ما زال دستور المصريين يأبى على الكتابة، فرغم انتخاب أعضاء مجلسى الشعب والشورى للمرة الثانية أعضاء اللجنة التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور، فإن مصير «التأسيسية» الجديدة ما زال مرهونا برؤية القضاء لشرعيتها من عدمه، حيث تلقت محكمة القضاء الإدارى التى سبق وأبطلت تشكيل اللجنة التأسيسية الأولى أمس ثلاث دعاوى قضائية ضد رئيس مجلسى الشعب والشورى، إضافة إلى وزير مجلسى الشعب والشورى، تطالب بوقف تنفيذ قرار انتخاب أعضاء مجلسى الشعب والشورى ضمن تشكيل اللجنة التأسيسية. الدعاوى طالبت أيضا ببطلان قرار تشكيل اللجنة التأسيسية الصادر بتاريخ 12 يونيو الجارى، واعتباره كأن لم يكن وانعدام آثاره القانونية، إضافة الى عدم دستورية قانون معايير انتخاب أعضاء «التأسيسية». الدعاوى التى أقامها المحامون شحاتة محمد شحاتة، مدير المركز المصرى للنزاهة والشفافية، ومبروك محمد حسن ،وقيدتها محكمة القضاء الإدارى أمس بأرقام 4685 لسنة 66 قضائية و6646047 لسنة 66 قضائية، استندت إلى أن أعضاء مجلسى الشعب والشورى تحايلوا على حكم القضاء الإدارى الصادر بوجوبية اختيار جميع أعضاء اللجنة التأسيسية من خارج البرلمان، وتعمدوا الالتفاف على الحكم، ومخالفته تحت ذريعة أنه مجرد تمثيل حزبى، وكأن الأحزاب لا تضم أعضاء سوى أعضائها فى مجلس الشعب. الدعاوى أكدت أن المادة 60 من الإعلان الدستورى حددت فيه صراحة وبوضوح وفى غير لبس كيفية تشكيل هيئة الناخبين (الاجتماع المشترك)، والمهمة التى تقوم بها، ثم حدد بعد ذلك مهمة اللجنة التأسيسية، فالأولى تتولى انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية، والثانية تتولى إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد، وهما مهمتان منفصلتان غير متداخلتين، وهذا التحديد الواضح بتشكيل واختصاص كل منهما، يقتضى الالتزام بالحدود المرسومة لهما دون تداخل أو خلط بما يحول دون أن يكون أى من المشاركين فى الاجتماع المشترك من بين الأعضاء الذين يتم اختيارهم بطريق الانتخاب كأعضاء فى اللجنة التأسيسية، ولهم فقط أداء المهمة المحددة فى المادة (60) من الإعلان الدستورى التى قصرتها على عملية انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية، والذى يقتضى بطبيعة الحال وضع الضوابط والشروط اللازم توافرها فيمن يرشح نفسه لعضوية اللجنة التأسيسية ويكون مؤهلاً للاشتراك فى وضع وإعداد دستور جديد لمصر، ثم تتولى بعد ذلك وفقا لضوابط وقواعد الانتخاب اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية -وهم مئة عضو- من بين من توافرت فيهم شروط الترشح من العناصر المؤهلة لهذه المهمة. المحامون برروا دفعهم بعدم دستورية قانون معايير أعضاء «التأسيسية» الذى اختار بموجبه أعضاء البرلمان بأنه قانون لقيط لا يستند إلى أى مادة فى الإعلان الدستورى، لأن المادة 60 قصرت دور أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى أمر واحد فقط، وهو انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية، ولم تتطرق إلى أكثر من ذلك، لافتين إلى أن القانون صدر بمشاركة الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب، وهو ما يخالف المادة 60 من الإعلان الدستورى. الجدير بالذكر أن محكمة القضاء تلقت أول من أمس دعوى قضائية مقامة من المحاميين خالد فؤاد وإيهاب الطماوى، تطالب ببطلان تشكيل «التأسيسية» الجديدة، بسبب وجود أعضاء برلمانيين ضمن تشكيلها، وبذلك يكون عدد الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإدارى ضد التشكيل الجديد للجنة التأسيسية بعد أقل من 24 ساعة على تشكيلها هو أربع دعاوى قضائية، وما زالت المحكمة تتلقى مزيدا من الدعاوى.