لم يكن هذا أمرا شريرا أو سيئا، هكذا استهلت صحيفة «بوسطن جلوب» الأمريكية افتتاحيتها في وصفها لسيطرة الرئيس المصري محمد مرسي على الجيش، مشيرة إلى أنه حتى لو كان هذا الأمر أثار ريبة عدد كبير من دول العالم؛ لأنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنه أول رئيس مصري منتخب؛ ما منحه تفويضا شعبيا لقيادة سفينة الدولة. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن «الرئيس المصري كان يجب أن يستبدل الجنرالات الذين أداروا البلاد لأكثر من 17 شهرا بآخرين موالين له، بعدما قلصوا صلاحياته عقب إعلان فوزه مباشرة بالرئاسة». لكن «بوسطن جلوب» أكدت أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة حيال مرسي هي أن تلك الهزة العنيفة داخل القوات المسلحة تمت بسلاسة شديدة؛ حتى أن المشير حسين طنطاوي الذي كان يحكم مصر عقب تنحي المخلوع حسني مبارك ظهر على شاشات التليفزيون الحكومي وهو يتقلد قلادة النيل تكريما على عقدين خدمهما في الجيش. وتابعت الصحيفة قائلة «لا يزال من غير الواضح لماذا قبل الجيش تلك التغييرات بتلك السرعة؟، ولكن بكل تأكيد الهجوم الأخير على الحدود مع إسرائيل في رفح منح مرسي الفرصة لانتزاع سلطاته وإبعاده الجنرالات الذين لا يحظون بدعم شعبي أو بقبول واسع من قبل الكثير من المصريين». ولكن التحدي الحقيقي الذي قد يواجه مرسي في الفترة الأخيرة -والقول لبوسطن جلوب- هو صراعه مع المحكمة الدستورية العليا، التي سبق ورفضت قرار للرئيس بإعادة البرلمان الذي قضت تلك المحكمة بعدم دستوريته. واستمرت الصحيفة الأمريكية قائلة إن مرسي حتى لو كان اضطر لأن يحتفظ بالسلطة التشريعية حتى يتم انتخاب برلمان جديد وأن يظل حاكما للبلاد بإعلان دستوري، وعلى الرغم من أنه لم يخلق هذا الوضع، إلا أن استغلاله لتلك الطرق غير الصحية أو الديكتاتورية من شأنها أن تؤثر على مسار العملية الديمقراطية في مصر، وأشارت إلى أنه على مؤسسات المجتمع المدني في مصر والمسؤولين الأمريكيين عليهم أن يراقبوا تصرفات وقرارات مرسي بعناية إذا ما كان استعمل سلطاته بصورة خاطئة. ورأت بوسطن جلوب أن قرارات مرسي حتى الآن مختلطة، ففي الوقت الذي لجأ فيه للتكنوقراط وابتعد عن المتطرفين المتدينين في تولي المناصب الحكومية العليا، إلا أنه اتخذ خطوات أخرى مثيرة للقلق باتخاذه إجراءات صارمة للتقييد على حرية التعبير وأبرزها توجيه اتهامات لعدد من الصحفيين بالتحريض ونشر اتهامات كاذبة حول الرئيس. وأضافت الصحيفة قائلة «هذا يثير المخاوف من أن يتحول مرسي إلى ديكتاتور جديد، وينبغي عليه أن يفهم ويستوعب أن العالم كله يراقب تصرفاته، وسيتعين على المجتمع الدولي أن يحكم عليه ليس بمقدار القوة والسلطات التي يكتسبها، ولكن بمقدار الحكمة التي يدير بها البلاد».