في مثل هذا اليوم 23 مايو عام 1967، أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إغلاق خليج العقبة في وجه السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي.. كانت الحشود الإسرائيلية على سوريا هائلة والوضع في الشرق الأوسط متأزم وهو الأمر الذي دفع برئيس الجمهورية العربية المتحدة لاتخاذ هذا القرار الذي كانت عواقبه احتلال سيناء. فى صبيحة مثل هذا اليوم خرجت صحيفة الأهرام وفى صفحتها الأولى مانشيت يقول: «عبد الناصر يعلن إغلاق خليج العقبة» مع جملة من العناوين الشارحة التى تقول: «الخليج مغلق أمام الملاحة والمواد الاستراتيجية لا تستطيع المرور منه إلى إسرائيل ولو على سفن غير إسرائيلية.. الجمهورية العربية المتحدة تطبق الآن فى خليج العقبة نفس القواعد التى كانت تطبقها قبل حرب السويس.. عبدالناصر يعلن القرار الحاسم أثناء زيارته أمس مركز القيادة المتقدمة للقوات الجوية.. عبد الناصر يقول بوضوح: لن يمر العلم الإسرائيلى أمام قواتنا المرابطة الآن فى شرم الشيخ- وسيادتنا على الخليج لا تنازع..» الأهمية الاستراتيجية للخليج ترجع الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لخليج العقبة الذي يقع في الطرف الشمالي من البحر الأحمر بين شبه الجزيرة العربية شرقا وشبه جزيرة سيناء غربا وتطل عليه أربع دول عربية هي فلسطين في الشمال بساحل يبلغ طوله 11 كم والأردن في الشمال الشرقي بساحل يبلغ طوله 17 كم، ومصر في الغرب بساحل يبلغ طوله 20 كم، والسعودية في الشرق بساحل يبلغ طوله 140 كم، أما الخليج نفسه فيبلغ طوله 188كم وعرضه من 10 – 25 كم، وهو يكاد يكون مغلق جغرافيا بجزيرة تيران وجزر صنافر وأبوشوشة ويرقان والصخور والشعب المرجانية، ولا يتجاوز عرض الممر المائي الآمن الصالح للملاحة حوالي 1.5 كم وهو محصور بين مضايق تيران وساحل سيناء. كما ترجع أهمية الخليج إلى كونه يربط دول شرق المتوسط وخاصة الأردنوسوريا ولبنان وفلسطين مع شرق وجنوب إفريقيا وأسيا والشرق الأقصى واستراليا ونيوزلندا واندونيسيا، ولذلك أقامت إسرائيل على سواحله مدينة إيلات في مكان قرية آم الرشراش الفلسطينية لتكون التجسيد الحي الدائم للخيانة الصهيونية، لأن العصابات الصهيونية احتلتها في 10/3/1949 بعد انتهاء القتال في 18/7/1948 وبعد توقيع اتفاقية الهدنة مع مصر في 24/2/1949 لتكون قاعدة إسرائيل على البحر الحمر ومركزها للسيطرة عليه ونقطة انطلاقها في شل الاقتصاد المصري وإقامة قناة موازية لقناة السويس ومرفأ لغواصات دولفين النووية الصهيونية التي تشكل تهديد مزمن لبوابة مصر الشرقية البحرية وسور برلين بين آسيا العربية وأفريقيا العربية وسدا في وجه حجاج المغرب العربي ورمزا لتدويل البحر الأحمر، وذلك بالإضافة إلى فك العزلة السياسية عن إسرائيل وفتح أسواق لمنتجاتها وجلب المواد الخام اللازمة لصناعتها ومصدرا للثروة البحرية والأسماك. لذلك كان خليج العقبة وخليج السويس وقناة السويس هدفا استراتيجيا في السياسة الإسرائيلية وفي كل الحروب التي خاضتها إسرائيل، وقد تم فتح الخليج أمام السفن الإسرائيلية بعد العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 بعد وضع مضايق تيران وشرم الشيخ تحت إشراف قوات الطوارئ الدولية، لكن وبعد نكسة 1967 احتلت إسرائيل المضايق والخليج وسيناء كلها وبذلك أصبحت الملاحة في البحر الأحمر مفتوحة أمامها وما زالت حتى اليوم، خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17/9/1978. كواليس اتخاذ القرار كان الزعيم جمال عبدالناصر أعلن قرار إغلاق خليج العقبة -رسميا- أثناء زيارة قام بها يوم 22 مايو 1967 لمركز القيادة المتقدمة للقوات الجوية بصحبة المشير عبدالحكيم عامر، النائب الأول لرئيس الجمهورية نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي وعلى صبري، نواب رئيس الجمهورية وشمس بدران، وزير الحربية، حيث قال عبدالناصر: «إن سيادتنا على مدخل الخليج لا تقبل المناقشة، وإذا أرادت إسرائيل أن تهدد بالحرب فنحن نقول لها: أهلًا وسهلًا». ولم يمض أقل من شهر لإعلان إغلاق المضيق لتأتي حرب عام 1967 بين إسرائيل ومصر وسورياوالأردن، انتهت بانتصار إسرائيل واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربيةوسيناء والجولان. قرار المشير عبد الحكيم عامر جاء نص القرار الصادر من المشير عبد الحكيم عامر متضمنا 7 بنود، ألا وهي: أولاً: يقفل مدخل خليج العقبة اعتباراً من باكر 23/5/1967، أمام جميع السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي، وكذلك ناقلات البترول على اختلاف جنسياتها والمتجهة إلى إيلات. ثانياً: يسمح للسفن الخارجة من الخليج على اختلاف جنسياتها بالخروج منه. ثالثاً: يقوم لنش طوربيد نهاراً، والسفينة رشيد ليلاً بمعارضة السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي وكذلك ناقلات البترول من الجنسيات المختلفة المتجهة إلى ايلات في المنطقة جنوب خليج العقبة لتحذيرها من دخول الخليج. رابعاً: إذا لم تستجب إحدى السفن المذكورة إلى تحذير لنش الطوربيد نهاراً أو السفينة رشيد ليلاً – يقوم لنش الطوربيد أو السفينة رشيد بإبلاغ قائد منطقة شرم الشيخ باسم السفينة وموعد وصولها إلى مضيق "تيران". خامساً: عند وصول إحدى هذه السفن إلى مضيق "تيران" تقوم المدفعية بضرب طلقة إنذار أمام السفينة وتحذيرها بواسطة محطة الإشارة البحرية، ويصير تكرار الضرب والتحذير أمام السفينة مرة أخرى إذا لم تستجب للطلقة الأولى. سادساً: إذا لم تستجب السفينة إلى طلقتي الإنذار يصير ضرب السفينة بغرض تعطيلها أولاً ثم إغراقها إذا لم تمتثل بعد ذلك. سابعاً: يصرح بالمرور للسفن التي تحرسها سفن حربية، ولا يتم الاعتراض أو الاشتباك مع السفينة أو السفينة الحربية، حتى لو كانت السفينة المحروسة ترفع العلم الإسرائيلي.