بحضور «فوزي»..«نيابية حماة الوطن» تعقد جلسة نقاشية حول أولويات الأجندة التشريعية    الحرب المجيدة (2)    قيادات وزارة البيئة تستمر في جولات تفقد سير عمل منظومة قش الأرز    باحث سياسي: حرب الظل بين إيران وإسرائيل انتقلت إلى المواجهة المباشرة    الأردن أبلغ إيران وإسرائيل أنه "سيتصدى لأي تهديد لأمنه"    الولايات المتحدة تثمن دور ملك المغرب في تعزيز السلام والأمن في الشرق الاوسط    رينارد: رفضت نيجيريا.. وأتمنى قيادة منتخب قادر على التأهل إلى كأس العالم 2026    أزمة طولان وانقسام غريب.. مقعد «جلال» يفجر الخلافات داخل إدارة الإسماعيلي    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    نيللي تحسم جدل اعتزالها التمثيل: «لقيت نفسي بعتذر كتير»    إسعاد يونس تكشف موعد اعتزالها التمثيل    هل يجوز للزوج الاستدانة لتوفير احتياجات زوجته غير الضرورية؟    حصاد 62 يوما .. «100 يوم صحة» قدمت 99 مليون خدمة طبية مجانية    "المصريين": مطالبة الحوار الوطني مشاركة المواطنين في قضية الدعم نقلة في تعددية اتخاذ القرار    شركة استادات وتكنولوجيا الرياضة..    شباك تذاكر السينما في مصر يحقق 6 ملايين و901 ألف جنيه خلال الأسبوع الماضي    لعدم وجود شبهة جنائية.. التصريح بدفن جثة مبرمج ألقى نفسه من الخامس    كيف قاد هوس الشهرة والمال السهل بعض أصحاب قنوات التيك توك إلى السجن    جامعة الفيوم تنظم قافلة تنموية شاملة بقرية ترسا مركز سنورس    كوريا الجنوبية واليابان تتفقان على تنسيق الاستجابة تجاه «استفزازات» كوريا الشمالية    22 فيلما في ترشيحات جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبية 2024    معارض الحضارة المصرية في الخارج تجذب 625 ألف زائر    فرض سيطرة وبودى جاردات.. الاعتداء على موظف بسبب شقة بالقناطر الخيرية    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    مصطفى الفقي: علاقة مصر مع إيران وإسرائيل وحزب الله تحتاج مراجعة    بيلد: أديمي الخيار الأول لخلافة محمد صلاح في ليفربول    ارتفاع حصيلة القتلى في استهداف إسرائيلي لمبنى سكني بدمشق إلى 3 أشخاص    سامية أبو النصر: نقول للشباب أن استرداد الأرض لم يكن سهلا ولكن بالحرب ثم التفاوض    قافلة تنموية شاملة لجامعة الفيوم توقع الكشف على 1025 مريضا بقرية ترسا    بوتين يوقع قانونا يسمح بتجنيد المشتبه بهم جنائيا وتجنيبهم الملاحقة القضائية    ظاهرة فلكية تُزين السماء 6 ساعات.. متى كسوف الشمس 2024؟    جولة بحرية بقناة السويس للفرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    شيخ الأزهر يكرم طلاب «طب أسنان الأزهر» الفائزين في مسابقة كلية الجراحين بإنجلترا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    تفاصيل زيارة أحمد فتوح لأسرة المجنى عليه.. وعدوه بالعفو عنه دون مقابل    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    البورصة المصرية تتحول إلى تحقيق خسائر بعد اتجاهها الصاعد في الجلسات الأخيرة    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة الورش الإنتاجية التابعة للهيئة العامة للنظافة والتجميل    وزير الشباب والرياضة يتابع مجموعة ملفات عمل تنمية الشباب    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    رحيل لاعب جديد عن الأهلي بسبب مارسيل كولر    ما حكم كتابة حرف «ص» بعد اسم النبي؟ الإفتاء توضح    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    إيران تدعو مجلس الأمن لاتخاذ خطوات فورية ضد تهديدات إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغاني الحيتان وعجائب التطور
نشر في التحرير يوم 08 - 06 - 2015

تغنى الحيتان، تُخرج ألحانًا ميلودية لتغازل أقرانها أو ليتعرف بعضها على بعض، أو لتحدد مسارها عن طريق الإنصات للصدى، وفى الأَسْر تستطيع الحيتان أنْ تصدر أصواتا تحاكى أصوات البشر، وتبذل فى ذلك مجهودا فائقا، مما يدل على محاولة للتواصل.
