«أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».. إذن كانت هذه هى المؤامرة والخطة التى أقرها مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين فى المقطم: احلف يا حاج الدكتور محمد مرسى، وردد اليمين الدستورية لتولى منصب رئاسة الجمهورية، والواردة نصها بالأعلى، ثلاث أو أربع أو خمس مرات، بما فى ذلك أمام قضاة المحكمة الدستورية رغم قناعتنا بأنهم من الكفار، الفلول حتى لو كان من بينهم من أعلن نتيجة فوزك بالانتخابات. براحتك، ولا يهمك يا حاج. فنحن، وأنت معنا من أعضاء مكتب الإرشاد ممن سبق لهم مرارًا تقبيل يد مرشدنا الجليل الفضيل، نحن الحاكمون بأمر الله والمحتكرون للحديث باسمه، سنوفر لك الفتوى والحجة للحنث بيمينك طالما أن غرضنا الأسمى فى النهاية هو رفعة الإسلام ونهضته وإعادة الخلافة. وبعدين يعنى، دستور إيه، وهباب إيه؟ هذه وثائق بشرية أعدها العلمانيون الكفرة نقلا عن قوانين غربية لعينة ملحدة. القرآن دستورنا. صحيح أنك قلت فى بداية القسم «أقسم بالله العظيم» لكن هذا أمر بسيط وحله متوافر ومتداول: صوم تلات أيام كفارة، وبس خلاص. ولو أعدنا قراءة اليمين الدستورية التى كررها السيد الرئيس ثلاث مرات أمام المحكمة الدستورية وجامعة القاهرة وفى ميدان التحرير، لوجدنا أنها تحتوى أربعة وعود أساسية أقسم الرئيس مرسى بالله العلى العظيم أن يحترمها. وبعد أن أطاح الدكتور مرسى ومرمط فى الأرض اليمين بأحد هذه الوعود بإصداره ما يسمى بالإعلان الدستورى الأخير، وهو «احترام الدستور والقانون» فقد تبقى ثلاثة تعهدات أخرى أساسية: الحفاظ على النظام الجمهورى، ورعاية مصالح الشعب، والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه. إذن لو أراد رئيسنا الإخوانى المنتخب بأغلبية 52٪، منهم على الأقل نسبة معتبرة من المصريين كان يكفى تصويتهم لصالح منافسه لكى يقصيه عن قصر الاتحادية ويحرم الإخوان من هذا التطور التاريخى الذى لم يكونوا ليحلموا به قبل ثورة 25 يناير والتى خافوا فى البداية من المشاركة فيها، لو أراد الحنث بالوعود الثلاثة الباقية، لكان من المطلوب منه صيام ما هو مجمله تسعة أيام، والله يسامح. وبعدين هذه هى فتاوى قيادة مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان المسلمين التى تَعِد غير المنتمين إليها من غير المسلمين تعريفا من خلال اسمها. حد يقدر يعترض؟ لو كانت اليمين الدستورية لا معنى لها، إذن من حق الرئيس مرسى أن يلغى النظام الجمهورى ويعيد مصر إلى عهد الملكية، ويصوم ثلاثة أيام. أما الحديث عن وعد «رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة» فأعتقد أن الرئيس مرسى يبقى له صيام شهور مقبلة لأنه لم يرع مصالح هذا الشعب أو يحسن مستوى شعبنا الفقير المقهور ولو ليوم واحد منذ وصوله إلى منصب الرئاسة، وأهتم أكثر بمصالح جماعة الإخوان المسلمين وتمكينها لإطلاق مشروعها الأوسع الذى لا تمثل فيه مصر سوى إقليم من بين أقاليم الأمة الإسلامية. لكنه فى