اهتمت الصحف العالمية بالتعليق على تشكيل مجلس الوزراء الجديد في مصر، حيث رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الاختيارات الجديدة تعكس أن الرئيس محمد مرسي غير راغب أو غير قادر على تجميع فريق وزاري من ذلك النوع المتنوع سياسيا والقادر على التغيير الذي كان يأمل فيه الكثير من المصريين. وقالت إن اللائحة الصادرة يوم الأربعاء وتحوي أسماء 18 مرشحا، تشمل في الغالب مسئولين تكنوقراط بعيدين عن الأضواء أو خدموا في نظام الرئيس السابق مبارك؛ لافتة إلى أن الرئيس مرسي تعرض لضغوط الانتقادات المتزايدة لتأخره في تشكيل الحكومة؛ فيما تأججت الاحتجاجات العمالية والمشاكل الاقتصادية في الأسابيع الأخيرة. وأوضحت أن الأسماء المعلنة تشمل فقط اثنين من الشخصيات التي لها علاقات قوية بجماعة الإخوان المسلمين، التي هندست فوز مرسي غير المتوقع في يونيو؛ مضيفة أن البصمة الإخوانية الصغيرة نسبيا على مجلس الوزراء الجديد تشير إلى أن مرسي كان يشعر بالقلق من ردود الفعل الغاضبة -من تشكيل حكومة مكدسة بالحلفاء من الإخوان في شرائح المجتمع المصري التي تخشى أسلمة السياسة. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن شخصيات بارزة مثل د. محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل، وكبار أعضاء الأحزاب السياسية الكبيرة التي نشأت بعد الثورة في العام الماضي غابت بشكل واضح من القائمة الجزئية التي نشرتها الصحف والتليفزيون. ونقلت الصحيفة عن شادي حامد، الخبير المصري في مركز بروكنجز الدوحة قوله «إذا ما كنت سأفكر في اختيار أكثر المجموعات غير الملهمة لتعينها، كنت سأتوصل إلى القائمة الحالية». مضيفا« أولئك الذين كانوا يتطلعون إلى مرسي لإرسال رسالة قوية باختيارات حكومته سيشعرون بالإحباط». وتابعت الصحيفة كما هو متوقع، فإن وزارات الدفاع والداخلية لا تزال تدار من قبل كبار المسئولين الذين عملوا تحت مظلة النظام المخلوع؛ حيث لا يزال المشير محمد حسين طنطاوي وزيرا للدفاع، وسيحل اللواء أحمد جمال الدين، أقرب مساعدي وزير الداخلية المنتهية ولايته محل رئيسه. ولفتت إلى أن هذا الاختيار الذي أغضب -على وجه الخصوص نشطاء حقوق الإنسان الذين دعوا مرسي إلى إجراء إصلاحات واسعة في هيكل جهاز الشرطة الذي كان يعمل على مدى عقود في ظل حصانة وإفلات من العقاب بطريقة وحشية في بعض الأحيان؛ على حد وصفها. كما أشارت مجلة «التايم» الأمريكية إلى أن الحكومة الجديدة ستكون الاختبار الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين أمام الشعب المصري، حيث سيكون عليهم مواجهة التحديات التي تواجه المواطن العادي دون أي مبررات، فهم اليوم على رأس السلطة التنفيذية. وأضافت المجلة الأمريكية أن الصراع على السلطة بين الجماعة والمجلس العسكري أجبر هشام قنديل رئيس الوزراء الجديد على عدم اختيار وزراء ذو فكر إسلامي متشدد؛ حتى لا تكون ذريعة للهجوم على حكومته.
وأكدت التايم أنه قنديل سيكون عليه أولا أن يواجه المشاكل الرئيسية التي تعاني منها مصر وأبرزها مشكلتي الاقتصاد والأمن الداخلي، والذين تضررا بصورة كبيرة طوال العام والنصف الماضيين. ولكن المجلة أشارت إلى أن استبعاد رئيس الوزراء الجديد لأي من الشخصيات السلفية المشهورة أغرب حزب النور كثيرا، رغم ما نفاه المتحدث باسم الحزب نادر بكار لوكالة أسوشيتد برس، إلا أن الواقع يشير إلى أن الإخوان خشوا على أن يتسبب تشدد السلفيين الديني في إفشال الحكومة الجديدة. في حين قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن عدم اختيار الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان لوزراء إسلاميين بصورة أكبر، يرجع لمحاولتهم تهدئة المخاوف نحو سياسات الجماعة المستقبلية وأنهم سيسعون للسيطرة والاستحواذ على السلطة السياسة. ولكن الصحيفة الأمريكية أشارت إلى أن مرسي لجأ لموظفي الدولة والمسؤولين التكنوقراط؛ بسبب فشله في تشكيل ائتلاف واسع للحكومة، يمكنه من ضم عدد كبير من النجوم الكبيرة الصاعدة في المشهد السياسي المصري.