منذ حدوث ما يسمى الربيع العربي في بداية 2011 ، وانهيار أنظمة دكتاتورية كانت تعتبر دولها نموذج للاستقرار السياسي الشكلي، ولكن سرعان ما قامت الثورات الشعبية قيام النار في الهشيم، بداية من تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وسوريا التي ما زالت تعاني. ويبدو أن ما حدث في الدول العربية، ألهم خريف الانقلابات العسكرية في الدولة الأفريقية. الكونغو الديمقراطية شهدت يوم 27 من فبراير 2011 محاولة انقلابية للإطاحة بالرئيس جوزيف كابيلا، ولكنها فشلت. مالي شهدت يوم 22 من مارس 2012 انقلابًا عسكريًا أطاح بالرئيس أمادو توماني توري، وبعد إدانات دولية للانقلاب العسكري؛ تنحى القادة العسكريون وسلموا السلطة لحكومة مدنية. ومهد الانقلاب للانفصاليين الطوارق باستغلال الفراغ في السلطة والسيطرة على شمال البلاد وإعلان دولة "أزواد المستقلة". ملاوي في 5 من أبريل 2012، بعد وفاة الرئيس بينجو وا موثاريكا، جنب نائبه "جويس باندا" البلاد الانقلاب؛ بعد تواصله مع قائد الجيش الذي أبدى دعمه لباندا ليتولى الرئاسة. غينيا بيساو شهدت يوم 12 من أبريل 2012 اعتقال الجيش لرئيس الوزراء السابق، كارلوس غوميز، الذي فاز بالمركز الأول في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي نُظمت بعد وفاة الرئيس السابق مالام باكاي، وسيطرت على المقر الرئيس للحزب الحاكم والإذاعة الرسمية، لكن قوات الجيش عادت وأفرجت عن غوميز، وسلمت السلطة بعد وساطات إفريقية لرئيس البرلمان نحمادجو لقيادة الحكومة الانتقالية. إفريقيا الوسطى استولى زعيم الانقلاب وقائد تحالف متمردي السيلكا ميشيل دجوتيا، على السلطة بعد سيطرته على العاصمة بانجي، يوم 24 من مارس 2013؛ ليؤدي بعدها القسم رئيسًا للجمهورية حتى يناير 2014، ولكنه استقال من منصبه إثر تواصل أعمال العنف الطائفي في البلاد وعجزه عن السيطرة على الوضع؛ ليقيم بعد ذلك في المنفى ببنين، وتقع مجازر طائفية ضد المسلمين. ليسوتو في 30 من أغسطس 2014، هرب رئيس وزرائها إلى جنوب إفريقيا، بعد أن اتهم جيش بلاده بالانقلاب عليه؛ حيث قامت وحدات من الجيش باحتلال مقر الشرطة وأحاطت بمقر إقامة رئيس الوزراء، الذي حل البرلمان في يونيو 2014 ليتجنب اقتراعًا بسحب الثقة وسط خلافات في حكومته التي مر على تشكيلها عامان. وقد أدانت جنوب إفريقيا تحركات جيش ليسوتو، قائلة إنها: "تحمل علامات انقلاب" وطالبت قائد الجيش بإعادة الوحدات إلى الثكنات، ثم نفى جيش ليسوتو محاولته الانقلاب وقال إن القوات تحركت ضد عناصر في الشرطة يشتبه بأنها تخطط لتسليح فصيل سياسي. وأضاف أن القوات المسلحة في ليسوتو "تدعم الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا". وذكر دبلوماسيون أن معظم أفراد الجيش يوالون موثيتجوا متسينج، نائب رئيس الوزراء، الذي تعهد بتشكيل ائتلاف جديد يطيح بثاباني، وقالت المصادر إن قوات الشرطة تؤيد بشكل كبير رئيس الوزراء. وأدان كومنولث الدول الإفريقية الانقلاب أيضًا. وقال الأمين العام للكومنولث، كاماليش شارما، في بيان: "لا تسامح البتة في الكومنولث مع أي إطاحة غير دستورية بحكومة منتخبة". بوركينا فاسو أعلن الجيش في 30 من أكتوبر 2014 حل الحكومة والجمعية الوطنية، وفرض حظرًا للتجول، وشكل هيئة انتقالية، وذلك خلال مؤتمر صحفي في ختام يوم من أعمال الشغب ضد الرئيس بليز كومباوري، الذي حكم البلاد 27 عامًا؛ بعد إحراق الجمعية الوطنية، واقتحام مقر التليفزيون العام، وأعمال عنف، وانتشار دعوات لاستقالة الرئيس، ومن ثم تدخل الجيش. جامبيا حدثت محاولة انقلاب فاشلة، يوم 30 من ديسمبر 2014، ضد نظام الرئيس يحيى جامع، وتم التخطيط والتدبير للانقلاب من الخارج، مع احتمال تورط شركات وجهات دولية. وأطلق على هذه النوعية من الانقلابات كلمة "وونجا"، Wonga، التي تعني بالعامية الإنجليزية "المال الوفير"؛ وقد استخدمت لتصف سلسلة من الانقلابات والمحاولات الانقلابية التي قام بها مغامرون أجانب للاستيلاء على السلطة في بلدان إفريقية غنية بثرواتها الطبيعية، أو تنصيب حاكم آخر يسمح لهم بالوصول إلى الحقول النفطية الهائلة في البلاد. وقاد هذه المحاولة الانقلابية "سايمون مان"، وهو أرستقراطي وضابط سابق في القوات الجوية البريطانية الخاصة، كما أنه تلقى الدعم من العديد من الممولين أمثال السير مارك تاتشر (ابن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر). بوروندي 14 من مايو الجاري 2015، عندما أعلن الميجر جنرال جوديفرويد نيومباري -الذي تم فصله من رئاسة المخابرات في فبراير الماضي- إقصاء الرئيس المنتخب بيير نكورونزيز، الذي كان في تنزانيا؛ بسبب سعيه لتولي فترة رئاسية ثالثة يرى كثيرون أنها غير دستورية، وقد بأت هذه المحاولة بالفشل حتى كتابة هذة السطور، في استمرار المناوشات بين قوات المتمردين والموالين للحكومة.