أين الحكومة الجديدة؟ سؤال يفرضه دخول الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسى القصر الرئاسى، لكن يبدو أن وعود الرئيس تتبخر على أرض الواقع حتى الآن، فلا الحكومة التوافقة تم تشكيلها ولا حتى الإعلان عن شخصية رئيس الوزراء الجديد، ولا حتى المجلس الرئاسى الذى تعهد به مرسى، فلماذا يتأخر الرئيس؟ محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، قال إن الرئيس مرسى يواجه عدة عقبات قد تؤثر على سرعة أدائه، على رأسها الحسابات المحيرة بين ما وعد به وبين رغبة حزبه «الحرية والعدالة» ورؤية قياداته بأحقيتهم فى تشكيل الوزارة وتولى المناصب، بالإضافة إلى ضغوط من حلفائه السلفيين، لذلك يحتاج الأمر إلى قدر كبير من التوازن والحكمة لتجنب الأزمات، بينما أضاف أن مرسى لم يتأخر حتى الآن، فهو تسلم السلطة رسميا منذ خمسة أيام فقط ويمكن أن نقول إنه تأخر بنهاية اليوم العاشر، مشيرا إلى أن الرئيس يحرص على التكتم الشديد فى هذا الأمر، ولا توجد أى معلومات حقيقية عن عروض أو قوائم أو تصور للحكومة وللمجلس الرئاسى، وأن ذلك يرجع إلى قلة خبرة مرسى وجماعته فى هذا المجال، وهم يواجهون هذه الالتزامات للمرة الأولى فى تاريخهم بعكس النظام السابق، إذ كانت القوائم الجاهزة المعتمدة أمنيا حاضرة حتى إذا احتاج الرئيس إلى وزير جديد وجد عشرة أسماء أمامه. أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى المصرى، أكد جدية مرسى التى تواجهها مشكلات تتمثل فى، أولا حرصه على إرضاء جميع الأطراف، وهو ما يوقعه -من وجهة نظر شعبان- فى أزمة مع أطراف مثل حزب النور الذى يشترط عدم مشاركة المرأة والأقباط فى الهيئات العليا، كما أعلن عن تلقيه تأكيدات من مرسى باستبدال كلمة «أحكام الشريعة» ب«مبادئ الشريعة» كمصدر رئيسى للتشريع فى الدستور، فإذا استجاب لهذه الضغوط فسيفقد مصداقيته بالشارع، وتنفجر أزمة شعبية كبيرة، وإذا تجاهلها سيصطدم بالسلفيين. وأضاف شعبان ل«التحرير» أن مرسى يواجه أزمة مع جماعة الإخوان المسلمين، التى تتصرف كأنها تحكم مصر وكأن المرشد هو الرئيس، وهذا أيضا يربك خطوات مرسى ويجعله مترددا فى اتخاذ موقف لأنه سيدفع ثمنه، قائلا إنه «فى موقف لا يحسد عليه»، وإنه يتوقع أن يسعى للاستقلال بشخصيته كرئيس دولة خلال الفترة المقبلة. لكن الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، يرى أن تأخر رئيس الجمهورية فى تشكيل الحكومة وغموض المفاوضات حول المرشحين، يرجع إلى سير الرئيس المنتخب على طريقة الرئيس السابق مبارك، فى أن يتم التعامل مع تلك الأمور على نحو من السرية، لافتا إلى أنه قد تكون من سمات الرئيس الحالى السرية والمفاجآت، حتى لا يصطدم بالعراقيل، منوها بأن من حق الرئيس تشكيل واختيار حكومته وفق رؤيته وما يريد دون تدخل من أحد، نظرا إلى كون تلك الحكومة ستكون إحدى مسؤولياته التى سيحاسب عليها إن أصابت أو أخطأت. وتوقع عيسى أن تستمر تلك المفاوضات فترة طويلة، مؤكدا ضرورة حدوث التوافق فى النهاية على تشكيل حكومة، تستطيع إنقاذ الدولة من الانهيارات والتصدعات التى حدثت بها طوال الآونة الماضية. بينما قال عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن تأخر الرئيس مرسى فى الإعلان عن نتائج مفاوضاته لتشكيل الحكومة، قد يرجع إلى احتمالين الأول هو أن المشاورات السرية بين الرئيس والإخوان قد تكون متباينة، فقد يكون الإخوان لهم رؤية تختلف عن رؤية الرئيس والعكس صحيح، والاحتمال الثانى قد يرجع إلى رفض المرشحين تقلد مناصب فى تلك الحكومة، مما يتسبب فى تأخير الوقت، لافتا إلى أن من حق الرئيس إجراء مشاورات لاختيار الحكومة ويشكلها وفق رؤيته وليس على عجلة حتى تنتهى إلى التشكيل الأمثل فى الاختيار.