عندما تذكر اسم "الموبيليا" و"الأخشاب"، فلا بد أن تقرنها بمحافظة دمياط، "بلد الآثاث"، والتي تعتبر المنتجات فيها الأرخص، مقارنة بغيرها من المحافظات. ولأن الإسكندرية، محافظة ساحلية كدمياط، تساءل أبناء "الثغر" عن سبب رخص الأسعار في دمياط، عن بلدهم، وهو السؤال الذي أجاب عنه أصحاب ورش الموبليات في الاسكندرية، بقولهم: "تكاليف نقل الأخشاب من دول أوروبا مثل السويد وروسيا إلى دمياط أرخص من نقلها إلى هنا، كما أن أسعار الصنايعية هنا أعلى من هناك، إلى جانب زيادة العرض هناك". وفي هذا السياق، قال خلف الكبير، 70 عامًا، صاحب ورشة للموبيليا بشارع ابن خلدون بمنطقة العطارين في الإسكندرية: "نملك هذه الورشة منذ عام 1960، وتعودنا أن الأسعار هنا أعلى من دمياط، رغم أننا بلدين ساحليين، إلا أن الأخشاب وأسعارها وأجرة الصنايعية هي الفارق". ويضيف: "نستورد الأخشاب من السويد وروسيا، وتصل إلى منطقة أم زغيب بالكيلو 21 بغرب الإسكندرية، ثم يبتاعها تجار الموبيليا من منطقة الفراهدة وتقطع وفقًا للمقاسات المطلوبة، وهذه أولى خطوات صناعة الموبيليا". "المرحلة التالية من تصنيع الموبليا ( الآثاث)، هي تقطيع الأخشاب، وتفصيل الفورمة التي تتزين بها الأسرة والدواليب وغيرها من قطع الأثاث على ورق، ثم وتسلم بعد ذلك إلى النقاش الذي يقوم بنقشها على أخشاب سميكة لتصبح الخامة واحدة، وتعتمد هذه العمليات على الأيدي العاملة ولا تدخل فيها أي ماكينات"، أضاف الحاج خلف، أن "أسعار الأخشاب تختلف حسب جودتها، فسعر متر الخشب السويدي يصل إلى 3 آلاف جنيه، بينما الزان 5 آلاف جنيه، والأرو- الذي يعد أجود الأخشاب- يزيد سعر المتر منه عن 10 آلاف جنيه". القشرة الخارجية التي توضع على الخشب الأصلي، تعد عامل رئيسي في صناعة الأثاث بالرغم من قلة سمكها، فلا تخلو أية قطعة من تلك الطبقة الخشبية الرقيقة التي تكسو الأخشاب، "وهي كغيرها تندرج ضمن أنواع مختلفة، أقلها جودة البودري، التي لا يزيد سعر المتر منها عن 5 جنيهات، ثم البوفينجا، الموجونور، قشرة الأرو، والجدرلوب الذي يعد الأجود والأعلي سعرًا ويصل إلى 120 جنيه للمتر"، حسب الحاج خلف. وتابع: "وتوضع القشرة في مياه لتجنب تشققها، ثم تجفف وتلصق على الموبيليا بواسطة الغراء، ثم تلصق بواسطة عامل البرش الذي يستخدم في هذه العملية (الجاكوش)، حتى يصبح سطحها ناعمًا، ليسلم القطعة إلى (اسطورجي) لتلميعها وتركيب القطع النحاسية، أو لعامل الجلود إذا كانت قطعة الآثاث تتطلب تركيب قطعة جلدية". وأردف: "ساهم نحو 12 حرفيًا في خروج المنتج النهائي للمستهلك،فغالبية تلك الورش تعمل بحسب الطلب، أي وفقًا للرسومات التي تأتي بها الزبائن لتفصيل قطعة أثاث أو غرفة كاملة، بينما في الكثير من الأحيان يعرض صاحب الورشة كتالوج بأعماله السابقة للاختيار بينها". واستطرد: "صناعة مكتب خشبي تستغرق 6 أيام عمل، والصالون 20 يوما، بينما تصل مدة الانتهاء من غرفة النوم إلى شهر كامل، مشيرًا إلى أن الفيصل في التباين بين أسعار الأثاث لا يرجع إلى كونه بالعمولة أو جاهزًا ولكن للخامات المستخدمة فيه". ويعاني أصحاب الورش من عدم وجود كيان نقابي للدفاع عنهم، يقول الحاج خلف "توقف العمل تمامًا ببعض الورش بعد ثورة 25 يناير، ولم يتحسن الحال إلا قبل شهور قليلة، ورغم ذلك لا نجد من يتحدث باسمنا".