قبل عشر سنوات كشفت حادثة تفجير برجى التجارة العالمى عن ظهور فكر أصولى لدى بعض الإسلاميين، يعرف بفكر القاعدة، يقوم على صياغته عدد من الرجال فى مقدمتهم من الناحية العسكرية أسامة بن لادن، ومن الناحية الفقهية الدكتور فضل والدكتور أيمن الظواهرى، وهو الذى جاء امتدادا لفكر الجماعات الجهادية فى مصر، لكن بعد 10 سنوات هل مازالت أفكار القاعدة كما هى؟
تنظيم القاعدة بعد 11 سبتمبر ازداد تشددا، بحسب الباحث فى الحركات الإسلامية سمير العركى، وهو ما يراه جليا فى عمليات غير مسبوقة فى التنظيمات الجهادية، حيث قامت بعدة تفجيرات فى العمق الإسلامى مثل تفجيرات الرياض والدار البيضاء وبعض تفجيرات الجزائر، ثم قيامها ببعض التفجيرات الأخرى وسط مدنيين معصومى الدم فى عدة دول أوروبية مثل لندن ومدريد وبالى.
العركى يضع فى الاعتبار أن تنظيم القاعدة غير موحد، لأن القاعدة هى فكرة غير مركزية، تسمح بالانضمام إليها فى أنحاء العالم، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة ينظر للفكر بعد الحدث، بمعنى أن أفعاله تسبق فكره، فيأتى الفعل ثم يأتى بعده الفكر الذى يبرره أمام الأنظار فهى تعد أفكارا تدريبية لا تنظيرية.
أحداث الحادى عشر من سبتمبر، على حد قول العركى، جاءت بنتائج عكسية وسلبية بالغة الخطورة على العالم الإسلامى وآثار سلبية سياسية أتاحت لتدخل أمريكى أن يتغلغل فى البلاد الإسلامية وتعطيل عملية السلام وقضية فلسطين، وزادت وحشية إسرائيل تجاه الجانب الفلسطينى بحجة محاربة الإرهاب، كما أن هناك آثارا سلبية عسكرية مكنت أمريكا من احتلال العراق وأفغانستان وتدميرهما، وكذلك جاءت بآثار سلبية ثقافية ودينية أتاحت الفرصة للتدخل الأمريكى فى فرض مناهج دراسية بعينها كما حدث فى باكستان، كما أثرت سلبيا على العمل الخيرى وأدت إلى محاصرة وغلق كثير من الجمعيات الخيرية، بحجة أنها تدعم القاعدة كما حدث نوع كبير من التضييق على المسلمين فى أمريكا وأوروبا والنظر إليهم على أنهم إرهابيون.
العركى اعترض على من يقول إن هناك آثارا إيجابية ل11 سبتمبر، على اعتبار أنها أدت إلى انتشار الإسلام فى دول أوروبا، معتبرا أن هذا مغالطة كبيرة، فليس من الصواب أن أفجر من أجل أن يعرف الناس الإسلام، لقد دخل جزء كبير من دول شرق آسيا فى الإسلام عن طريق التجارة وليس عن طريق التفجيرات.
ال المتخصص فى الحركات الإسلامية إسلام الغمرى يرى أنه لم يلمس ما يفيد التغيير فى فكر القاعدة، وأنها تسير فى اتجاه واحد، لكن الظروف قد تعيق هذا، لكنه يرى أن هناك احتمالات لعودة الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة إلى مصر، مما يعنى أن دور القاعدة المركزى قد انتهى، وأن رمزيتها فى أفغانستان، قد تلاشت وأنه لم يتبق منها إلا مجموعات متنافرة فى بعض البلدان لا يربط بينها رابط، مضيفا أنه ليس هناك ما يمنع تنظيم القاعدة من أن يراجع نفسه خصوصا أنه كان من بين صفوفه بعض القيادات التى تشجع على ذلك، مثل أبو حفص الموريتانى الذى يعد المنظر الأول للقاعدة. فقد اختلف كثيرا فى الفترة الأخيرة مع تنظيم القاعدة وهاجمهم بما يفعلونه فى العالم الإسلامى من تفجيرات وعمليات إرهابية.