ذكر خبر شبه اعتيادى الآتى: «إبطال مفعول قنبلة عثر عليها بشارع جامعة الدول العربية» حيث أوضح المصدر أنها وجدت بحوض زرع بجانب أحد المحلات التجارية، نقطة وانتهى الخبر. ولكن ما أغفله الخبر أن القنبلة استهدفت خدمة أمن مركزى توجد فى المكان منذ الخميس إلى الأحد أو الإثنين، استعدادًا لمواجهة أى مظاهرات محتملة يوم الجمعة، ولذا فقد زُرعت فى منتصف الأسبوع حين لا توجد القوة انتظارًا لقدومها. إذن فالقنبلة كانت تستهدف جيراننا الجدد الذين يصطفون منذ أشهر فى شارعنا داخل سيارات الأمن المركزى أو على رصيف المحل المذكور ويشربون الشاى تحديدًا بجوار حوض الزرع المذكور. لم أرَ بعينى هذه القوة تتصدى لأى تظاهرات، بل كنت أشفق على حالهم وهم يصطفون فى الشارع دون مهمة محددة، وأتساءل: كيف يمكن للأمن أن يتحقق بهذا الهدر؟! هدر لوقت وجهد هؤلاء الجنود والضباط فى الشارع دون مبرر حقيقى، وإذا كان المبرر هو المظاهرة التى تمر وتختفى بأقل من دقيقتين، فهل يعقل أن يقضوا خمسة أيام فى الشارع انتظارًا لدقيقتين؟! وهل الدقيقتان ستهددان حقا أمن الدولة وتزعزعان استقرارها؟! هذا التعاطف تجاه الأمن المركزى فى شارعنا مستجد، فلم يكن هذا شعورى بالتأكيد تجاه القوة التى تمركزت بذات المكان منذ 23 يناير 2011 استعدادًا لليوم المشهود، ثم تفرقت ليلة 29 وخلعت الملابس الميرى لتختفى وسط الجموع. لكنهم حينها كانوا بعدد أكبر ورتب أهم وضوضاء أعلى وعلب وجبات فارغة فى أركان الشوارع المحيطة. وظهر يوم 25 يناير 2011 فى تمام الساعة الثانية وبضع دقائق اصطف جنود الأمن المركزى على جانبى شارع جامعة الدول العربية لمواجهة القادمين من ناهيا وبولاق وما حولهما. كانوا يتوزعون بطول الشارع وبعمق أربعة صفوف لمواجهة المظاهرة القادمة ومنعها من المرور لميدان مصطفى محمود. ثم سمعت الجموع الهادرة من بعيد وهى تردد مصر.. مصر بلحن التشجيع الكروى الشهير، فخطر لى أن هؤلاء ليسوا المتظاهرين المعتادين على سلم نقابة الصحفيين، بل جمهور جديد للمظاهرات ولا بد أنهم سيغيرون موازين القوى فى الشارع. وقبل أن أنتهى من هذه الخاطرة كانت الجموع تطيح بصفوف العساكر وتمر وتمر وتمر بأعداد كبيرة تفوق العساكر المصطفة وتجعلها عاجزة تمامًا عن عمل أى كوردون. وهنا استيقنت من حجم الحدث القادم، فهذه الجموع، مثلما مرت عنوة واكتسبت أرضًا، لن تتراجع بسهولة. ولذا فالكوردون لاغٍ ولا قيمة له. أما عن جيراننا الجدد اليوم فلا أفهم لماذا يوجدون هناك والتظاهرات قد اختفت ولم يبق لها أثر بل على العكس صاروا هدفًا للتفجير بدلا من أن يكونوا سببًا للاستقرار؟! فلو انفجرت القنبلة لكانت دمرت الواجهات الزجاجية للمبانى والمحال ولوصلت شظاياها للمتنزهين بالحديقة المجاورة، وبالطبع لأصابت الضباط والجنود فى مقتل، لا قدَّر الله. ولذا فالعبرة ليست برص الجنود بالشارع لتوفير الأمن، بل قد يكون ذلك داعيًا لتهديد الأمن وتعريض الأرواح والممتلكات للخطر. حتمًا هناك حل أذكى، وقد لا يكون أمنيا صرفًا لدحر الإرهاب وتخفيف حدة التظاهرات.