رصدت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية ما وصفته بمخاوف لدى قطاع من المصريين من أنهم أطاحوا بديكتاتورية نظام الرئيس السابق حسني مبارك، فقط ليخلفه ديكتاتور جديد، هو الرئيس محمد مرسي، حيث يقول مراقبون إن مرسي، وهو أول رئيس مصري منتخب، يسعى لاحتكار عملية صناعة القرار وأصبح الرجل الذي لا يقهر، كما صنعته وسائل الإعلام الحكومية. في التقرير الذي نشرته صحيفة الهافنجتون بوست، تشير وكالة الأسوشيتد برس، إلى أن ما زاد هذه المخاوف هو فشل مرسي في الوفاء بأي وعد من الوعود التي قطعها في حملته للانتخابات الرئاسية، بما في ذلك تعهده بأنه سيحل خلال المائة يوم الأولى له في منصبه، 5 من أهم المشكلات في البلد، وهي الوضع الأمني المتدهور، ونقص الوقود والخبز المدعم وجهود جمع القمامة غير المناسبة والمرور. ونقلت الوكالة عن الحقوقي البارز، الدكتور أحمد كمال أبو المجد قوله، «نحن غيرنا رئيسا، وليس النظام ومن الصعوبة بمكان أن تقيم أداء مرسي بدقة بعد مرور 3 أشهر فقط في منصبه، لكنه من الواضح أنه لا يملك رؤية ويسير في الحكم بطريقة عشوائية». وقالت الوكالة إن ما يبرز مخاوف بعض المصريين من ديكتاتورية جديدة، هو أن محامين يمثلون مرسي، حصلوا على حكم قضائي بإغلاق قناة تليفزيونية هاجم مالكها الرئيس والإخوان المسلمين، وهو الآن يواجه إلى جانب رئيس تحرير إحدى الصحف المعارضة، اتهامات جنائية. كذلك فإن مرسي «والحديث للأسوشيتد برس» لم يعترض على سجن مسيحي بتهمة «إهانة الرئيس» وهي تهمة من النادر اللجوء إليها، على حد قولها. هنا نقلت الوكالة عن مصدر من داخل القصر الرئاسي، طلب عدم ذكر اسمه لأنه ليس مصرحا له بنشر معلومات، قوله إن مرسي لم يكن مشتركا بشكل شخصي في عدد من القضايا ضد منتقديه، لكن محامين من جماعة الإخوان المسلمين أو مرتبطين بها بقوة، هم من قاموا بالدعاوى القضائية. وقال المصدر أيضا إن عملية صناعة القرار تقتصر على الرئيس ومجموعة صغيرة من القياديين الكبار بجماعة الإخوان المسلمين الذين يلتقون الرئيس في منزله في التجمع الخامس. وتشير الوكالة إلى أن الرئيس ينفي الاتهامات حول تقييد حرية التعبير ويزعم أنه لا أساس لها من الصحة، حيث قال مؤخرا إنه «لا توجد أي فرصة لأي شخص لأن يصبح ديكتاتورا من جديد» وعبر عن استعداده للتسامح مع المعارضة وتعهد بعدم محاولة إنهاء الحريات التي اكتسبها المصريون بعد الإطاحة بمبارك. وفي خطوة لكسر النمط السائد في الماضي، قرر مرسي عدم وضع صورة الرئيس على جدران المدارس والمكاتب الحكومية والجامعات، لكن الوكالة الأمريكية قالت إن ما يقوم به الإعلام الحكومي من عملية لبناء ما يمكن وصفه ب«عبادة الشخصية» من خلال تصوير مرسي على أنه مثل «سوبر مان» أو الرجل الخارق، تشبه معاملة النجوم التي كان يحظى بها مبارك والسادات وجمال عبد الناصر قبله. وتلفت إلى أن وسائل الإعلام الرسمية توقفت عن ذكر تعهدات مرسي بحل عدد من أخطر القضايا خلال المائة يوم الأولى له في السلطة. وتشير إلى أنه في مقابلة تليفزيونية مع مرسي، لم يقطاعه المذيع أو يتحدى إجاباته أو أن يقوم حتى بأقل درجات النقد تواضعا، لسياسات الرئيس. بل إن المذيع سأل مرسي كيف نجح في العمل على مدار الساعة من دون أن يصاب بملل، فأجاب الرئيس الذي كان من الواضح أن المذيع ينافقه، أجاب بابتسامة قائلا «أقوم بواجباتي بأقصى طاقتي». الوكالة نبهت كذلك إلى أن الموكب الرئاسي الذي يزداد حجمه باستمرار، كان أيضا تذكارا مؤلما بالنسبة إلى كثير من المصريين، بالآلام التي تحملوها لسنوات، كلما تجول مبارك في القاهرة، فكان يتركهم عالقين في ازدحام مروري لساعات، الرئيس قدم بداية واعدة، حيث سافر في مواكب صغيرة تسببت باضطراب بسيط، لكن الموكب زاد لنحو 30 سيارة، مع أعداد من رجال الأمن المركزي والقناصة الذين يتم نشرهم قبل وصوله. تطرقت الوكالة كذلك إلى أداء مرسي لصلاة الجمعة في مسجد مختلف كل أسبوع، متسببا بإزعاج للمصلين الذين عليهم أن يخضعوا لإجراءات تفتيش وكذلك بتعطيل للمرور. وتقول الأسوشيتد برس: «التواجد الأمني المكثف حول الرئيس نقيض حاد لبادراته الديمقراطية بعد ساعات من إعلانه رئيسا، عندما فتح سترته أمام الآلاف من المؤيدين في ميدان التحرير، ليظهر أنه لا يرتدي قميصا واقيا من الرصاص». وتختم بقول المحمي والحقوقي نجاد البرعي« إن كل شيء يعود تدريجيا إلى ما كان عليه».