مَن فقدوا وظائفهم وصل إلى 30 ألف عامل، وهناك ما يقرب من 70 مصنعًا توقف الإنتاج بها جزئيًّا، مما أفقد ما يقرب من 7000 عامل وظائفهم. أما فى منطقة الكوثر الصناعية بسوهاج، عدد المصانع فيها 119 مصنعًا، فأغلق نحو 25 مصنعًا أبوابها. ■ وقُدر عدد مَن فقدوا وظائفهم نتيجة الإغلاق وتخفيض العمالة بأكثر من 7000 عامل وعاملة. ثم فى مدينة الصفا الصناعية بمحافظة أسيوط، عبارة عن 295 مصنعًا، ويعمل بهذه المدينة الصناعية الآن نحو 50 مصنعًا وورشة فقط «أى أن 245 مصنعًا أغلقت أبوابها». نأتى إلى مدينة برج العرب بالإسكندرية، حيث عدد المصانع 700 مصنع، وإجمالى عدد العمالة 180 ألف عامل تقريبًا.. والحاصل الآن أنْ أغلقت 180 شركة ومصنعًا أبوابها، وأوشكت 100 أخرى على الإغلاق والإفلاس، ووصل عدد العمال الذين فقدوا وظائفهم إلى ما يقرب من 45 ألف عامل. ■ ثم نأتى إلى مدينة 6 أكتوبر، حيث بالمنطقة ألف و452 مصنعًا، وقد فقد ما يقرب من 20 ألف عامل وظائفهم بعد إغلاق 350 مصنعًا أعلنت إفلاسها. هذه أزمة تضرب كل مواطن فى مصر، لا تخص رجال الصناعة وأصحاب المصانع وعمالها فقط، بل تعصف بمستقبل البلد كله، ليس لأنها أزمة طاحنة فقط من جراء سياسة غبية، بل لأن مَن يتولى أمور إنقاذنا من هذه الأزمة جماعة من الفاشلين والفاشيين وأرباع الموهوبين، ومجموعة من البقَّالين!