النهاية وعد واحد يقابله كفارة ثلاثة أيام صيام. ويبقى الوعد بالحفاظ على «استقلال الوطن وسلامة أراضيه» وهو وعد نشعر كل يوم أنه مهدد وبعيد المنال. ويكفينا فى هذا الشأن تزايد التقارير التى تحذر من خطر انفجار الوضع فى سيناء، وأطماع المحتل الإسرائيلى السابق، وانهيار الإحساس بالأمن بشكل عام، وما يمثله كل ذلك من تهديد أكيد لاستقلال الوطن وسلامة أراضيه. لكنه أيضا وعد، لو لم يتمكن مرسى من التمسك به، فديته كذلك صيام ثلاثة أيام. إذن إجمالى 12 يومًا، ويا بلاش. وفى داهية الوطن والشعب. وليعذرنى السيد الرئيس مرسى لأننى سأطلب منكم صيام ثلاثة أيام إضافية، بجانب الأيام الثلاثة التى أعلن قاضى الاستقلال العظيم السابق، ونائب الرئيس الحالى، محمود مكى، فى تغريدة له على موقع «تويتر» أنك قمت بصيامها بدءًا من الإثنين وحتى الخميس الماضى لحنثك باليمين وقسمك بالله العظيم أنك ستحترم الدستور والقانون. فلقد وعدتنا سيادتكم فى خطابك الوحيد فى ميدان التحرير، والذى لا أعتقد أنك ستتمكن من دخوله مطلقا فى أى وقت قريب، وعدتنا مرارًا وتكرارًا بأنك ستكون «مسؤولًا عن شعب مصر، جميعه» وبالطبع بعد خطابك «التاريخى» أمام «أهلك وعشيرتك» فقط أمام قصر الاتحادية قبل أسبوع، وتهديدك الواضح لمعارضيك بالنيل والثبور بتهم أوردتها فى ما يسمى بالإعلان الدستورى، من قبيل «تهديد ثورة 25 يناير وحياة الأمة والوحدة الوطنية» فلا أعتقد أنه يحق لك مطلقا أن تتحدث بصفة «رئيس كل المصريين» وعليك تلات أيام صيام كمان. ومن الواضح أن كل قيادات جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة مطلوب منهم الصيام لشهور وسنوات مقابل كم الأكاذيب التى رددوها على مدى الأسبوع الماضى، خاصة فى ما يتعلق بمحاولتهم تبرير إصدار ما يسمى بالإعلان الدستورى الديكتاتورى الفاشى برغبتهم فى إعادة محاكمة قتلة الثوار والقصاص من رموز النظام السابق. والنبى إيه؟ لماذا كل هذ الاستفزاز والكذب، وعلى من تضحكون؟ عن أى ثوار تتحدثون يا قادة مكتب الإرشاد بينما أنتم الذين أصدرتم أوامركم بمهاجمة كل من شاركوا فى مظاهرات محمد محمود، وأمام مجلس الوزراء قبل عام، وقمتم بوصفهم بالبلطجية؟ تقومون بإعادة تعيين نفس وزير الداخلية الذى أشرف على مذبحتى محمد محمود 1 و2 بعد مأساة استاد بورسعيد، والمنقوع فى زمن وممارسات عهد المخلوع القمعية ثم تتحدثون عن محاكمة قتلة الثوار؟ هل نسيتم ترديدكم قبل عام فقط أن «الشرعية من البرلمان لا من الميدان»؟ هل نسيتم استخداكم ميليشيات الإخوان لمنع معارضيكم من الوصول إلى مقر البرلمان والمطالبة بالقصاص وسرعة إنهاء حكم العسكر؟ هو الكذب الإخوانى بوجه جامد، يقسم بالله ثم يصوم ثلاثة أيام. نعرف فى مصر جميعا المثل القائل: «قالوا للحرامى احلف، قال جالك الفرج» أما مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان فقال لرئيسنا الطيب: احلف، وتخلى عن حلفانك، وبعدين صوم تلات أيام. بسيطة، الفتاوى من عندنا، والحلفان عليك.