أغلق مدير الصحة هاتفه ورفض تلقي الشكاوى منذ قدومة للمحافظة في ظل الأوضاع السيئة التي تعاني منها كل مستشفيات محافظة بورسعيد وانهيار المنظومة الطبية والعلاجية بتلك المستشفيات بسبب وجود أطباء غير قادرين على إدارة المنظومة الطبية والعلاجية بالمحافظة التي كانت في الماضي منارة وقبلة لمتلقي العلاج في منطقة القناة والمدن المجاورة مثل الدقهلية ودمياط. وقامت "بوابة التحرير" بجولة في مستشفيات المدينة التي أصبحت أشبه ب"مساكن الأشباح" حيث المباني قديمة مهملة، وخاوية من الأطباء، وهي المستشفيات التي تمثل الملاذ الأخير للمرضي في الحصول على خدمة علاجية، إلا أن يد الإهمال قد امتدت إليها فبدأت تتهاوى واحدة تلو الأخرى. مستشفى صدر بورسعيد "خرابة" يتعرض القطاع الصحي لانهيار متعمد أمام أعين المسئولين دون أن يتحرك أحد لإنقاذه، فالكيانات العلاجية العملاقة التي كان يقصدها جميع الفئات في بورسعيد وكافة المحافظات المجاورة لتشخيص الأمراض المستعصية وتلقي العلاج تحولت إلى مجرد هياكل خرسانية بأجهزة معطلة وأسرة متهالكة بالإضافة إلى عدم وجود أطباء. ولم تمتد يد التطوير لتلك الكيانات بل تركت فريسة للإهمال والتدهور لتتلاشى فكرة العلاج المجاني لغير القادرين يومًا وراء الآخر. فقد تدهور حال مستشفى صدر بورسعيد، وأصبح متهالكًا، والذي كان من أكبر المستشفيات المتخصصة في أمراض الجهاز التنفسي، وكان يتميز بوجود أطباء واستشاريين متخصصين على أعلى مستوى، ولكن خلال الفترة الماضية تدهور حال المستشفى بشكل كبير فعند الدخول من بوابته يثير انتباهك المباني المهجورة المتهالكة للغاية والعيادات الخارجية الخالية من المرضى. ومن جانبه، قال حسين محمد، مريض بالمستشفى، "جئت لتقديم شكوى إلى مدير المستشفى، حيث أعاني من التهاب رئوي شديد ونصحني بعض المعارف بالتوجه إلى مستشفي الصدر للتأكد من أن حالة الصدر تسمح، وبعد الكشف أكد الأطباء أن حالتي الصحية جيدة وبعد خروجي من المستشفى بساعات تعرضت لأزمة تنفسية شديدة فتوجهت إلى أحد الأطباء في عيادته الخاصة ولكني فوجئت بأن أعاني من ورم سرطاني بالرئة وفي مرحلة متأخرة". ومن جهته، قال عبد الراضي إبراهيم، مريض بالربو، "جئت إلى المستشفى منذ الصباح الباكر بعد أن تعرضت لأزمة تنفس شديدة ولم يتم حجزي رغم تدهور حالتي للغاية وكل ما قام به الطبيب هو وضعي علي جهاز التنفس الصناعي". وبدورها وصفت بنت إبراهيم، الواقع داخل غرفة التنفس الصناعي فقالت "لا يتم تغيير مسكات التنفس، ويتم تغيير مياه الأجهزة ب"مياه الحنفية". مستشفى الحميات تسكنها "الأشباح". تعاني مستشفى الحميات من شبه انهيار فبعد أن كانت من اشهر المستشفيات المتخصصة في مجال أمراض الحميات والكبد و الجهاز الهضمي، واشتهر المستشفى بالتعامل مع مرضى الكبد والأمراض المستعصية ومع ذلك لم يرحمه الإهمال وانتشرت الفوضى به لدرجة تعطل أغلب الأجهزة حتى أن مصاعد المرضى لا تعمل، وأصبحت العناية المركزة لمن يستطيع دفع المقابل، وحتى غرف المرضى تفتقد النظافة. ورغم انتشار الإهمال، إلا أن مديرها الحالي يرأسها منذ أكثر من 10 سنوات، بالرغم من صدور قرارات من محافظين بتغييره وآخرها بعد وقعة "الحضانة الشهيرة" والتي تم خلط الجثث فيها وتم تسليم جثة رضيع إلى أهل رضيع آخر، ويتواجد المدير غالبًا في خارج البلاد لحضور المؤتمرات، تاركًا الإهمال ليدير المستشفى نيابة عنه!. وقالت نادية عبد العال: "أعاني من مرض تليف الكبد منذ سنوات ومع مرور الوقت يزداد المستشفى سوءًا، حيث انتظر طويلًا لكي أدخل