كتبنا من قبل عن إبراهيم المصرى، اللبنانى الذى عاش فى القاهرة، وكان اسمه الأصلى إبراهيم سليمان حدا، وولد فى بداية القرن العشرين، أى عام 1900، ونوّهنا إلى ريادته للقصة النفسية المصرية، وربما العربية، حيث إنه شارك كتّاب القصة المصرية الرواد والأوائل مثل محمد تيمور ومحمود تيمور وحسن محمود وشحاتة عبيد وآخرين، وكان كل هؤلاء يقودون الثقافة المصرية من خلال إصدار مجلة عظيمة اسمها «الفجر»، وفى هذه المجلة ترعرت، نشأت، القصة القصيرة المعاصرة، بعيدا عن الزخرف العربى، والنمنمات التى علت سطح الحكايات، والأبعاد المقامية التى جاءت منذ زمان بديع الزمان الهمذانى والحريرى، وهكذا ترعرعت القصة ونمت بفضل هؤلاء الكتّاب المصريين، وفى قلبهم الكاتب والمبدع والفنان إبراهيم المصرى، وتناولنا فى ذلك المقال الكتاب البديع، الذى أنشأته الكاتبة والباحثة اللبنانية سلمى مرشاق سليم، وقد استطاعت مرشاق أن تتجول فى مسيرة المصرى طولا وعرضا، سردا وتأملا، وتتوقف عند محطات مهمة فى حياته. span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وبعيدا عن المشاركة العملاقة التى تميز بها إبراهيم المصرى فى مجال القصة القصيرة، فهو أحد مؤسسى المسرح المصرى الجاد والهادف والراقى، منذ النهضة المسرحية الأولى فى عشرينيات القرن الماضى، حيث كانت المسارح المصرية، تعرض مسرحيات مترجمة، أو منقولة عن المسرح الفرنسى، وكان الفنان يوسف وهبى متحمسًا أشد الحماس لهذا النوع من المسرح، لأنه يجذب الجمهور بقوة، ويدرّ أرباحًا وفيرة على كل المشتغلين بالمسرح، وكذلك يهبط هبوطا حادا ومخلا إلى درجات من الوعى وضيعةspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وفى 22 مارس عام 1966 أعدّت مجلة الكواكب عددا خاصا وشبه كامل عن المسرح المصرى، ونستطيع أن نقول إن هذه الفترة الستينية، كانت محتشدة بطاقات وآمال جد كبيرة، بداية من الدولة الناصرية، والإدارة الثقافية، وصولا إلى الكتّاب والفنانين، فكان نعمان عاشور وسعد الدين وهبة وألفريد فرج ومحمود دياب ويوسف إدريس ونجيب سرور وميخائيل رومان وغيرهم يكتبون، وكرم مطاوع ونجيب سرور وجلال الشرقاوى ونبيل الألفى وغيرهم يخرجون، وسميحة أيوب ونعيمة وصفى وسهير المرشدى وسناء جميل وعبد المنعم مدبولى يبدعون فى التمثيلspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt; line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family: "Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""إذن كان المناخ كله خاما يشكل قيام نهضة مسرحية، رغم ما كان يحيط الفترة الزمنية من صراع سياسى حاد فى أعلى السلطة، لكن الآلة الثقافية كانت تحاول الإفلات من هذه الأشكال الشائكة من الصراع السياسى، كما حدّث الدكتور على الراعى فى كتابه وسيرته الذاتية هموم المسرح وهمومى ، وكذلك فاروق عبد القادر فى ازدهار وسقوط المسرح المصرى فى الستينياتspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt; line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family: "Times New Roman"" . span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وتناول هذا العدد الخاص قضايا المسرح بوضوح وشجاعة، وكتب إحسان عبد القدوس ورجاء النقاش فى الأزمة القادمة للمسرح المصرى، وأعدّت المجلة تحقيقا واسعا عن مستقبل المسرح الغنائى فى مصر، وأسباب توقفه وانهياره، رغم أن بدايته كانت عظيمة فى أوائل القرن العشرين، على أيدى الشيخ سلامة حجازى، وفنان الشعب سيد درويش، وقد