(1) الراقصة سما المصرى علّمت على الإخوان واحدا واحدا فى أغنيتها التى تبدأ بالكوبليه الذى استخدمته عنوانا للمقال. قالت لك: حلق حلق حلق حوش، مشروع هاهاهأ دا طلع فنكوش، وطلع «شاطر» وطلع مالهوش، غير فى المنجة. قالت لك: وكبيرهم قال طز فيكو، لأ طزين فيك إنت وهو، دا جاى يشخط ويكشر ليه، يا امّه اتخضيت. قالت لك: حَجُّوزة دا تخصُّص عجوزة، وبرنوسة أبو ضحكة مهووسة، بطل معيلة، ماهياش مرجلة، اتغطى يا عريونة. (2) الثقافة المصرية التى يُراد اختزالها فى صورة لا تنتمى إلى بيئتها ثقافة متنوعة. وصدقى أو لا تصدقى، ثقافة العوالم جزء أصيل منها، طوال عمرها. عنصر الترفيه الذى استمر مع الشعب المصرى عبر الأزمان، حزن لما الشعب حزن، وقاوم لما الشعب قاوم. عمرو بن العاص قال عن مصر «نساؤها لعب ورجالها طرب»، وبعدها بألف ومئتى سنة -من الحكم الإسلامى- وصف الجبرتى إلقاء المحتلين الفرنسيين القبض على أحد المطلوبين فى الأزبكية بهذا المشهد: «ولما وصل سارى عسكر الفرنساوية إلى داره بالأزبكية تجمع هناك أرباب الملاهى والبهالوين وطوائف الملاعبين والحواة والقرادين والنساء الراقصات والخلابيص ونصبوا أراجيح مثل أيام الأعياد والمواسم واستمروا على ذلك ثلاثة أيام وفى كل يوم من تلك الأيام يعملون شنكا وحراقات ومدافع وسواريخ ثم انفضّ الجمع بعدما أعطاهم سارى عسكر دراهم وبقاشيش». (3) لكن الإسلامجية الحاليين يظنون أنهم سيأتون بما لم يستطعه الأوائل. ويُخرِجون من صناديقهم ثوبا ليس على مقاسنا ويقولون لنا: دى هويتكم، البسوها. فإذا قلنا إن الثوب لا يشبهنا، وإننا سنبدو فيه مضحكين لأنه ليس حتى على مقاسنا. قالوا لنا «ربنا أمركم بهذا». لا يدرى هؤلاء أن الهوية لا تُفرَض فرضا، وأن جيوش العرب وحكام المسلمين حاولوا من قبل أن يجعلونا صورة منهم، فلا صرنا عربا، ولا صرنا أتراكا، ولا صرنا مماليك. (4) التاريخ = الذاكرة. وليس فقط المعلومات المفروضة. والذى يحرك مشاعر الشعب ذاكرته الجماعية عن «الحكم الإسلامى». لكن هذه نقطة تحتاج إلى تفصيل والمساحة لن تكفى. سوف أعود إليها غدا. (5) أخيرا، الشعب ليس على مزاج حضراتكم يا إسلامجية، ولا أحد فيه يشعر أنكم أحسن منه فى شىء. اقرؤوا هذا الحوار بين «الراقصة والسياسى»، كما تخيله وحيد حامد: السياسى: سونيا لازم تقدّرى موقفى كراجل سياسى معروف الناس بتحاسبه على كل كبيرة وصغيرة، قعدتك معايا فيها إحراج ليا. الراقصة: إنت ممنوع تقعد مع ستات؟ السياسى: بمعنى أصح رقاصات، الناس هنا عارفة كويس إنك رقاصة. الراقصة: بس المفروض إنى من رعاياك يا مولاى، وَلّا حضرتك مسؤول عن ناس وناس لأ؟ مفروض إنك بتخدم شعب بحاله.. العِدل فيه والأعوج، وبعدين لما فيه ناس مش على هواكم وجايبة لكم العار زى حالاتى.. بتسمحوا لهم ليه ينتخبوكو؟ ما كفاية عليكو قوى الأصوات التانية. السياسى: انتى عايزة منى إيه؟ الراقصة: الموافقة على دار للأيتام. السياسى: بس أنا ماقدرش أعمل لك حاجة. الراقصة: ليه؟ السياسى: ماقدرش أتوسط لرقاصة. الراقصة: الله! إيه الحكاية؟ رقاصة رقاصة؟ ما احنا الاتنين زى بعض يا عبد الحميد. السياسى: انتى قليلة الأدب. الراقصة: وانت كداب، علشان بتكدب على نفسك قبل ما تكدب على الناس، كل واحد فينا بيرقص بطريقته.. أنا باهز وسطى.. وانت بتلعّب لسانك وتخطب. السياسى: الفرق شاسع يا عالمة يا… الراقصة: أنا أقول لك الفرق، إحنا الاتنين بنطلع فى التليفزيون، أنا الناس بتتفرج عليا.. وانت أول ما بتظهر الناس بتقفل التليفزيون، لأن رقصك مالوش جمهور، إنما أنا رقصى له جمهور، عارف ليه؟ السياسى: لإن بضاعتك رخيصة، هدفك تشعللى الغرايز المكبوتة عند الناس، انتى شغلك الإثارة. الراقصة: اسم الله على مقامك الرفيع! وانت شغلك يبقى إيه؟ لما توعد الناس بمستقبل مشرق وييجى بكرة ما يطلعلوش شمس؟