أربأ بالصديق الدكتور محمد البلتاجى، القيادى الإخوانى وأمين حزب الحرية والعدالة، عن أن يصف تظاهرات العمال أمام مقر الرئاسة بأنها مؤامرة مدبرة لإسقاط الرئيس محمد مرسى وإظهاره بمظهر العاجز عن تحقيق المطالب.. وأن مدبر تلك المظاهرات هم رجال مباحث أمن الدولة، وأن عددا من المحتجين يتلقون أموالا لإثارة البلبلة أمام المقر الرئاسى! قد يكون مقبولا نوعية هذا الكلام من زميله حسن البرنس (طالع فى المقدر جديد)، باعتباره جديدا على عالم السياسة، والذى يبهره الشو الإعلامى، فأصبح ملِكا أكثر من الملك. لكن لا تقبل تلك التصريحات أبدا من سياسى وثورى مثل محمد البلتاجى.. فهو رجل بحكم وجوده فى الشارع منذ سنوات، ومشاركته فى مظاهرات واحتجاجات مثل التى أمام المقر الرئاسى، تمنعه من أن يتهم المتظاهرين حتى ولو كانوا عمالا بسطاء يسعون إلى لقمة عيشهم والحصول على حقوقهم ممن ظلموهم فى فترة القهر والفساد.. وسيطرة أمن الدولة على المؤسسات.. وعلى الرغم من تحفظى شخصيا على المظاهرات أمام قصر الرئاسة، فإنها عفوية.. وخرجت من مظلومين كما حدث عندما تولى عصام شرف رئاسة الوزراء باختيار شعبى من ميدان التحرير.. وكان بجانبه، بل وقدمه إلى المتظاهرين فى الميدان الدكتور محمد البلتاجى. فهؤلاء لم يجدوا أحدا ليقف معهم.. وطرقوا كل الأبواب للحصول على حقوقهم.. ورفع الظلم عنهم وأنهم يتظاهرون منذ شهور.. وذهبوا إلى وزارة القوى العاملة ومجلس الوزراء.. بل ذهبوا إلى مجلس الشعب.. لكن لا أحد استمع إليهم.. وإن استمع البعض إليهم فلا يفعلون لهم شيئا.. وأخيرا وجدوا الرئيس، الذى جاء من صندوق الانتخابات، وذهب إلى ميدان التحرير لتحية المتظاهرين.. وأعلن أن بابه مفتوح أمام الجميع.. وبالطبع صدق الناس ما قاله الرئيس.. وذهبوا إلى مقر الرئاسة لتقديم مظالمهم وشكاواهم.. وكشف القهر والظلم اللذين تعرضوا لهما خلال حكم مبارك ومن رجال أعماله.. ومن إهمالهم فى الفترة الانتقالية التى أدارها المجلس العسكرى بفشل «عظيم».. وتهرب جميع المسؤولين التنفيذيين فى الوزارات والمؤسسات من اتخاذ أى قرارات فى انتظار القادم.. وقد جاء القادم.. فذهبوا إليه يستنجدون به. وحسنا فعل الرئيس محمد مرسى بإنشاء ديوان للشكاوى أو للمظالم.. وقد كنت قد طالبت فى هذا المكان بذلك، بل طالبت بأن تكون هناك وزارة للشكاوى والمظالم خلال الفترة الحالية.. ولعل الصديق الدكتور محمد البلتاجى يتذكر المظاهرات الفئوية والاحتجاجات العمالية التى كانت أمام مجلس الشعب، بدءا من عام 2006 ضد سياسات مبارك وعصابته، التى دمرت البلاد.. وقد كان ذلك من مقدمات الثورة.. الثورة التى كان الدكتور محمد البلتاجى تحديدا حاضرا طوال أيامها ال18، بدءا من يوم الثلاثاء 25 يناير أمام دار القضاء العالى.. والذى تمت محاصرته مع زملائه النواب من قبل جحافل الأمن المركزى.. فى الوقت نفسه الذى كان فيه الشباب يطوفون شوارع القاهرة من بولاق وإمبابة وحتى العباسية وباب الشعرية، والعودة إلى ميدان التحرير.. لتبدأ الثورة. وظل الدكتور البلتاجى موجودا فى الميدان.. وبعد ال18 يوما مشاركا فى جميع الأحداث.. حاضرا كثورى قبل أن يكون إخوانيا.. فأربأ به عن أن يخرج هذا الكلام عنه، متهما بأن ما يحدث الآن تدبير ومن عمال يتلقون أموالا.. وبعدين يا دكتور البلتاجى.. أهى مؤامرة تحاك الآن.. والإخوان سيطروا على كل شىء.. فهم الآن فى الرئاسة (وما أدراك ما الرئاسة وصلاحياتها؟) والحكومة التى كانت مغضوبا عليها أصبحت تابعة وتدير الأمور بأوامر الرئيس.. وأجهزة الأمن ووزارة الداخلية متفقون الآن مع النظام الجديد.. والأمور زى الفل.. مطلوب الآن المكاشفة والشفافية.. وليس إطلاق الاتهامات على طريقة عصابة النظام السابق. ومطلوب من الرئيس شخصيا أن يخرج إلى هؤلاء الشاكين.. ويعلن جدولا زمنيا لحل المشكلات ويطلب منحه الفرصة.. وربما تكون أكثر من 100 يوم. كفى الحديث عن المؤامرات.