كتب: هدير عاطف - محمود نبيل تضاربت أقاويل وسائل الإعلام العالمية حول سر اختفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المفاجئ عن الساحة، وتأجيل موعد زيارته المقررة لكازاخستان يوم الخميس الماضي، حيث أرجعت العديد من الصحف البريطانية والأمريكية اختفاء بوتين إلى حدوث انقلاب وفقًا لما قاله "جايدار جمال" رئيس اللجنة الإسلامية الروسية الموالي للكرملين. وقالت صحيفة ديلي ميل "إن اختفاء بوتين يعزز الأقاويل التي تؤكد وجود انقلاب من قيادات عسكرية عليه، واحتجازه بأحد القصور الرئاسية، حيث تعتبر تلك أطول فترة غاب فيها بوتين عن العلن". وأشارت الجريدة إلى أن موسكو تشهد تعزيزات أمنية وعسكرية ضخمة خلال الأيام الماضية، ما زاد من تردد الشائعات في الشارع الروسي من وجود تحرك ما داخل مؤسسات الدولة، وأنها ضد بوتين. فيما قالت إذاعة أخبار "بي بي سي" الإنجليزية "أنه من المحتمل أن يكون جهَز بوتين حقائبه وذهب للاستجمام في أي مكان مشمس، مشيرة إلى أنه مهما كان السبب الحقيقي وراء اختفاء بوتين، فإنه من المقرر أن يظهر مجددًا، اليوم الإثنين، حيث من المفترض أنه سيلتقي مع نظيره القرغيزي "ألمظ بك أتامباييف" في سانت بترسبرج. ومن جانب آخر ربطت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية بين اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمستوف والاختفاء المفاجئ لبوتين، بينما لمح البعض إلى التوتر بين بوتين ونظيره الشيشاني رمضان قديروف بعد اعتقال خمسة شيشانيين لاتهامهم بمقتل نميستوف. وأشارت المجلة إلى أن "اندريه ايلاريونوف" المستشار السابق لبوتين كتب في مُدونته أنه قد يكون هناك انقلابًا جاريًا. وعلى النقيض، لم تتسم الأوساط الروسية، سواء كانت الرسمية أو الدوائر الإعلامية، الصمت، تجاه ما تردد من شائعات حول اختفاء بوتين في الأيام العشرة الماضية، حيث حرصت قناة "روسيا اليوم" على تسليط الضوء على تحركات بوتين وأنشطته خلال فترة الغياب، حيث أبرزت لقائه برئيس المحكمة العليا الروسية، وإشادته بالنسق الذي يسير عليه القضاء في بلاده بالأونة الأخيرة. وبالرغم من نشر القناة الروسية لفيديو يجمع بوتين برئيس المحكمة العليا، إلا أن الأخير أكد في وقت قريب أن هذا الفيديو قد تم تصويره منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، غير أنه لم ينف لقائه بالرئيس الروسي منذ أيام. ولعل من أبرز التقارير التي تناولت غياب الرئيس الروسي، هو ذلك الذي أشارنا إليه سابقًا، والذي تناولت فيه صحف بريطانية نشوب انقلاب عسكري للكرملين ضد بوتين، إلا أن هذا الأمر قد حطمه بيان المقر الرئاسي له، حيث أعلن أن غيابه لم يكن لانقلاب عسكري، ولكن لكونه يعاني من نزلة برد شديدة، استوجبت تلقيه العلاج في إحدى الأماكن الريفية بروسيا. كما خرج التليفزيون الروسي الرسمي ليؤكد إصابة بوتين بنزلة برد، وأنه يتلقى علاجه بشكل طبيعي، مشيرة إلى أن بوتين سيشاهد العرض الوثائقي عن عملية ضم منطقة القرم العام الماضي، احتفالًا بالذكرى السنوية على رجوعها إلى روسيا الاتحادية مجددًا، بعد أن كانت جزء من الأراضي الأوكرانية. وأظهرت المعارضة الروسية موقفًا شجاعًا تجاه تلك الشائعات، وذلك على الرغم من مقتل زعيم المعارضة الروسية بوريس نيمتسوف، إلا أنها رفضت الاصطياد في الماء العكر، ونفت جميع ما تردد عن وجود انقلاب عسكري في البلاد، مؤكدة أن الرئيس الروسي يعاني نزلة برد شديدة، ولا صحة لوفاته أو قيام أحداث غير عادية في البلاد. ويبدو أن هذا الحال قد يستمر لفترة ليست بالقصيرة، ما لم يصدق الكرملين في تصريحاته التي نشرها صباح اليوم بشأن لقاء الرئيس الروسي بنظيره ألماز، وهو الأمر الذي بات العالم أسره في انتظاره، للوقوف على حقيقة غياب بوتين، حيث تبقى كافة السيناريوهات التي سردتها وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة قابلة للتحقيق، ما لم يكسرها بوتين بلقاء يُبث مباشرة على كافة شاشات العالم، لإسكات تلك التقارير، أو يواصل غيابه، ليزيد من شكوك العالم حول بقائه على قيد الحياة.