يخوض الأوروبيون سباقاً مع الزمن للتوصل إلى حل للأزمة مع اليونان، وتفادي خروجها من منطقة اليورو بعد فشل مفاوضات جديدة أول من أمس، أُرفقت بتحديد مهلة لليونان. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق حول مصير خطة الإنقاذ التي تنتهي مهلتها في 28 الجاري، ستظل اليونان قادرة على الصمود مالياً حتى الصيف المقبل ، وفق ما رأى محللون، لكن ب سيولة محدودة . واجتمع وزراء المال الأوروبيون أمس في بروكسيل في جولة جديدة من المناقشات، مع احتمال عقد اجتماع جديد استثنائي لوزراء مال منطقة اليورو ال 19 الجمعة المقبل، في إطار متابعة البحث عن مخارج لهذه الأزمة، إذ اعتبر وزير المال البريطاني جورج أوزبورن لدى وصوله إلى بروكسيل للمشاركة في اجتماع مع نظرائه الأوروبيين، أنها لحظة حرجة بالنسبة الى اليونان ومنطقة اليورو . وطلب من جميع الأطراف التوصل إلى اتفاق لأن عدم التمكن من ذلك سيرتب عواقب خطيرة بالنسبة إلى الاقتصاد والاستقرار المالي . وانعكست نتائج اجتماعات مساء أول من أمس التي انهارت بعد أقل من أربع ساعات على بدئها، بعدما كان متوقعاً استمرارها حتى وقت متأخر من الليل، على الأسواق المالية أمس التي سادها قلق من فشل المفاوضات، ما يزيد المخاوف من خروج اليونان من منطقة اليورو، واعتبر محللون في مصرف كومرتسبنك ، أن هذه الأخطار باتت بنسبة 50 في المئة . وانسحب تأثير هذه النتائج على معدلات الاقتراض بالنسبة إلى اليونان التي ارتفعت مجدداً إلى أكثر من 10 في المئة صباح أمس، فيما سجلت بورصة أثينا خسارة بأقل من واحد في المئة، بعد تراجع يزيد على نسبة 4 في المئة لدى افتتاح السوق. وستفقد اليونان من دون برنامج المساعدة من الاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، مساعدة حيوية لمصارفها وهي قروض الحالات الطارئة التي يمنحها المصرف المركزي اليوناني، لكن يجب أن تحصل على موافقة المركزي الأوروبي. إذ أوضح جورج سارافيلوس من دويتشه بنك ، أن نهاية برنامج المساعدات اليوناني ليست نقطة لاعودة، لكنها تقرّب البلاد من وقت تنفُد فيه الأموال من الحكومة . ومع نقص السيولة في المصارف ومشاكل التمويل، باتت اليونان تقترب من الإفلاس ومن الخروج من منطقة اليورو في شكل لا يمكن تفاديه. وأكد الأوروبيون أن الخيار الوحيد هو طلب اليونان تمديد برنامج المساعدة الحالي، وأُعطيت مهلة حتى نهاية الأسبوع، فيما لن تلتئم مجموعة اليورو مجدداً، في حال لم تقدم اليونان طلباً رسمياً بذلك وتتم الموافقة عليه. لكن حكومة اليسار الجديدة في اليونان ترفض في شكل قاطع أي تمديد للخطة، التي تشترط إجراءات تقشف صارمة. وتريد أثينا في المقابل فترة سماح من أربعة أشهر، للتفاوض حول مشروع مساعدة جديد. واعتبر رئيس مجموعة اليورو يورون ديسلبلوم في تصريح أمس، أن الكرة في ملعب اليونان ، موضحًا أن المرحلة الأولى من الإجراء تتمثل في طلب تمديد البرنامج، وبعد أن نقوم بذلك سيكون ممكناً التفاوض من دون ضغوط للمرحلة التالية ، لكنه اعتبر أن خطط اليونان في الوقت الحالي ليست ملموسة في شكل يكفي للتحرك . وعن قدرة اليونان على الصمود حتى الصيف، اعتبر خبير شؤون جنوب أوروبا لدى ناتكسيس خيسوس كاستيو، في تصريح إلى وكالة فرانس برس ، أن لا مشكلة تقنياً حتى الصيف، إذ يمكن الخزينة تسديد الرواتب ومعاشات التقاعد بفضل العائدات المالية، خصوصاً في ظل استقرار الموازنة . ولفت إلى أن على اليونان تسديد أكثر من 4.6 بليون يورو في مارس المقبل، من سندات خزينة قصيرة الأجل. لكن تمكن تغطية هذا المبلغ من خلال إصدار سندات مشابهة، وهو ما تقوم به الحكومة اليونانية منذ بدء الأزمة . كما يمكن أن يساعد الاقتراض من خلال إصدار سندات قصيرة الأمد في تسديد الأموال المتوجبة لصندوق النقد وقيمتها 1.2 بليون يورو تستحق الشهر المقبل. وأكد مساعد وزير المال اليوناني ديمتريس مارداس في تصريح إلى تلفزيون سكاي أول من أمس، توافر احتياط للوقت اللازم للمفاوضات . لكن كاستيو لفت إلى أن اليونان ستحتاج إلى قروض جديدة لتسديد السندات الطويلة الأجل، التي تستحق في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) المقبلين، وقيمتها 3.5 بليون يورو و3.2 بليون تباعاً . وأعلن أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة أثينا، بانايوتيس بتراكيس، عن إمكان تدبير الأمور الشهر المقبل . واستبعد حصول اضطرابات كبيرة لكن تمديد المفاوضات يمكن أن يؤثر على سيولة المصارف وأهداف الموازنة مثل النمو . ورأى كاستيو ضرورة التوصل إلى اتفاق في المبدأ، اتفاق سياسي يحدد أسس المفاوضات بحلول 28 الجاري، لأن الشركاء الأوروبيين لا يريدون الاستمرار في الترقب . وتوقع أن يجتمع وزراء مال مجموعة اليورو استثنائياً نهاية هذا الشهر، وقبل الاجتماع المقرر في التاسع من آذار المقبل. ورجح أيضاً أن يرفع المصرف المركزي الأوروبي خلال اجتماعه المقبل في 18 من الشهر المقبل، سقف القروض الطارئة للمصارف اليونانية والذي رفع الأسبوع الماضي من 60 بليون يورو إلى 65 بليوناً. وإزاء كل ذلك، لا يزال الجانب الألماني يطالب اليونان بتغيير شامل في موقفها. وفي مقابل كل المواقف القلقة، أكد وزير المالية الإيطالي، بيير كارلو بادوان، عدم قلقه، أملاً في أن تطلب أثينا في نهاية المطاف تمديد حزمة الإنقاذ .