جاءتنى هذه الرسالة، ولخطورتها أضعها أمام رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، والسيدة جيهان عبد الرحمن رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة. يقول صاحبها: شكرًا لحكومة إبراهيم محلب أنها أصدرت قرارًا بتعيين حملة الماجستير والدكتوراه، الأمر الذى دفعهم إلى التقدُّم إلى جهاز التنظيم والإدارة الموكل إليه توزيعهم على الوزارات المختلفة، ولكن هل تتم الحكومة جميلها وتوقف الواسطة والكوسة فى التعيين فى الهيئات المميزة ذات المرتبات المرتفعة؟ . انتهت الرسالة المقتضبة فى عدد كلماتها والموجعة فى معناها، وهى ليست شكوى فردية، وإنما من معظم المتقدمين للوظائف. لقد اتصل بى أكثر من شخص وتصادف أن جميعهم حاصلون على الماجستير فى القانون، يطلبون منّى التوسُّط لهم للتعيين فى مصلحة الضرائب أو الشهر العقارى أو التأمينات أو المحاكم أو الكهرباء، وقالوا لا نريد أن يتم تعييننا فى المحليات، حيث المرتبات ضعيفة لا تفتح بيتًا ولا تسد رمقًا ولا تغنى من جوع ولا تستر عريًا، مؤكدين أن كل مَن له واسطة استطاع أن يحصل من هذه الجهات على إفادة تعنى أن هذه الجهات تقبل تعيينه، وأن الجهاز المركزى سيقوم بتعيينهم فى هذه الجهات المميزة ماليًّا، أما الباقون -الذين لا واسطة لهم- فسيتم دفنهم فى المحليات! ولأننى لا أمتلك النفوذ الكافى للواسطة، ولا أعرف موظفين مهمين فى هذه الوزارات والهيئات، فقد أبلغتهم عدم قدرتى على أداء هذه الخدمة، لكنى شعرت أن الإحباط يسيطر عليهم، ويكاد يحولهم إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار فى أى وقت، وقابلة للاستخدام من أى جماعة تدَّعى أنها تقف بجانب المظلومين فى مواجهة الظلم والفساد والمحسوبية والوساطة، لم أجد وسيلة سوى توجيه الرسالة التى وصلتنى إلى رئيس الوزراء ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، لتدارك هذه المشكلة الخطيرة، هل يمكن أن يوضح رئيس جهاز الإدارة على أى أساس سيتم اختيار المعينين فى الوظائف المميزة؟ وما معيار تعيينهم فى هذه الهيئات والوزارات؟ وهل فعلاً توجد إفادات بالتعيين فى هذه الأماكن للمحظوظين وذوى الحظوة وأصحاب الوساطات؟ وما الذى يفرق بين اثنين حاصلين على نفس المؤهل ونفس الدرجة العلمية فيحصل أحدهما على مرتب أضعاف ما يحصل عليه الثانى؟ وما المبرر للتفرقة بين الاثنين رغم تساويهما فى كل شىء؟ أعرف أنه لا يمكن تعيين الجميع فى الوظائف ذات العائد الكبير، وأن هذه الهيئات والوزارات لا يمكنها توظيف الجميع، خصوصًا أن العدد ليس قليلًا، ولكن ما ذنب الذين نلقى بهم فى وظائف فقيرة، ألا يمكن أن نضع معايير واضحة وشفافة تعلن للجميع عن قواعد الاختيار لهذه الوظائف، مثل أن تكون الأولوية لحملة الدكتوراه، ثم لحملة الماجستير، طبقًا لدرجات كل منهم فى الليسانس أو البكالوريوس، على أن يكون التعيين تراتبيًّا من أعلى إلى أسفل، أو تكون الأسبقية لمَن سجَّل رسالة الدكتوراه وقطع فيها شوطًا، وإذا لم يكن هناك حل، فلماذا لا نساوى بين هذه الدفعة فى المرتبات على أن تتحمَّل الدولة فارق المرتب بين الوظيفة المميزة والوظيفة فى المحليات التى تعتبر فى أدنى الدرجات المالية، رغم تطبيق الحد الأدنى للأجور؟ سيادة رئيس الوزراء.. أرجو أن تجد حلًّا حتى لا تأخذ الوساطة بشمالها ما قدمته إلى الشباب بيمينك، لأنه إذا حدث فلن يكون من حق أحد أن يسأل: لماذا يتطرَّف الشباب؟