قدّما نماذج حققّت نجاحا مذهلا على المستويين الفنى والجماهيرىspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وفى قلب العدد استكتبت المجلة الكاتب الرائد إبراهيم المصرى، الذى لم يكن معاصرا للنهضة المسرحية العظيمة فى بدايات القرن، لكنه كان مشاركا فى صناعتها كذلك، ولم يكتف المصرى فى هذه الذكريات باستدعاء الأحداث التى لها علاقة مباشرة بالمسرح، لكنه استدعى بعضا من حياته الشخصية، وما تعرض له بشكل خاص فى غرامياته وتطوحاته وتحولاته الدرامية على مدى خمسين عاما تقريباspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وتحدث فى مستهل ذكرياته عن جورج أبيض وآخرين، وبدأ حديثه قائلا: قبل أن يظهر مسرح رمسيس عام 1923، كان جورج أبيض محور الحركة التمثيلية الحديثة فى مصر، وكان هذا الرجل الموهوب ذا تأثير قوى على فريق من الشبان المستنيرين المثقفين من هواة التمثيل، فاندفع بعضهم، وانضم إلى فرقته، وفى طليعتهم عبد الرحمن رشدى المحامى، وفؤاد سليم الأديب الشاعر، الذى كان عمدة فى بلدته، وترك منصبه والتحق بالمسرحspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%; font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman"" . span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""هكذا كان الإخلاص للفن، وكانت التضحيات تتواتر بأشكال مذهلة، وكان محمد تيمور وشقيقه محمود، قد أعدّا مسرحا منزليا، يدعوان إليه رفاقهما، ويمارسان العمل التمثيلى بشكل جاد، رغم أن هذين الشابين العبقريين، كانا من الأسرة التيمورية الثرية بشكل واسع، فإنهما كانا مغرمين بالفن غراما كبيرا، فخصصا أموالهما ووقتهما ومنزلهما لإحياء هذا الفن العظيم، فن المسرح والفرجة الراقية فى ذلك الزمان، قبل زمن السينماspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%; font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""ويلقى إبراهيم المصرى اتهامات عديدة على يوسف وهبى، الذى كان يميل بقوة إلى الاقتباس والترجمة والنقل عن المسرح الغربى، وكانت كل مسرحياته لا تناسب ما يصبو إليه المسرحيون من تأليف وتمثيل وإنهاض مسرحى، وظل وهبى عقبة كبيرة فى طريق المسرح المصرى الناهض، لتشجيعه هذه المسرحيات التى لا تمت إلى الثقافة المصرية بأى صلةspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt;line-height:107%; font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman"". span lang="AR-SA" style="font-size:12.0pt;line-height:107%;font-family: "Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family:"Times New Roman""وعلى عكس يوسف وهبى، كان إبراهيم رمزى الذى كتب مسرحيات عديدة مثل بنت الإخشيد ، و دخول الحمام مش زى خروجه ، ولإبراهيم المصرى ذاته بعض المسرحيات كتبها فى طريق نهضة المسرح، ونحن لن نستطيع أن ندرك حقيقة هذه النهضة دون الاطلاع وقراءة هذه المسرحيات، التى غابت فى طيات النسيان، ومنها مسرحية الأنداديد ، التى نشرها فى كتابه الأدب الحى ، وكان الكتاب قد صدر عام 1930، لكن المسرحية كتبت ومثّلت عام 1923، ولإبراهيم المصرى غير هذه المسرحية، نصوص مهمة أخرى، وكذلك له دراسات نقدية جادة، ليتنا نعيد نشرها حتى تكتمل معرفتنا بالنهضة المسرحية، التى عمت مسارح المحروسة فى النصف الأول من القرن العشرينspan dir="LTR" style="font-size:12.0pt; line-height:107%;font-family:"Times New Roman",serif;mso-fareast-font-family: "Times New Roman"".