أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش ما وصفته ب«الهجمات غير القانونية»، التي قامت بها القوات الإسرائيلية ضد صحفيين فلسطينيين خلال عدوانها الأخير على القطاع. وقالت المنظمة إنها بعد أن أجرت تحقيقًا مفصلا، فإن أربع غارات إسرائيلية على صحفيين ومبان إعلامية في غزة أثناء القتال الذي دار في نوفمبر الماضي انتهكت قوانين الحرب إذ استهدفت مدنيين وأهداف مدنية لم تكن لها مساهمة ظاهرة في العمليات العسكرية الفلسطينية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الهجمات تسببت في مقتل مصورين فلسطينيين اثنين وجرح ما لا يقل عن عشرة أشخاص يعملون في الحقل الإعلامي، وألحقت أضرارا جسيمة بأربعة مكاتب إعلامية، وأربعة مقار تابعة لشركات خاصة. كما تسببت إحدى الهجمات في مقتل طفل يبلغ من العمر سنتين اثنتين كان يسكن في مبنى مقابل للمبنى الذي تم استهدافه. الحكومة الإسرائيلية كانت زعمت أن كل غارة استهدفت هدفا عسكريا مشروعا، غير أن الووتش قالت إن تل أبيب لم تقدم أية معلومات محددة تدعم مزاعمها. وبعد تفحص الأماكن التي تم استهدافها وإجراء مقابلات مع شهود، لم تتوصل هيومن رايتس ووتش إلى أي أدلة على أن هذه الأماكن كانت تمثل أهدافا عسكرية مشروعة. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «إذا قالت إسرائيل إن أحد الصحفيين هو في الأصل مقاتل أو زعمت أن مقر إحدى محطات التلفزة هو في الأصل مركز قيادة، فإن ذلك لا يعني أن ما تقوله بالضرورة صحيحا. ربما يقوم الصحفيون الذين يمتدحون حماس أو القنوات التلفزيونية التي تصفق للهجمات على إسرائيل بأعمال دعائية، ولكن ذلك لا يجعل منها أهدافاً مشروعة بمقتضى قوانين الحرب». أصابت الغارات الأربع سيارة فيها مصورين اثنين زعم الجيش الإسرائيلي إنهما «عميلين ل حماس»، وبرجي هوائيات فوق مبنيين اثنين لوسائل إعلام زعمت أنها "بنية تحتية للاتصالات" تابعة لحماس، وطابقين في مبنى يضم وسائل إعلام قالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنها "استهدفته بشكل دقيق" لأنه "مركز استخبارات وقيادة" تابع ل حماس. وحاول مسؤولون إسرائيليون تبرير الغارات على وسائل الإعلام الفلسطينية بالقول بأن جيش الاحتلال استهدف أشخاصًا أو مباني "ذات صلة" أو "لها علاقة ب " فصيل فلسطيني مسلح، أو "شجعت وأشادت بأعمال إرهابية ضدّ المدنيين الإسرائيليين". وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه التبريرات تلمح لأنه من الجائز مهاجمة وسائل الإعلام بسبب علاقاتها أو مواقفها، مهما كانت بغيضة، وليس مشاركتها بشكل مباشر في أعمال العنف، وهو الأمر الذي يمثل خرقاً لقوانين الحرب، ومن شأنه أن يضع الصحفيين في خطر كبير. كما قالت هيومن رايتس ووتش إن البيانات الرسمية التي تبرز أن الجيش تبنى سندا غير قانوني لشن الغارات هي في حدّ ذاتها أدلة على ارتكاب جرائم حرب لأنها تبرهن على وجود نية مسبقة. وعملا بالقانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، فإن الصحفيين والعاملين في ميدان الإعلام هم مدنيون، ولذلك يجب أن يكونوا محميين من الهجمات ما لم يكونوا مشاركين بشكل مباشر في أعمال عنف. كما إن مقرات محطات التلفزة والإذاعات أهداف مدنية يجب أن تكون محمية من الهجمات ما لم تكن لها «مساهمة فعالة في أعمال عسكرية»، وما لم يكن تدميرها في ظروف محددة «له ميزة عسكرية أكيدة». وعلى سبيل المثال، فإن استعمال محطة إذاعية لبث أوامر عسكرية يجعل منها هدفا عسكريا مشروعا. ولا يُعتبر البث الإذاعي الذي يعمل على تعزيز معنويات المدنيين أو يعبر عن مساندته للهجمات مشاركة مباشرة في أعمال العنف.