هل شاهد الرئيس باراك أوباما مصر وهي تتحرك من كونها حليفا محوريا إلى خصم محتمل؟ هكذا تسائلت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، في تعليقها أول من أمس على زيارة الرئيس محمد مرسي لإيران، واقتراحه بضم الجمهورية الإسلامية إلى مجموعة اتصال إقليمية حول سوريا، في تناقض مع سياسة واشنطن لعزل إيران التي تعتبرها جزءا من المشكلة وليس الحل في سوريا. الإجابة على هذا التساؤل جاءت سريعا من وزارة الخارجية الأمريكية، بأن الأمور لا تزال تحت سيطرة واشنطن، وحسب ما جاء في بيان الخارجية الأمريكية مساء أول من أمس، ربما يكون الرئيس محمد مرسي، رسب في أول اختبار له على صعيد السياسة الخارجية، حيث تلقت جهوده لإعادة دور مصر الإقليمي، ضربة قوية برفض قوى إقليمية اقتراحه بضم إيران إلى مجموعة اتصال إقليمية حول سوريا، كان الرئيس اقترح أن تضم الجمهورية الإسلامية إلى جانب مصر السعودية وتركيا. الناطقة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند قالت للصحفيين في واشنطن أمس ما مفاده أن القيادة السياسية المصرية رضخت لضغوط من قوى إقليمية، في إشارة محتملة إلى المملكة العربية السعودية وتركيا. وقالت نولاند:«التفهم الذي وصلنا هو أن مصر ألغت اقتراحها الآن، لأن بعض الدول التي شملها الاقتراح لم توافق»، والبلدان الآخران ضمن اقتراح مرسي هما تركيا والسعودية. وبدا أن الولاياتالمتحدة لم تتدخل مباشرة لإفشال خطة مرسي، وإنما تركت المهمة لآخرين، حيث قالت نولاند:«أعتقد أن بعض هذه الدول، ترى ما نراه، وهو أن الالتقاء مع إيران في هذه اللحظة التي تساعد فيها طهران نظام الأسد عمليا بالتدريب والتمويل وتشجعيه، لن يؤدي إلى السلام، ولن يؤدي إلى الاستقرار». الناطقة باسم الخارجية الأمريكية عبرت عن ثقتها بفشل الاقتراح، عندما قالت إنها ستترك هذه الدول «تتحدث عن قراراتها بنفسها». لكن نولاند ربما أرادت حفظ ماء وجه القيادة الجديدة في القاهرة، حيث أشادت بجهود الرئيس محمد مرسي من أجل التوصل لحل للأزمة المستمرة في سوريا، وقالت إن «مصر كانت تقليديا لاعبا قويا في المنطقة». وأضافت نولاند:«نحن نعول على مصر في الجامعة العربية، لأن تكون قوة تعمل من أجل أمن واستقرار المنطقة، وقد رحبنا مشاركة المصريين ضمن الجامعة العربية على طول الطريق، وحتى عندما كانوا في خضم المرحلة الانتقالية الخاصة بهم». يأتي هذا بعدما دافعت مصر يوم الأحد عن اقتراحها بتشكيل مجموعة اتصال اقليمية بشان سوريا تضم إيران، الحليف القوي لنظام الرئيس بشار الأسد، مؤكدة أن طهران يمكن أن تكون «جزءا من الحل» للأزمة السورية. وكان مرسي اقترح في منتصف أغسطس خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكةالمكرمة إنشاء مثل هذه المجموعة، وهو الاقتراح الذي لاقى تأييد إيران. واعتبرت دوائر إعلامية وبحثية غربية تحرك الرئيس المصري الجديد بمثابة محاولة لإعادة دور مصر الإقليمي ورسم سياسة خارجية أكثر استقلالية. وأول من أمس الاثنين الرئيس لوكالة رويترز إن «العلاقات المصرية الدولية في مصر الجديدة الآن بعد أن عبر المصريون عن إرادتهم الحرة باختيار رئيس يعبر عنهم ستقوم على التوازن الإقليمي والدولي والانفتاح على الجميع». وبرغم فشل الاقتراح، إلا أن نيويورك تايمز تقول إن مبادرة مرسي الخارجية الأولى أعطت مؤشرا على أن مسار مصر المستقبلي ربما يكون أكثر تعقيدا، من مجرد أن تتحول القاهرة بسهولة إما إلى مكسب أو خسارة للغرب. وأشارت إلى أن مرسي – على خلاف مبارك – أظهر شهية للقيادة الإقليمية وتقديم حلول مستقلة عن الولاياتالمتحدة أو أي قوى عظمى أخرى، ونجاحه في مثل تلك الجهود سيقلل بالتأكيد من النفوذ الأمريكي في المنطقة. وتابعت:«بنهاية ديكتاتورية مبارك، خسرت الولاياتالمتحدة بالتأكيد عميلا يعتمد عليه. ومصر الأكثر ديمقراطية ستكون بالتأكيد مستجيبة للرأي العام المصري، الذي يشكك في دور أمريكا في المنطقة. لكن تحرك مرسي الخاص بسوريا، يرجح أن خسارة أمريكا لنفوذها لن تكون مكسبا لأي من خصومها، فالأمر مجرد وجود مصر تضع عينها على منطقتها بغض النظر عن أي قوة عالمية». وفي نفس السياق قالت صحيفة الواشنطن بوست إن قرار مرسي السفر إلى إيران «يعكس تغيرا كبيرا في السياسة الخارجية لأكبر بلد عربي، بعد عقود من الرضوخ لواشنطن».