للطبيب وأحيانا يعتذر الطبيب عن الحضور بعد أن ننتظره لأكثر من ثلاث ساعات حتى عندما يطلب مني الطبيب عمل أشعة يكون الرد أن الجهاز معطل منذ فترة طويلة". وتساءل علي عبد العال، منْ وراء تخريب هذا المستشفى مضيفًا "لقد عانيت الأمرين عندما تم حجزي لإجراء جراحة بسبب سوء الخدمة مما اضطرني إلى الخروج وإجراء الجراحة على نفقتي الخاصة". مستشفى بورسعيد العام.. المهجور دائمًا وعلى نفس النهج يسير مستشفى بورسعيد العام الذي كان من أفضل مستشفيات الجمهورية، فقد بدأ الإهمال يضرب المستشفى واستمر الوضع من سيء إلى أسوأ حتى وصل إلى حالة من الانهيار في الخدمات. فعند الدخول من الباب الرئيسي تجد غرف المرضى مهملة والأبواب مكسورة والأسرة متهالكة ومملوءة بالأتربة حتى وحدة الغسيل الكلوي والعناية المركزة وغرفة العزل مليئة بالقطط فضلًا عن تدلي الأسلاك الكهربائية من الأسقف أمام دورات المياه، وخيوط العنكبوت تمنع من الدخول ولايوجد أي عامل أو ممرض فالمستشفي مهجور. وألقى عبد الرحمن عوض، من سكان المنطقة، باللوم على وزارة الصحة فيما وصل له الحال بعد أن تسببت بقرارتها الخاطئة في هدم وتدمير بنية المستشفى حتى أصبح خاليًا من الأدوية والأجهزة والإسعاف حتى العيادات الخارجية التي من المفترض أن تعمل من الثامنة صباحًا ولكنها تعمل من الحادية عشرة إلى الثانية عشرة ظهرًا فقط. وفى سياق متصل، قال الدكتور حسن الإسناوي نقيب الأطباء، إن ضعف الإمكانيات الطبية هو العائق الرئيسي لتطوير المنظومة الطبية بالمحافظة والأطباء يعملون في ظروف صعبة في ظل عدم وجود كادر يحفظ حق الأطباء عند الوصول لسن المعاش. وأضاف الإسناوي، "طلبنا أكثر من مرة بتطوير المستشفيات وزيادة الأطقم الطبية وأطقم التمرض وتأمين العاملين بالمستشفيات وتحسين المرتبات إلا أن الرد كان: إن حال البلد لا يسمح وإننا في انتظار تحسن في دخل الدولة ورفع مخصصات الصحة ليتم تطوير المنظومة خلال الفتره القادمة". وطالب أحد المصادر الطبية، رفض ذكر اسمه، بضرورة وجود رقابة من وزارة الصحة على المستشفيات وإن يكون مديري المستشفيات من الأطباء المتفرغين، لأن الطبيب لن يترك عيادته التي تعتبر مصدر رزقه، ولذلك يجب تعويض الطبيب في المستشفى الحكومي بشكل مناسب وتوفير الأطقم المعاونة ثم محاسبته بعد ذلك. وأضاف المصدر أن الإمكانيات الطبية ضئيلة جدًا ولا يمكن الاعتماد الكلي على الطبيب الذي من الممكن أن تصل ساعات عمله إلى 18 ساعة في اليوم في ظل وجود عجز في التخصص، مما يجعل الطبيب في حالة يرثى لها، فالإمكانيات ضئيلة وهناك نقص أيضًا بالموارد البشرية. وتابع أن المنظومة الطبية قائمة على روح الفريق وهذا لا يحدث في المستشفيات الحكومية التي تحتاج إلى الكثير من الدعم من أجل الارتقاء بالمنظومة الصحية. وفي المقابل، قال إسلام رمضان، وكيل وزارة الصحة ببورسعيد، إن هناك ضعفًا في القوى البشرية وبعض التخصصات كالتخصصات الجراحية المتعلقة بالطوارئ والتخصصات الجراحية النادره كالمخ والأعصاب وجراحات التجميل. وأكد وكيل الوزارة أن هناك خطة للنهوض بالمنظومة الطبية وقد بدأ بعض منها بالفعل وهو توفير جراحة العظام والتي كانت يتم تحويلها إلى الإسماعلية والمنصورة ولكن الآن تم توفير عمليات الجراحة للعظام بعد عمل صيانة للأجهزة التي كانت لا تعمل. ونوه رمضان بأن المديرية قامت بفتح مكتب خدمهة لتلقي شكاوى المواطنين من المنظومة الطبية بديوان عام المديرية ويقوم العاملين داخل هذا المكتب بتقديم تقرير يومي بالمشاكل التي تم تقديمها من قبل المواطنين.