كتب حمادة عبدالوهاب داعش .. الكابوس الذي أصبح يروع كل دول العالم، في الغرب والشرق، حرق الكساسبة وذبح المصريين على شواطئ طرابلس ، وفعل ما هو أفظع في الرقة والموصل وسنجار وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة هذا التنظيم الموتور، فالشرق يكتوي بناره في الشام والعراق، مع ظهور ملفت للتنظيم المدمر في ليبيبا الدولة الممزقة ، والغرب الذي يحارب كثير من مواطنيه في صفوف التنظيم، وقد تم تكوين تحالف دولي بقيادة أمريكا وغيرها من الدول للقضاء على التنظيم . ولكن يبقى سؤال محوري حول ظهور التنظيم ونشأته، ففي الوقت الذي ظن الجميع تقريبًا بأن الدولة الإسلامية نشأت من العدم، بعد فترة قصيرة من بداية الأزمة الثورة، وتمكن فصائل إسلامية من السيطرة على أجزاء من التراب السوري. قد بدت التكتيكات الوحشية للتنظيم بشكل سريالي وكأنها قفزة إلى ما هو أبعد بكثير من الجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى، إن لم تكن غير مسبوقة على الإطلاق، إلا أن الأبحاث أظهرت مرارًا وتكرارًا أن الكثير من ارتفاع هذه المجموعة كان بطيئًا وتدريجيًا وساهمت فيه أخطاء وقعت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، والعديد من بذورها زرعت منذ سنوات وليست ظهور شيطاني، وأصبحت واضحة في الآونة الأخيرة فقط. البداية من أرض الأفغان الخطأ الأول هو الحرب الأمريكية في أفغانستان، حيث تبين ورقة للباحث كول بونزيل أنه منذ أواخر عام 2001 أو أوائل عام 2002، كان أعضاء من تنظيم القاعدة يناقشون فكرة إقامة ما يعرف ب دولة الخلافة ، وكان قائد تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي على رأس هؤلاء. وذكر التقرير أن المخطط الاستراتيجي العسكري لتنظيم القاعدة، سيف العدل ، ناقش هذه الفكرة مع الزرقاوي عندما كانا في إيران، بعد أن فروا من أفغانستان في أعقاب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة. وكتب العدل، مؤيدًا خطة الزرقاوي في الانتقال إلى العراق: ستكون هذه فرصتنا التاريخية في أن نكون قادرين على إقامة الدولة الإسلامية ، وهو الأمر الذي سيكون له الدور الرئيس في القضاء على الظلم، والمساعدة في نشر الحقيقة في العالم . ووفقًا للدراسة، لم يكن الزرقاوي قد تعهد بالولاء للقاعدة في هذه المرحلة؛ حيث كانت كراهيته البارزة للشيعة مصدرًا للخلاف مع الجماعة، وليس من الواضح ما إذا كانت خطة إقامة الخلافة التي تتخذ من العراق مقرًا لها قد جاءت من الزرقاوي أو من تنظيم القاعدة نفسه . ويدعي بونزيل أن الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدةلأفغانستان هو ما أدى إلى تشكل هذه الخطة. حيث كان تنظيم القاعدة ينظر إلى أفغانستان وطالبان على أنهما مستقبل الخلافة الإسلامية. وقد اعترف أعضاء في تنظيم القاعدة في وقت لاحق بأن غزو أفغانستان عام 2001 أجبرهم على تغيير خططهم. وكتب العدل في رسالة إلى الزرقاوي عام 2005: لو كانت هذه الإمارة (إمارة أفغانستان الإسلامية) لا تزال قائمة، كان يمكن أن تكون بداية دولة إسلامية لكل مسلمي العالم . ويضيف بونزيل : مع فقدان أفغانستان في عام 2001، بدأ العدل وغيره يبحثون عن مضيف جديد لمشروع الخلافة . الحرب على العراق يطور الفكرة أما الخطأ الثاني فهو الحرب على العراق،إن الحرب على العراق جعلت خظة التنظيم أكثر واقعية، ويوضح بونزيل أن مشروع الخلافة كان مجرد طموح لكن العزو الأمركي للعراق حوله إلى خطة واقعية. وبعد اندلاع حرب العراق في مارس 2003، بدأ الزرقاوي بتركيز اهتمامه على البلاد. وفي عام 2004، أعلن الانضمام للقاعدة، وأعاد تسمية جماعته من جماعة التوحيد والجهاد، إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ، وفي عام 2005، كتب ثلاثة قادة من تنظيم القاعدة إلى الزرقاوي لحثه على إقامة دولة إسلامية في العراق. وعلى الرغم من الهدف المشترك، إلا أن المشاكل سرعان ما بدأت تدب بين تنظيم القاعدة وفرعه في العراق، بعد أن نفذ الزرقاوي سلسلة من عمليات قطع الرؤوس وصورها بالفيديو، حيث كتب الظواهري لحثه على التوقف عن هذه الممارسة. ومع ذلك، كانت القوة الصاعدة للأغلبية الشيعية في العراق في فترة ما بعد الحرب نعمة بالنسبة للزرقاوي. وبحلول عام 2006، بدأ تنظيم القاعدة في العراق يقترب من إقامة دولة سنية خاصة به، قبل أن يقتل الزرقاوي في غارة أمريكية في يونيو من نفس العام ليفقد التنظيم وجوده ويختفي من الساحة مؤقتًا. في أعقاب ذلك، أعادت مجموعة من الجماعات الجهادية السنية تشكيل نفسها تحت اسم جديد، هو الدولة الإسلامية في العراق . وهنا، أصبحت فكرة الخلافة في منطقة الشرق الأوسط التي تم اقتراحها في عام 2001/ 2002، فكرةً ممثلة بتنظيم رسمي على أرض الواقع، وأعلن أبو عمر البغدادي ، وهو شرطي عراقي سابق أميرا للمؤمنين يحكم دولة ظلت لفترة طويلة دولة من الورق، حتى تم وضع أسسها العريضة في السجون التي تديرها أمريكا في العراق، مثل معسكر بوكا؛ حيث اختلط الإسلاميون المتطرفون هناك مع أعضاء سابقين في حزب البعث في العراق، وزاوجوا بين الحماس الديني والخبرات العسكرية. اغتيال بن لادن : القشة التي قسمت ظهر البعير أما الخطأ الثالث الذي ذكره التقرير فهو قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، الذي دفع أحد الرجال المحتجزين في معسكر بوكا سابقًا هو إبراهيم عوض إبراهيم البدري ، الذي احتجز هناك في عام 2004 وأطلق سراحه فيما بعد، حيث لم يكن ينظر إليه على أنه يشكل تهديدًا عالي المستوى. وبعد أن قتل أبو عمر البغدادي في عام 2010، أصبح البدري الزعيم الجديد لدولة العراق الإسلامية، وغير اسمه ليصبح أبو بكر البغدادي. ولم يفعل هذا البغدادي الكثير لفترة من الوقت، حتى أعلنت جماعته العودة فجأة عام 2012، وفي العام التالي، وتحديدًا في إبريل 2013، أعلن البغدادي توسع "الدولة الإسلامية" إلى الشام أو سوريا. إلى حد أنه قال بأن جبهة النصرة ، وهي فرع تنظيم القاعدة الرسمي في سوريا، أصبحت الآن جزءًا من الدولة الإسلامية في العراق والشام . وعن السبب الذي دفع البغدادي للتصرف بكل هذه الحدة والاندفاع يقول التقرير: خلقت وفاة بن لادن في مايو 2011 فراغًا في سلطة العالم الجهادية، تمكن أبو بكر البغدادي من تعبئته. عندما قال الظواهري بأن على البغدادي التراجع من سوريا إلى العراق في مايو عام 2013، تحداه البغدادي بشكل صريح، وكان قادرًا على فعل ذلك لأن الظواهري يتمتع بالقليل من كاريزما القيادة. كان البغدادي سيجد مصاعب أكبر بكثير في تحدي بن لادن.