أراد بحديثه عن سائقي القطارات و التوك توك طرح لغة دافئة بعيدة عن قول المخلوع المعتاد محدودي الدخل مرسي جاء في خطابه ابن فكرته فبدأ بداية اشبه بخطيب المسجد لكن هدف من المضمون الطمأنة انه رئيس للجميع الخطاب «الأول» للرئيس المدني «الأول» للجمهورية المصرية «الثانية» بعد نجاح ثورتها الشعبية 25 يناير، وهو ما يجعل لهذا الخطاب بالتأكيد وضعية خاصة، فإلى أي مدى عبر عن كل هذه المعاني السابقة وإلى أي مدى استطاع أن يوُجد داخل مكان به لكل مصري على اختلاف أفكارهم وطوائفهم ومواقفهم، هذا ما حاولنا استقرائه مع أحد أهم المتخصصين في هذا المجال أستاذ تحليل الخطاب بكلية الإعلام جامعة القاهرة «محمود خليل» الذي بدأ في حديثه ل «التحرير» من نتيجة عامة قد تكون هى الأبرز بالفعل وهي أن الهدف الرئيسي كان محاولة «مرسي» الانتقال من موقع «الرئيس» إلى «الزعيم» وقال نصاً «بلا شك أن اللغة التي تحدث بها مرسي بشكل عام جاءت مناسبة للمقام وللموقف وللتوقيت ولكن كان الأمر الأكثر وضوحاً بالنسبة لي هو محاولته من خلال هذه اللغة الدخول إلى دائرة الزعامة». تفصيلاً علق «خليل» على أكثر من نقطة بالخطاب بدأها بالتوقيت، فوجده مناسباً جدا لأن الشعب المصري كان في حاجة إلى إن يستمع لرئيسه بعد إعلان النتيجة بشكل رسمي، وأضاف «كان هدفه طمأنة الرأي العام الداخلي والخارجي بصورة متساوية، فالداخلي من خلال التأكيد على معاني التسامح والمصالحة الوطنية فهورئيس للجميع وليس لفصيل والأهم لكل الطوائف فرددها أكثر من مرة «المصريين مسلمين والمسيحيين» أما طمأنة الخارج فظهرت جلية في تلك العبارات التي أكد فيها أن مصر ملتزمة بكافة الاتفاقيات التي وقعت عليها قاصداً بهذه العبارات بالتحديد كل من أمريكا وإسرائيل ولكنه من حيث أراد طمأنتهم فقد مسً جزء كبير من الرأى العام الداخلي خاصة الثوري منه الذي ينتظر من الرئيس القادم إعادة النظر في طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية وكذا الاتفاقيات التي تحكم مصر وإسرائيل. «التوك توك» كان جزء آخر في تحليله، فأشار إلى توفيق «مرسي» في استخدام لغة بسيطة محملة بالدفء بعيدة عن الاستعلاء، وقال أن المواطن اعتاد عبر سنوات إلى رئيس يخاطبه من فوق بنظرة استعلائية وبلغة متعالية كقول المخلوع المعتاد «محدودي الدخل» وإعتقد أنه قد تم تنبيه «مرسي» لذلك فحاول من خلال مفردات خطابه استقطاب الرأى العام بالترديد المتسمر للفئات الشعبية وتعديديها مهنة مهنة إلى حد تفصيل أنواع السائقين وكذلك تكرر الأمر فيما يخص المحافظات والأقاليم، و جميعها «حيل لغوية» من الطبيعي أن يفتش كل رئيس في خطابه عن ما يناسبه منها. حيلة أخرى أشار لها «خليل» وهي الاستشهاد بالآيات القرآنية سواء في مفتتح الخطاب أو في ختامه وهو أمر أصيل في الثقافة العربية لكنه عكس بنفس الوقت فكرة عامة يجب التسليم بها أنه رغم طرحه نفسه كرئيس للجميع فهو ابن فكرته ومنتمي لها حتى النخاغ وجاءنا بلغة خندق الإسلام السياسي القادم منه مثل «الولاية» و«الطاعة» خاصة أنه يعرف أن هذه التيارات هي من وقفت خلفه بصورة أساسية أما من خارجها فجاء كتصويت عقابي، أشار «رؤساء سابقين استشهدوا واستخدموا التناص من لغة القرآن خاصة السادات لكنها بالتأكيد المرة الأولى التي يتحدث بها الرئيس بصورة أشبه بخطيب المسجد خاصة فيما يتعلق باستهلال حديثه بآية قرآنية هى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعون» و إن كانت هذه الآية حملت أيضاً هجوم فوري ومباشر على «النظام القديم» ممن كان يفرح أفراده بما كانوا يجمعون، لكن تطور هام في هذا الخطاب الإسلامي أشار له خليل وهو فقرة «اطيعوني ما أطعت الله فيكم» وأضاف «أتصور أن هذه نقلة في الفكر السياسي الإسلامي الذي طالما تعرف عليه الناس من خلال مبدأ «عدم الخروج عن الحاكم» و «إطاعة الإمام» ولكن ننتظر تصديقه فعلاً. وليس هذا هو الأمر الوحيد المنتظر تصديقه من خلال الفعل في رأيه، فقال «خليل»: «الخطابة أن جاءت لغته مناسبه إلى حد كبير كخطاب فإن هذه اللغة الإنشائية لا يمكن أن تستمر ولو لخطاب واحد تالي، فهناك انتظار لإجابات واضحة – خاصة بالنسبة للشارع الثوري من بينها السؤال الخاص بقسم اليمين الولاء والإعلان الدستوري المكمل والحكومة الجديدة فقد وصل الرجل إلى الحكم لكن مشواره للوصول إلى السلطة ما زال بعيدا و يجب أن يظهر بشكل إجرائي في خطاباته التالية».