رغم أنه مهرجان صغير وقليل التكلفة، فإننا أهدرنا حقنا الطبيعى والمنطقى فى الوجود الحقيقى والمؤثر فيه.. أضعنا امتدادنا الإفريقى وأهملنا إفريقيا وتعالينا عليها، حتى كادت تقطع عنا المياه، وحصلت مالى على جوائز مهرجان كان، بينما لا نخجل نحن من المقارنة بين محمد سعد وسعد الصغير فى شباك التذاكر، وها نحن نكرر التجربة الفاشلة بحذافيرها، ونهمل العالم الإسلامى من حولنا لتفوز إيران وتركيا بجوائز مهرجان كازان الدولى للسينما الإسلامية، الذى اختتم أنشطة دورته السابعة أول من أمس، وتختفى مصر من الصورة تماما! كان من الرائع أن يحصل الفيلم الروائى التركى الطويل «Zephyr» على جائزة خاصة من المهرجان، فالفيلم أول أفلام مخرجته بلما باش، وبساطته ورقة حكايته التى تدور حول أم تترك ابنتها مع جدها لتعيد اكتشاف حياتها ونفسها، جعلته جديرا فعلا بجائزة خاصة، بالإضافة إلى جائزة أحسن تصوير التى حصل عليها، لكن المؤلم أن يحصل الفيلم الإيرانى«طهران طهران» إخراج ديريوش مهراجى على جائزة خاصة من رئيس دولة تترستان، رغم أن الفيلم شديد التواضع فنيا، ويشبه كثيرا دراما رمضان، فالفيلم يتناول حياة أسرة تهدم سقف منزلها ليلة رأس السنة، فيقررون بعدها الذهاب إلى رحلة للتخفيف من وقع المصيبة، ويقابلان فى طريقهما من يساعدهما على بناء سقف المنزل، ولا تخلو الرحلة من سذاجة فى كل تفاصيلها. أما الأغرب من كل ذلك، فهو أن يفوز الفيلم الصينى الوحيد بالمهرجان «My spectacular theatre» بالجائزة الأهم.. جائزة أحسن فيلم روائى طويل.. تركيا وإيران شاركتا بثمانية أفلام لكل منهما فى المسابقات المختلفة، وحصلت تركيا على جائزة خاصة، بالإضافة إلى جائزة أحسن تصوير فى فيلم «Zephyr»، بينما حصلت الصين بفيلم واحد فقط على الجائزة الأهم فى المهرجان. وفى إطار نفس المسابقة.. مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، حصل المخرج الروسى دينيس روديمين على جائزة أفضل مخرج عن فيلمه «Strange mother»، فى حين حصل الفيلم البوسنى على جائزة أفضل سيناريو لفيلم روائى عن الفيلم البوسنى «belvedere». وخرج الفيلم الإماراتى «ثوب الشمس» من المنافسة فى هذه المسابقة، وهو خالى الوفاض، ومعه الفيلم الأردنى «شراكسة»! كذلك خرجت الأفلام العربية الثلاثة المشاركة فى مسابقة الأفلام الروائية القصيرة من السباق بنفس النتيجة.. صفر.. الفيلم المصرى «حواس» والبحرينى «قوة الأجيال» والإماراتى «عتمة» كلها خرجت، ليفوز الفيلم الروسى «Ambitious» بجائزة أحسن فيلم روائى قصير. وبعد إحباط الوفد العربى من جوائز المهرجان، تنسمنا الأمل ثانية، ورد فوز فيلم الرسوم المتحركة السورى «صندوق الذكريات» إخراج سلافة حجازى بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مسابقة أفلام الرسوم المتحركة. دبت الروح فينا ثانية مع الصعود العربى الأول على خشبة تسلم الجوائز فى حفل ختام كازان، رغم أن المنافسة فى هذه المسابقة -تحديدا- كانت قوية جدا، فقد نافس الفيلم السورى ثمانية أفلام روسية مشاركة فى المسابقة وجميعها كانت مدهشة فى تجديدها وابتكارها، وهو ما جعل من المنطقى أن يفوز الفيلم الروسى من جمهورية باشكورستان «The hunter`s son» على جائزة خاصة من رئيس جمعية الأفلام المتحركة الروسية، بينما الفيلم الروسى الثانى «The bridge» حصل على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة. وفى مسابقة الأفلام التسجيلية.. غاب العرب جميعا، ولم يهتموا بها على الإطلاق، وقد حصل الفيلم الكردستانى «Nomadic» على جائزة أفضل فيلم وثائقى قصير، بينما حصل الفيلم اليونانى «Shooting vs shooting» على جائزة أفضل فيلم وثائقى طويل، وهذا الأخير كان أكثر الأفلام جدارة بالفوز وبالجائزة، فالفيلم يدين إدارة بوش بتحقيق من داخل العراق يحاول من خلاله اكتشاف المؤامرة وراء قتل الصحفيين فى العراق منذ بداية الغزو الأمريكى.. قابل المخرج خلال الفيلم أكثر من 60 إعلاميا وكاتبا ومثقفا، بالإضافة إلى أشخاص عاديين، وقد أحرج الفيلم الإدارة الأمريكية فعلا، فالكلمات القوية الواضحة فى الفيلم كانت أقوى من الرصاص الذى وجهته أمريكا تجاهنا جميعا. الأمر الغريب أن هذا العام هو الأول الذى يحصل فيه فيلم وثائقى على جائزة الجمهور فى المهرجان، فقد فاز بها الفيلم الأوزبكستانى «Light from the east»، رغم أن فيلما مثل الفيلم الأردنى «شراكسة»، قد حقق إقبالا جماهيرا ضخما فى أثناء عرضه ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وكان مستحقا فعلا جائزة الجمهور هذه، لكن هكذا هى المهرجانات.. لا تعرف الأحكام المتعارف عليها.