مبانٍ تتصاعد منها ألسنة اللهب والدخان، ومحلات منهوبة، وسيارات محطمة، ورائحة لحم بشرى محترق.. هى بلدة الحفة بمحافظة اللاذقية التى بدت لبعثة مراقبى الأممالمتحدة إلى سوريا، كمدينة أشباح، عندما دخلوها الخميس، بعد اشتباكات عنيفة لأيام بين قوات الرئيس الأسد ومقاتلى المعارضة. كان المراقبون يحاولون دخول البلدة منذ أسبوع إثر مخاوف أثارها نشطاء حول تعرضها لهجوم وحشى من جانب قوات النظام، لكنهم وجدوا يوم الخميس، المستشفى الرئيس بالبلدة محترقا، وكل المبانى الحكومية، ومقر حزب البعث مخربة تماما بينما وجدوا جثة واحدة ملقاة على رصيف. ما جرى لسكان المدينة التى تبعد نحو 27 كيلومترا عن مركز محافظة اللاذقية، يظل علامة استفهام كبيرة، لكن نشطاء يقولون إن قتلى بالعشرات سقطوا فى صفوف القوات النظامية والمعارضة على السواء، بينما فر معظم السكان، ويقدر عددهم بأكثر من 20 ألف شخص، شمالا باتجاه الحدود التركية القريبة. الحكومة السورية قالت إنها حررت البلدة من «إرهابيين» ارتكبوا «جرائم بشعة» بما فيها القتال والنهب وإحراق المستشفى الحكومى وغيره من مؤسسات الدولة. وفى المقابل لم يصدر عن بعثة المراقبين أى بيانات عما إذا كان الدمار الذى لحق بالحفة نجم عن قصف أم معارك شوارع أم تخريب أم كل هذه العناصر مجتمعة. لكن الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند اتهمت السلطات السورية بمنع المراقبين من دخول الحفة حتى انتهت من عملياتها فيها على حد قولها. وبالنسبة إلى النظام السورى، تمثل معركة الحفة نجاحا تكتيكا له، إذ يعنى ذلك أن القوات النظامية تظل قادرة على استعادة أى معاقل للمعارضة المسلحة ومنع وجود «مناطق محررة» بشكل دائم. وتقول صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية إن هذا النهج لا يبدو أنه تغير، رغم تقارير عن مكاسب تحققها قوات المعارضة، وانشقاقات عسكرية متزايدة وحصول المقاتلين المتمردين على تسليح أفضل. من ناحية أخرى، أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، بأنه عُثر على 9 جثث مساء الخميس فى بلدة حمورية فى ريف دمشق بعضهم «قُتل ذبحا»، مما يرفع عدد ضحايا عنف الخميس إلى 84 قتيلا وفق نشطاء المعارضة. وقال ناشطون معارضون إن القوات السورية ارتكبت «مجزرة» فى هذه البلدة «على أساس طائفى». لكن فى المقابل، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أن السلطات «ألقت القبض على عنصر فى تنظيم القاعدة كان ينوى القيام بعملية انتحارية خلال صلاة اليوم (أمس) الجمعة داخل جامع الرفاعى الشهير فى وسط دمشق». بموازاة كل هذا، يعقد ممثلون عن مختلف تيارات المعارضة السورية الجمعة والسبت فى إسطنبول اجتماعا لبحث سبل تجاوز خلافاتهم وكيفية التعامل مع النظام السورى.