أسفر التطور فى ممارسات الأممالمتحدة فى مجال صيانة السلم والأمن الدوليين منذ إنشائها فى 1945 عن ظهور عائلة متفرعة من المفاهيم والمصطلحات التى تصف الطبيعة المختلفة للعمليات والمهام التى تضطلع بها المنظمة الأممية فى هذا السياق، بحيث يمكن الحديث عن عائلة مفاهيمية تضم: حفظ السلام: ويقصد به أساسا نشر الأممالمتحدة لبعثة تتكون من قوات مسلحة أو شرطة مدنية أو متطوعين مدنيين للمعاونة والمساعدة فى تنفيذ أى اتفاقيات يكون قد تم الوصول إليها بين حكومات أطراف الصراع أو النزاع، وذلك استنادا إلى مبادئ ثلاثة محددة هى موافقة أطراف الصراع على عمل هذه العملية وعلى نشر القوات، حياد القوات المشاركة فى هذه العمليات، امتناع هذه القوات عن استخدام القوة العسكرية إلا فى حالات الدفاع الشرعى عن النفس. بناء السلام: وهو مفهوم يضم العمليات التى تهدف إلى إنعاش المجتمع المدنى، وإعادة بناء البنية التحتية واستعادة المؤسسات التى حطمتها الحرب أو النزاعات الأهلية فى المجتمعات التى يتم فيها التدخل، وقد تسعى هذه العمليات حتى إلى إقامة هذه المؤسسات إذا لم تكن موجودة بما يمنع تجدد نشوب الحرب مرة أخرى. صنع السلام: أى العمليات التى تتضمن أى عمل يهدف إلى دفع الأطراف المتحاربة للتوصل إلى اتفاق سلام، من خلال الوسائل السلمية كتلك المنصوص عليها فى الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة. وهو قد يتضمن استعمال الوسائل الدبلوماسية لإقناع الأطراف فى النزاع بإيقاف الأعمال العدائية والتفاوض للوصول إلى تسوية سلمية لنزاعهم. وفى هذا الصدد يمكن للأمم المتحدة أَن تلعب دورا فقط فى حال موافقة أطراف النزاع يوافق على ذلك. أى أن صنع السلام لا يتضمن استخدام القوة العسكرية ضد أى من الأطراف لإنهاء الصراع دعم السلام: وقد أضحى هذا المفهوم هو المظلة الكبرى التى تشمل الأنواع والأجيال المختلفة للعمليات التى تقوم بها الأممالمتحدة فى مجال حفظ السلم والأمن الدوليين. ويقصد به «كل الأساليب المتبعة من قبل الأممالمتحدة فى تخفيف التوتر، ودعم وقف إطلاق النار، أو اتفاقيات السلام، أو إنشاء منطقة عازلة بين المجموعات المتحاربة، من أجل تعزيز الظروف اللازمة لتحقيق السلام الدائم». وهو من ثم يعترف بتغير دور ووظيفةعمليات دعم السلام باختلاف الأوضاع والظروف المرتبطة بكل منها. ويرى البعض أن ثمة حالة من التراتبية -من الناحية الزمنية- تسير وفقها العلاقة بين هذه المفاهيم، بحيث لا يمكن بدء إجراءات بناء السلم إلا عندما تتم السيطرة على الصراع وإقرار الأمن أى بعد فرض السلام، ثم بعد ذلك يأتى حفظ السلم، وذلك بافتراض أن السلام قد أعيد إلى نصابه، وأن المطلوب هو المحافظة عليه من الانتكاس. ثم تأتى مرحلة بناء السلام بعد انتهاء الصراع، وفيها يتم تحصين السلم حتى لا ينهار مرة أخرى، فبغير ذلك لن يكون بالإمكان تسريح المحاربين أو نزع سلاحهم أو إعادة إدماجهم أو إجراء الانتخابات، فضلا عن عدم إمكانية ممارسة الأنشطة الاجتماعية العادية، والتى تعتبر ضرورية لإعادة بناء المجتمعات التى مزقتها الصراعات. ولكن على الجانب الآخر، من الملاحظ أن بعض العمليات قد تجمع بين خصائص أكثر من نوع من أنواع عمليات حفظ السلام، فهى قد تبدأ وفق أحد الأنماط وتدفعها تطورات الأمور على أرض الواقع إلى التحول لنمط آخر من العمليات.