واشنطن تراقب بقلق وتترقب بحذر الأوضاع فى مصر، وإن كانت تعيش «حالة من الصدمة والذهول» (أو هكذا تبدو) فى محاولة منها لرصد وفهم وإدارة أزمة الساعات الأخيرة التى تشهدها القاهرة قبل الانتخابات الرئاسية. «الارتباك فى مصر يترك أمريكا فى حيرة»، هذا ما قالته «وول ستريت جورنال» لتنقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم بأنهم لا يعرفون بعد تبعات حكم المحكمة الدستورية. وحرصت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية على القول بأنه «لا عودة إلى الوراء» للانتقال الديمقراطى الذى دعا إليه الشعب المصرى، وإن أبدت تحفظها تجاه قانون الضبطية بالقول «حتى إذا كانت خطوة مؤقتة إلا أنها يبدو قد تزيد من سلطات العسكر فى القبض على المدنيين وحدوث تراجع فى الحريات المدنية». كما أن فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية، قالت بعد ساعات من صدور الحكم «لقد قلنا منذ البداية أننا نريد أن نرى المصريين يحصلون على ما قاتلوا من أجله، وهو نظام حر وعادل وشفاف من الحكم». واهتمت «واشنطن بوست» بتفاصيل ما يحدث فى مصر بتقرير من القاهرة على الصفحة الأولى تحت عنوان «أحكام قضائية تدعم حرس مصر القديم»، فى حين وصفت «نيويورك تايمز» بأن ما حدث يعد «ضربة للانتقال فى مصر»، أما «وول ستريت جورنال» لم تكتف فقط بمتابعة التغيرات المتوالية فى المشهد المصرى بل نشرت افتتاحية بعنوان «مفاجأة يونيو فى مصر» لتحليل وانتقاد عواقب الأحكام الصادرة والتحذير مما قد يحدث فى مصر من العودة إلى الماضى من جديد. إلا أن «الخبطة الكبرى» تأتى فى مقال للكاتب الأمريكى الكبير ديفيد أجناشيوس فى «واشنطن بوست»، وهو يكتب من القاهرة بعد لقاء له مع القيادى الإخوانى خيرت الشاطر. اللقاء تم يوم الثلاثاء الماضى واستمر 90 دقيقة. توقع فيه الشاطر بوقوع عنف إذا فاز شفيق. قائلا: «الشعب المصرى لن يقبل شفيق رئيسا، ومن اليوم الأول لإعلان هذا فإن الشعب سيعود إلى ميدان التحرير. وإذا كان خيار الشعب هو التظاهر فنحن سننضم إلى الشعب». كما حذر الشاطر «بأن الدول الأجنبية يجب أن لا تتحرك بسرعة وتعترف بشفيق رئيسا». وقال الشاطر أيضا: «إن الثورة القادمة قد تكون أقل سلمية وأكثر دموية من تلك الثورة التى أطاحت بمبارك»، وأضاف: «قد يكون أمرا صعبا التحكم فى الشوارع. بعض الأحزاب لا (الإخوان المسلمين) قد تلجأ إلى المزيد من العنف والتطرف.. عندما يجد الناس أن الباب المؤدى إلى التغيير السلمى قد أغلق فهذا دعوة للعنف». ويحذر أجناشيوس من تبعات ما حدث فى الأيام الأخيرة، بناء على ما أجراه من حديث مع خيرت الشاطر، ولاحظ الكاتب الأمريكى أن صوت الشاطر أصبح جهوريا (كأنه يهتف) عندما كان يحذر من مخاطر فوز شفيق. ولا يتردد أجناشيوس فى القول إن الشاطر هو المسؤول الإخوانى الذى استثمرت فيه واشنطن أكثر من أى إخوانى آخر، وترى فيه القوة وراء مرسى. ويشير الكاتب الأمريكى المطلع عن قرب بآليات وصناعة القرار فى واشنطن إلى أن إدارة أوباما التى راهنت كثيرا على الثورة المصرية مستعدة لكلا الاحتمالين بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية. ويقول «إذا فاز مرسى فإن واشنطن سوف تسرع بإرسال مساعدة اقتصادية علما بأن عليه أن يقدم برامج اقتصادية. وإذا فاز شفيق فإن الولاياتالمتحدة تتوقع تعاملا قاسيا مع المتظاهرين فى الشوارع، وسوف تعمل أن لا تكون المواجهة أكثر دموية». ويذكر أيضا أن البيت الأبيض يعتقد أن انتصار مرسى قد يكون الأفضل للانتقال الديمقراطى، إلا أن هذا قد يثير بعض القضايا الشائكة فى السياسة الخارجية. كما أن الكاتب الأمريكى وهو يقدم تصور القيادى الإخوانى لمصر المستقبل يذكر أن الشاطر فى حديثه قال له إن الحكومة الجديدة ستكون على استعداد للإبقاء على بعض المسؤولين الكبار فى المخابرات الذين لديهم تقدير عال من قيادات الاستخبارات فى الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأوروبا. وأعرب عديد من المراقبين لتطور الأحداث أو تدهورها فى مصر عن أن أى انهيار للديمقراطية فى مصر الآن مع ما يحدث من تصاعد للعنف فى سوريا سيعطى الفرصة لشن هجوم شرس على الإدارة والرئيس. وبالفعل بدأت بعض الدوائر اليمينية وأيضا مراكز الفكر فى شن هجوم شرس على أوباما وتردده وتخطبه فى التعامل مع «الربيع العربى».