هل يستطيع المرء أن يكون منافقا تاريخيا عابرا للعصور (من عصر المخلوع ومن بعده المجلس العسكرى ثم عصر مرسى أخيرا) أكثر من السادة الأفاضل فى مركز «بصيرة» للملوخية واستطلاعات الرأى العام العلمية قوى جدا خالص؟ أو على الأقل، هل يمكن لبنى آدم أن يتمتع بعافية وفحولة نفاقية تماثل أو تقترب من قوة الأستاذ «بصيرة» فى هذا المجال؟! أنا عن نفسى اجتهدت وعافرت وحاولت بإخلاص وسأترك للقارئ الكريم الحكم على النتيجة بعد أن ينتهى من السطور التالية: دون مقدمات.. أنا أصدق ومقتنع تماما بكل الأساطير الرقمية والخرافات الاقتصادية التى حشدها فضيلة «الذراع الرئاسية» للجماعة الشيخ محمد مرسى فى موعظته الطويلة التى ألقاها أول من أمس أمام حشد مفتخر من أهله وعشيرته وأنسبائه أعضاء مجلس الشورى التعبان الذى كان فضيلته حصنه بمرسوم سلطانى ومنعت قطعان تابعة للست جماعة جنابه المحكمة الدستورية من إصدار حكم البطلان بحقه، وضربت حصارا صارما على مبنى المحكمة حتى تم بحمد الله تزوير استفتاء دستور مشموم أمدّ فى حياة مجلس العائلة الإخوانية الكريمة (رئيسه الدكتور هو نفسه نسيب الدكتور الرئيس)!! أراك تسأل: لماذا اقتنعت وصدقت كل هذه الأساطير والخرافات التى أتحفنا بها فضيلة الشيخ «الذراع» بينما هو يرسم صورة وردية لأحوالنا الاقتصادية والاجتماعية التى يظنها الناس (من فرط غفلتهم وحقدهم على الست وذراعها) هبابا وزفتا مسيّحًا؟ وكيف يقبل عقلك خزعبلات وفشرًا فاحشًا ربما يعجز عن إبداع مثله «أبو لمعة المصرى» شخصيا، مع أن البنك المركزى المصرى شخصيا أيضا أذاع (فى توقيت الموعظة نفسه) بيانا مدعما بالحقائق والأرقام، يناقض تماما ما قاله فضيلة الشيخ «الذراع»، مؤكدا أن الضنك والبؤس والجوع الذى تشعر أغلبية المصريين بوجعه، حقيقة مادية يستحيل إنكارها؟! طيب، دعنى أجاوب عن تساؤلاتك غير البريئة، وأبدأ بنفى واستنكار محاولة الإيحاء بأن الذى كتب موعظة فضيلة الشيخ مرسى هو الفنان الراحل محمد أحمد المصرى الشهير «بأبو لمعة»، فهذه وعهد الله فِرية كاذبة وواضحة الفساد لسببين، أولهما أن الفنان المذكور كان موهوبا جدا وخفيف الظل وقد رحل عن عالمنا منذ سنوات طويلة وتركنا للأسف نهبا للسفاهة والسخافة وثقل الروح، ثم إن ذلك الثقل والسخف بدا متجسدا وحاضرا بقوة فى صياغات «الموعظة المرسية» على نحو يجعل مجرد الزعم بأنها تشبه إبداعات «أبو لمعة» أمر لا يخلو من إهانة وافتراء على فنان موهوب موهبة استثنائية.. وهذا هو السبب الثانى. أما السؤال الاستنكارى عن تناقض بيانات وأرقام الشيخ مرسى مع ما جاء فى بيان البنك المركزى، فمردود عليه بأنه إذا كان يتعين على المواطن الصالح أن يختار بين أن يصدق كلام فضيلة «ذراع الجماعة» أو أن يصدق بيان البنك، فليس أمام هذا المواطن إلا ابتلاع مزاعم «الجماعة» وفشرها وخيبتها الثقيلة.. إيثارا للسلامة البدنية، ولو على حساب سلامته العقلية!! وقد بدأت بأننى أصدق كل خرافات موعظة الشيخ محمد مرسى الأخيرة، ولا أستطيع أن أختم من دون الاعتراف بأن عبد الله الفقير يصدق كذلك نتائج أحدث تحفة استطلاعية بحثية لمركز الأخ «بصيرة» التى أجراها فى معمل تحاليله بباق اللوق على عينة مبحوثين مساكين انتقاهم سيادته ووضعهم فى أنبوبة اختبار علمى علمك وبعد تسخينهم على نار هادئة وإخضاعهم لعمليات كيماوية معقدة، تبين أنهم يعتبرون فضيلة الشيخ «الذراع» هو أحسن وأروع وأغلى شخصيات العام الذى يلفظ الآن أنفاسه الأخيرة، كما ظهر من تغير لون المبحوثين بعد التسخين أن حزب الجماعة هو أفضل «ذراع» حزبية عرفتها مصر من يوم ما اتولدت!! هل تقترح إضافة كلمة «عمى» لاسم هذا المركز فيضحى «عمى بصيرة»؟!