والحيتان مخلوقات اجتماعية تمتلك القدرة على التعلم والتعليم، والقدرة على التخطيط والتعاون، وهى أيضا مخلوقات عاطفية تظهر الحزن والأسى إذا أصابها مكروه. وتظهر الدراسات أن مخ الحوت يحتوى على العصيبات «neurons» فى اللحاء الجديد «neocortex» الذى يوجد أيضا فى الإنسان، وتتحكم هذه العصيبات فى العواطف والسلوكيات واتخاذ القرار!
والحيتان أشكال وأنواع، منها أضخم المخلوقات «الحوت الأزرق» الذى يصل طوله إلى 30 مترًا، ويزن 180 طنا، ومنها الحيتان القزمية التى لا يزيد طولها على 3٫5 متر.
الحيتان الضخمة تثير الدهشة والانبهار، وقد خلَّد الروائى هيرمان ميلفل، فى رائعته «موبى ديك» (Moby – Dick)، الصراع بين إيهاب والحوت الأبيض موبى ديك الذى سبق له أن دمر سفينته وأدى إلى بتر ساقه. إيهاب يصطاد الحيتان، ليحصل منها على كميات ضخمة من زيت الحوت.
وفى نهاية المطاردة، يقع نظر إيهاب على موبى ديك، ويبدأ الصراع الدامى بينهما، يحطم موبى ديك السفن التى تتعقبه، وفى اليوم الثالث من المطاردة يحطم موبى ديك ما بقى من سفن، ومع أن إيهاب ينجح فى طعنه بالحربة التى تربط بحبل طويل، ولكن الحربة سرعان ما تلتف على عنق إيهاب، ويسحبه موبى ديك من رقبته إلى نهاية محتومة.
الحوت مخلوق خارق للعادة، تُحبك حوله الأساطير، ولكن حقيقته أغرب من الخيال.
الحوت ليس سمكة، وهو من الثدييات كالقطط والبقر والذئاب والإنسان وتلد الأنثى -كما فى البشر- مولوده واحد وترضعه الأم أحيانا فترة قد تزيد على العام، ويتغذى المولود على اللبن الذى تبخه الأم فى فمه.
ومما يصعب على التصديق أن أسلاف الحوت كانوا لا يعيشون فى الماء، لكن يمشون على الأرض، وهم أشبه ما يكونون بالتيتل أو الوعل! ولقد أظهرت الدراسات الجيولوجية بقايا هياكل من أسلاف الحيتان تدل على تسلسل وراثى من كائنات برية، ثم كائنات تخوض الماء، وأخيرا كائنات تعيش فى الماء كلية.
أهم الحفريات حوت أولى «Pakicetidae» فى حجم الكلب أو الضبع عاش منذ 48- 52 مليون سنة فى باكستان، ويتميز بوجود أقدام تعينه على المشى، وخوض مجارى مياه عذبة للبحث عن الغذاء.
وهناك أيضًا، حوت أولى وجد أيضًا فى باكستان «Ambulocetidae»، وهو حوت برمائى عاش فى المناطق الشاطئية والبحيرات، ويتميز بظهور القدرة على نقل الأصوات عن طريق عظام الفك السفلى، كما هو الحال فى الحيتان الحالية. وكان يتميز بأقدام عريضة تساعده على التجديف فى الماء.
ونقترب من الحوت كما نعرفه فى ما يسمى الحوت الأم «Maiacetus innus»، ويتميز بضخامة الجسم بالمقارنة بالأرجل ليشبه ظاهريا التمساح أو سحلية ضخمة، وحجمه نحو 2 متر، وعاش منذ نحو 47 مليون سنة. ويبدو أن هذا الحوت كان يعيش معظم الوقت فى الماء، ولكن وجود عظام جنين داخل الحوت الأم ورأسه فى الوضع الذى يدل على أن المولود كان سيخرج برأسه كما هو الحال فى الثدييات، مما يدل على أن الولادة كانت تتم على الأرض.
