استنفار أمنى وعسكرى بالغ تشهده مدينة العريش، التى فاجأ أهلها، صبيحة أول من أمس (الجمعة)، هجوم مروع نفذه مجهولون، استهدف قسم شرطة ثان، وهز استقرار المدينة. وفيما شهدت مدينة الإسماعيلية جنازة عسكرية مهيبة، ظهر أمس، لتشييع جثمان الشهيد النقيب حسين عبد الله الجزار، الذى قتل بالرصاص فى أثناء تصديه للهجوم على قسم الشرطة، ألقت أجهزة الأمن القبض على 12 مصريا وفلسطينيا مشتبها بهم، وجار التحقيق معهم. لكن القيادى فى حركة «الجهاد الإسلامى» خالد البطش نفى تورط جماعة «جيش الإسلام» فى الأحداث. جنازة الضابط الشهيد انطلقت من «المسجد العباسى»، وامتد طابور المشاركين فيها لأكثر من كيلومتر، تتقدمه القيادات الشعبية والتنفيذية والأمنية والعسكرية فى المحافظة، وتوجه الموكب إلى مقر قيادة الجيش الثانى، فى «معسكر الجلاء» فى الإسماعيلية، ثم نقلت سيارة عسكرية الجثمان إلى مسقط رأسه، فى مركز قويسنا فى محافظة المنوفية. النقيب حسين الجزار، من قوات الجيش الثانى المسؤولة عن تأمين منطقة قسم ثانى العريش. أما النقيب يوسف محمد الشافعى، معاون مباحث قسم ثانى العريش، فهو آخر ضحايا الهجوم، حيث لقى مصرعه فجر أمس متأثرا بجراحه فى مستشفى المعادى بالقاهرة، الذى نقل إليه على متن طائرة عسكرية. كانت الأحداث أسفرت عن سقوط خمسة قتلى، بينهم الضابطان، وثلاثة مواطنين بينهم صبى عمره 11 عاما، وإصابة 21 مواطنا. إجمالى المقبوض عليهم، للاشتباه فى مشاركتهم فى الهجوم بلغ 12 فردا من المصريين والفلسطينيين، بحسب مدير أمن شمال سيناء اللواء صالح المصرى، الذى أوضح ل«التحرير» أنه جار استجوابهم، وأن ثلاثة فلسطينيين آخرين تم التحفظ عليهم فى مستشفى العريش العام، لدى تلقيهم العلاج، جراء الإصابة بطلقات نارية، فى أثناء وجودهم فى مكان الحادثة، وهم: يوسف عمر سعيد، 19 عاما، وباسم محمد سعيد، 24 عاما، وعلاء محمد المصرى، 18 عاما. مصادر أمنية فسرت التضارب فى روايات شهود العيان، بأن المهاجمين كانوا ملثمين، ويرتدى بعضهم زيا أسود، وآخرون ارتدوا زيا مموها، ويحملون أعلاما سوداء كتب عليها «لا اله إلا الله». وقالت المصادر ل«التحرير» إن المجموعة المسلحة تنتمى إلى أكثر من جهة، وأصحاب الزى الأسود هم عناصر متشددة، قد يكونون تابعين ل«جيش الإسلام» فى غزة، فيما تنتمى المجموعة الأخرى إلى «جماعة التكفير والهجرة» فى الشيخ زويد، التى تتبنى نفس منهج «جيش الإسلام». لكن مصادر أخرى رجحت أن تكون تلك الميليشيات هى نفسها التى نفذت أربع هجمات ناجحة، استهدفت خط تصدير الغاز إلى إسرائيل، وأنها قامت باستعراض للقوة قبل نحو 15 يوما، فى مسيرة فوق الدراجات البخارية وعربات الدفع الرباعى، رافعين رايات سوداء. المهاجمون المجهولون، انسحبوا من موقع الأحداث كالعادة، من دون أن يتركوا وراءهم أى أثر يدل على هويتهم، أو أسباب الهجوم على قسم الشرطة، ليبقى المصدر الوحيد للمعلومات الصحيحة هو تقرير النيابة العامة فى شمال سيناء، الذى أوضح أن شخصا واحدا فقط تم اعتقاله فى مكان الحادثة، داخل سيارة نصف نقل، وبحوزته سلاحان آليان، وأنه تم حصر أكثر من عشرة آلاف مقذوف لأسلحة آلية، و15 مقذوف «آر بى جى» فى مكان الهجوم. وألمح التقرير إلى أن الاقتحام تم من خلال خمسة محاور، واستمر تسع ساعات متصلة، وأن الجناة استخدموا شاليهات ومنازل المنطقة سواتر، مما أدى إلى صعوبة محاصرتهم. القيادى فى حركة «الجهاد الإسلامى» خالد البطش، رفض الحديث عن تورط جماعة «جيش الإسلام» فى أحداث العريش، وقال إنه لا يعرف عنها «إلا ما ينقله الإعلام». على الأرض، وبعد ساعات من الهجوم، أرسل الجيش الثانى الميدانى، تعزيزات جديدة، لتأمين أقسام الشرطة فى العريش، وقامت قواته بزيادة الحواجز الأمنية على طول الطريق، بدءا من مدينة القنطرة شرق، حتى العريش، وتم تدعيم الحواجز بعربات مدرعة، وعدد كبير من أفراد الشرطة العسكرية. مصادر أمنية أفادت بأنه تم تشديد الإجراءات الأمنية حول «الجسر الدولى» الذى يعبر فوق قناة السويس، ونفق الشهيد أحمد حمدى، وفحص هويات السيارات والأشخاص القادمين من شمال سيناء.