العشائر.. لطالما كانت حلًا لمواجهة الأزمات التي تعصف ببلادها، في العراق وغيرها تكبد الأبناء والآباء مشقة الحرب وويلاتها.. في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة والتاريخ والهوية والمستقبل يثورون.. عشائر العراق الذين ضحوا بالمئات منذ سيطر تنظيم الدولة "داعش" على أجزاء من بلاد الرافدين، مطالبين الآن بمواصلة المسئولية في ظل بطء النجاح الذي يحققه الجيش العراقي والتحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية.. بأسلحة بسيطة وتدريب ربما معدوم يجد أبناء العشائر وشيوخها أنفسهم في خانة الملبي لنداء الوطن تحت شعار "الثورة العشائرية".. من على منبره قبل أيام دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى "ثورة عشائرية" لمواجهة "تنظيم الدولة"، وذلك خلال استقباله صهيب الراوي محافظ الأنبار، كبرى محافظاتالعراق، التي يسيطر التنظيم المتشدد على معظم أنحائها. وأفاد بيان للمكتب الإعلامي للعبادي، "الحاجة إلى ثورة عشائرية للتخلص من هذا العدو الغريب عن جسد المجتمع العراقي"، في إشارة إلى "داعش". وجدد البيان "تأكيده على أهمية أن تساهم العشائر وأبناء المحافظة في تحرير مناطقهم من التنظيمات الإرهابية التي تعيث خرابا بالمحافظة وتقتل وتهجر أبناءها". بنادق العشائر في معركة ضرب "داعش" أعلن "مؤتمر صحوة العراق" الذي يقوده الشيخ أحمد أبو ريشة - في وقت سابق - أن القوات الأمنية ومقاتلي رجال العشائر صدوا هجوما واسعا لعصابات داعش الإرهابية على منطقة "البوريشة" الواقعة في جزيرة الرمادي. وتحاول الحكومة العراقية حشد العشائر وتدريب أبنائها لقتال التنظيم في مناطق تواجده، والحؤول دون سيطرته على مناطق إضافية، لكن زعماء العشائر لطالما اشتكوا من غياب الدعم اللازم لهم عسكريا وماديا، وهو الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية وثيقة إلى الكونجرس تطلب فيها تدريب وتأهيل عشرات الآلاف من أنباء العشائر السنية في العراق كخطوة تأتي في إطار حشد الجهود في المعركة ضد تنظيم الدولة، الذي عمد خلال الأشهر الماضية، إلى تنفيذ عمليات قتل جماعي بحق العشائر التي تقف في وجهه، لا سيماعشيرة البونمر في الأنبار. "داعش" والعشائر.. محطات من القتل والإعدام الجماعي في الأول من نوفمبر 2014، قتل تنظيم "داعش" 85 فردا من عشيرة البونمر العراقية، في واقعتين منفصلتين، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن زعيم عشائري ومسؤول أمني. وقال الشيخ نعيم الكعود، أحد شيوخ العشيرة، إن "داعش" قتل 50 نازحاً من أفراد العشيرة، وفي واقعة منفصلة قال مصدر أمني إنه جرى العثور على 35 جثة في مقبرة جماعية. وفي الثاني والعشرين من الشهر ذاته قال مسؤولون محليون إن متشددي تنظيم داعش قتلوا 25 من أفراد عشيرة سنية خلال هجومهم على مدينة الرمادي غربي بغداد، للانتقام على ما يبدو من معارضة العشيرة للإسلاميين المتشددين. وأضاف المسؤولون أنه تم العثور على جثث رجال من عشيرة البوفهد بعد أن شن الجيش هجوما مضادا اليوم السبت على تنظيم داعش في قرية على الأطراف الشرقية للرمادي عاصمة محافظة الأنبار. وقال هذال الفهداوي عضو مجلس محافظة الأنبار لرويترز "بينما كانت القوات الأمنية ومقاتلو العشائر يقومون بتمشيط المناطق التي كانت تقوم بتحريرها عثرت على 25 جثة في منطقة الشجارية". ومع بداية العام الجديد، أفادت قناة "الميادين" أن "تنظيم "داعش" قتل 15 شخصاً من أبناء العشائر بالفلوجة في العراق بعد رفضهم مبايعته". العشائر.. ومطالبة العبادي بتقديم الضمانات الأمين العام لمجلس العشائر العراقية الشيخ يحيى السنبل قال إن العبادي لم يقدم شيئا مما اتفق عليه مع شركائه السياسيين لتلبية مطالب العرب السنة بوصفهم أصحاب وطن، موضحا أن أربعة ملايين من العرب السنة هجروا وبقي تحت القصف قرابة أربعة ملايين آخرين. وعدّد السنبل نقاطا قال إن العبادي لم ينفذها وفي مقدمتها وقف قصف المدن، والعفو العام "الذي نسمع به منذ 2011 ولم يصل إلى البرلمان ولم يناقش، وتعديل المادة المسماة "4 إرهاب" والمشهورة باسم "4 سنّة" من قانون مكافحة الإرهاب، والتي تعتمد على المخبر السرّي. وطالب بقرارات "شجاعة" يتخذها العبادي "دون أن يأخذ إذنا من إيران أو أميركا"، مؤكدا أن تنظيم الدولة لا يمكن اعتباره عراقيا سنيا، ومع هذا شدد على أن العرب السنة لن يقاتلوا نيابة عن إيران. 3 مميزات لمشاركة العشائر في الحرب على داعش يرى الكاتب بديع يونس أن أهمية دور العشائر في الحرب ضد داعش لا يختلف عليها اثنان، فمكافحة هذا التنظيم المتطرف لا يمكن أن تتم إلا بمساهمة العشائر السنية العراقية لأسباب عديدة أبرزها متعلق بإفقاد سببيّة مهمة في استراتيجية داعش التسويقية - هذا التنظيم الذي يعوّل في انتشاره على التعبئة المذهبيية في أحيان كثيرة - وقد ساعده حكم المالكي سابقا بتغذيتها حين قام بتهميش ممنهج للسنة في العراق. أولا: العشائر هي ابنة الأرض والمساحة الجغرافية التي يسيطر عليها داعش، بالتالي فهي أكثر من يعرف طبيعة هذه المنطقة. ثانيا: فإنّ محاربة العشائر السنية داعش واصطفافها الى جانب حكومة العراق يلغي يمنع الصراع الحرب على الإرهاب من اتخاذها منحىً مذهبيا أو طائفيا. ثالثا: إنّ وحدة العشائر مع الحكومة تقوّي العراق الذي قامت سياسة المالكي سابقا بشرذمته وتغذية الشعور المذهبي فيه على حساب "العراق الواحد".