قام بعديد من هذه الاكتشافات الجيولوجى البروفيسور فيليب جنجريش (Gingerich Philip) الذى قام بالاكتشاف المهم، الذى أعلنته وزارة البيئة حديثا لعدة هياكل من أسلاف الحيتان فى وادى الريان.
بدأ جنجريش، الأستاذ بجامعة واشنطن، اكتشافاته فى باكستان فى بداية السبعينيات، وأدى اكتشافه حفريات «Pakicetus» إلى الاهتمام بالمخلوقات التى كانت تعيش بين البر والبحر من 50 إلى 40 مليون سنة على المناطق الشاطئية للبحار القديمة فى باكستان وتونس والأردن ومصر.
اكتشف جنجريش فى وادى الريان حيتانا يرجع عمرها إلى 34 و40 مليون سنة، هى Dorudon ،Basilosaurus يصل طول الباسيلوسوروس إلى 12- 20 مترا، وهو بذلك أطول الحيتان المعروفة من هذه الفترة.
وتعتبر هياكل حيتان الفيوم التى اكتشفت من أكثر من 20 عامًا من أكمل البقايا التى تتيح التعرف على خصائص هذه الفصيلة من أسلاف الحيتان. وفى هذه المرحلة من التطور يلاحظ ضمور الأرجل التى انحصرت وظيفتها فى توجيه الحركة. وتدل خصائص العمود الفقرى على أن باسيلوسوروس كان يتحرك فى الماء كما يسبح ثعبان الماء، وأنه لم يكن يستطيع الغوص والسباحة المتقدمة، كما هو الحال فى الحيتان الحالية.
المدهش أن الثدييات التى تنحدر منها الحيتان لم تنتشر على الأرض إلا بعد كارثة تعرض لها كوكب الأرض منذ 66 مليون عام أدت إلى انقراض نحو 75% من أنواع الكائنات الحية على الأرض ونهاية عصر الديناصورات، نتيجة ارتطام مذنب ضخم أو كويكب بالأرض، كما تدل على ذلك الصخور التى تحتوى على نسبة عالية من عنصر الراديوم المشع، ومنها الطبقات الطفلية خلف معبد حتشبسوت بالأقصر، وهى مقطع جيولوجى عالمى.
ومن الديناصورات الطائرة ظهرت الطيور! وبعد هذا الحدث ظهرت أسلاف الخفافيش، والضباع والقطط، والقوارض والأرانب، والدببة، والذئاب، والأسود، وفرس النهر والحمل والزرافة، والفيلة وعروس البحر، والرئيسيات التى تنحدر منها القردة والشمبانزى والأورانج أوتان والإنسان، وغيرها من المخلوقات التى انقرضت.
وتظهر الحفريات «fossils» أن الثدييات تنحدر من الزواحف التى سبقتها فى الوجود، وهناك تدرج واضح فى الخصائص الهيكلية من الزواحف للثدييات، وتتميز الثدييات بأنها حيوانات دمها دافئ، ولها أثدية وشعر أو فرو، وعادة ما تلد بدلاً من أن تضع البيض. وهناك أيضًا خصائص معينة للفك والأسنان والأذن. وبالمناسبة تستغنى الحيتان عن الأذن الخارجية، وتسمع عن طريق الذبذبات الصوتية التى تتيح لها التعرف على ما يدور حولها تحت الماء.
تستطيع بنفسك أن تشاهد عظام أسلاف الحيتان فى محمية وادى الريان فى محافظة الفيوم، وفى المتحف الذى تعاونت الحكومة الإيطالية ومصر على تأسيسه. وهو أول متحف يسجل تطور الحيتان وتأثير التغيرات المناخية على تطور الحياة ونشأتها على الأرض. وقام بتصميم المتحف بطراز بيئى مميز المعمار المتخصص فى الحياة البرية والبيئات الصحراوية المهندس جابى ميخائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.