للقارئ الذى لا يعرف من هو رؤوف توفيق الناقد والصحفى الكبير، فهو مؤلف أحد أهم أفلام السينما المصرية فى القرن العشرين على الإطلاق «زوجة رجل مهم» لأحمد زكى ومحمد خان، قدم معهما أيضا «مستر كاراتيه» وله فيلم ثالث مع خان هو «مشوار عمر»، السؤال الآن لماذا لم يقدم المزيد إذا كان يمتلك كل هذه الموهبة؟ سؤال بديهى من قارئ أو مشاهد اكتفى بقراءة السيرة السينمائية للناقد الكبير، لكن من يحالفه الحظ ويقترب أكثر من رؤوف توفيق سيكتشف الإجابة من تلقاء نفسه. رؤوف توفيق السيناريست كما الناقد والصحفى ورئيس التحرير، شخصية نادرة تحاول دائما أن تقدم إلى الناس ما تقتنع به، لم يورط نفسه أبدا فى السينما التجارية ولا الصحافة التى على نفس النسق، كان بإمكانه أن يكتب لعشرات الصحف والمجلات نقدًا من العيار الثقيل، لكنه أخلص لمجلة صباح الخير ولقارئها، أتذكر يوما خرج من مكتبه ليشرف بنفسه على وصول نسخ من المجلة طلبتها رسالة من سجين، فى فترة رئاسته لتحرير صباح الخير لا فرق بين محرر وآخر إلا بعمله وموهبته، كمحرر صغير السن محدود الخبرة كان الاقتراب من شخصية كرؤوف توفيق فرصة ربما لم أعرف أهميتها كما ينبغى إلا بعد سنوات طويلة وتجارب صحفية عديدة جعلت المقارنة بينه وبين كثيرين صعبة كون الله منحه هبة الجمع بين الأخلاق والثقافة والمهنية فى آن واحد، والأهم هو الشعور ببسطاء الناس الذين هم من المفترض الهم الأكبر لأى صحفى ملتزم بمبادئ مهنته. فى إحدى المرات كلفنى بتحقيق عن العمال الذين يراهم كل يوم يعملون فى صمت لبناء مرحلة جديدة من كوبرى أكتوبر، ملاحظة لا يراها إلا سينمائى يعرف كيف يحول الصور العادية إلى لقطات تعيش طويلا على الشاشة وعلى صفحات الكتب والجرائد والمجلات، أجمع سينمائيون كُثر على أنهم أحبوا أفلاما كثيرة لم يشاهدوها، بل كتب عنها رؤوف توفيق، كما أحببت يوما مهنة الصحافة من خلاله أيضا، هذا المقال ليس له أى مناسبة وغير مرتبط بأى توقيت سوى تحقيق رغبة قديمة فى شكر رؤوف توفيق.